واشنطن تستبق محادثات مسقط بعقوبات على إيران

الكثير من الإيرانيين متشائمون بعد توتر وعقوبات على مدى عقود، مشككين في أن تسفر محادثات مسقط عن نتائج تنهي تجنب بلادهم الضغوط المالية والعسكرية.

واشنطن/طهران – أعلنت وزارة الخزانة الأميركية اليوم الأربعاء فرض عقوبات جديدة على إيران، وذلك بعد يومين من إعلان الرئيس دونالد ترامب عزم الولايات المتحدة إجراء محادثات مباشرة مع طهران بشأن برنامجها النووي.

وقالت الوزارة في بيان إن العقوبات تستهدف خمسة كيانات إضافة إلى شخص واحد في إيران لدعمهم البرنامج النووي الإيراني، مضيفة أن العقوبات تهدف إلى منع طهران من امتلاك سلاح نووي.

وأوضحت أن الكيانات المستهدفة لعبت دورا مهما في دعم كيانين مسؤولين عن البرنامج النووي الإيراني سبق أن خضعا لعقوبات، وهما منظمة الطاقة الذرية الإيرانية وشركة تكنولوجيا الطرد المركزي التابعة لها.

ويأتي الإجراء بعد تعليقات مفاجئة لترامب يوم الاثنين أعلن خلالها أن الولايات المتحدة وإيران ستجريان محادثات مباشرة بشأن البرنامج النووي الإيراني يوم السبت في سلطنة عمان، لكن وزير الخارجية الإيراني قال في وقت لاحق إن المناقشات في عمان ستكون غير مباشرة.

وفي إشارة إلى صعوبة التوصل إلى اتفاق بين الخصمين حذر ترامب من أن "إيران ستكون في خطر كبير" إذا فشلت المحادثات.

وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان إن شركة تكنولوجيا الطرد المركزي الإيرانية تُعد عنصرا أساسيا في جهود إيران لتخصيب اليورانيوم من خلال إنتاج أجهزة الطرد المركزي.

أما الشخص المستهدف بالعقوبات الجديدة فهو مجيد مسلط العضو المنتدب لشركة أتبين ايستا للتكنولوجيا والهندسة، والتي ذكرت وزارة الخزانة الأمريكية أنها تساعد شركة تكنولوجيا الطرد المركزي في الحصول على مكونات من موردين أجانب.

وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت في البيان "سعي النظام الإيراني المحموم لامتلاك أسلحة نووية لا يزال يُشكل تهديدا خطيرا للولايات المتحدة، وتهديدا للاستقرار الإقليمي والأمن العالمي".

ويأتي ذلك بينما تفاعل الإيرانيون الذين أنهكتهم العقوبات القاسية على مدى سنوات طويلة والقلق من التهديد الأميركي بعمل عسكري، مع احتمال إجراء محادثات في مطلع الأسبوع المقبل بالتعبير عن الأمل في خروجها بنتائج إيجابية مما عزز سوق الأسهم والعملة الإيرانية.

ومن المقرر أن تتناول المحادثات الأميركية الإيرانية في سلطنة عمان النزاع الطويل بين إيران والغرب بشأن برنامج طهران النووي، رغم أن مسؤولين إيرانيين يشككون في إمكانية إحراز تقدم.

العقوبات الأميركية أثرت سلبا على الاقتصاد الايراني
العقوبات الأميركية أثرت سلبا على الاقتصاد الايراني

وظل كثيرون في إيران، متشائمين بشأن المستقبل، لكن حتى الفرصة الضئيلة السانحة للتوصل إلى اتفاق مع رئيس أميركي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته والذي كثيرا ما تفاخر بمهاراته التفاوضية أعطت بعضهم القليل من التفاؤل.

وأعلن ترامب عن المحادثات يوم الاثنين. وبحلول اليوم الأربعاء، ارتفعت قيمة الريال الإيراني الذي هبط إلى مستوى قياسي منخفض بلغ 1050 ألفا مقابل الدولار، والذي غالبا ما تتأثر قيمته بالتحولات الجيوسياسية في إيران، ارتفاعا طفيفا إلى 999 ألفا مقابل الدولار.

وارتفعت بورصة طهران بنسبة 2.16 بالمئة أمس الثلاثاء، وهو أفضل أداء لها منذ يناير/كانون الثاني، مع تحول المستثمرين من الملاذات الآمنة في الذهب والعملات الأجنبية إلى الأسهم المحلية. وارتفعت السوق بنسبة 1.1 بالمئة أخرى في التعاملات المبكرة اليوم الأربعاء.

وساد التوتر علاقات إيران مع قوى غربية ودول كبرى أخرى خلال معظم العقود التي تلت الثورة الإسلامية في 1979، خاصة منذ 2003 عندما أصبح النزاع حول برنامجها لتخصيب اليورانيوم في الصدارة.

وقال أمير حميديان، وهو موظف حكومي متقاعد في طهران "عانينا لسنوات من هذا النزاع. حان الوقت لإنهاء هذه المواجهة. نريد أن نعيش حياة طبيعية دون عداوات ودون ضغوط اقتصادية على وجه الخصوص".

وأضاف حميديان، وهو أب لثلاثة يعادل راتبه الشهري حوالي 120 دولارا "لا أريد أن تتعرض بلادي للقصف... الحياة مكلفة للغاية بالفعل. قوتي الشرائية تتقلص كل يوم".

وقال أربعة مسؤولين إيرانيين لرويترز في مارس/آذار إنه على الرغم من خطابها المتشدد، تشعر المؤسسة الدينية في إيران أنها مضطرة للموافقة على المحادثات بسبب مخاوف من أن يؤدي الغضب من تدهور الاقتصاد إلى اندلاع احتجاجات.

ويرى خبراء اقتصاد أن تخفيف العقوبات قد يخفض تكاليف الاستيراد ويعزز أسعار الصادرات للشركات الإيرانية، لكن المستثمرين الحذرين يتمسكون بالمراهنات قصيرة الأجل وسط شكوك بشأن ما ستسفر عنه المحادثات المقرر عقدها يوم السبت.

ويشكك العديد من الإيرانيين العاديين في أن تأتي المحادثات بنتائج بعدما شهدوا جهودا متكررة غير مثمرة لحل الأزمة بين الحكومة والغرب.

وعبرت مينو (32 عاما)، وهي ربة منزل وأم لطفلين من مدينة أصفهان بوسط البلاد، عن تشاؤمها. وقالت "لن يكون هناك اتفاق. هناك فجوة كبيرة بين الجانبين. ترامب سيقصفنا. ماذا نفعل؟ إلى أين نذهب؟ سحبت كل مدخراتي من البنك ليكون معي بعض النقود في المنزل إذا هاجمت الولايات المتحدة أو إسرائيل إيران".

وأعلن ترامب أنه سيتبع مجددا سياسة "أقصى الضغوط" مع إيران، وهي سياسة ساهمت خلال ولايته الأولى بين عامي 2017 و2021 في وضع الاقتصاد الإيراني على شفا الانهيار عن طريق فرض عقوبات على صادرات النفط رغم أن طهران وجدت طرقا للتهرب من الحظر.

وأكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مرارا أن العقوبات جعلت مشكلات البلاد الاقتصادية أصعب مما كانت عليه خلال الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينات القرن الماضي.

وقالت مهسا (22 عاما)، وهي طالبة جامعية من مدينة ساري في شمال البلاد "سأموت من القلق، طفح الكيل. ليس عليكم إلا أن تتوصلوا إلى اتفاق وتنهوا بؤسنا".

وينظم إيرانيون مظاهرات بين فترة وأخرى منذ 2017 احتجاجا على تدني مستويات المعيشة وللمطالبة "بتغيير النظام"، لكن بعض غلاة المحافظين يثقون في الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي الذي له القول الفصل في شؤون الدولة بموجب هيكل السلطة المعقد للجمهورية الإسلامية.

وقال محمد أمين حسيني (27 عاما) من مدينة مشهد بشمال شرق البلاد "زعيمنا الأعلى على دراية تامة بالوضع وسيخرجنا من المأزق. وسندعمه مهما كان قراره".