واشنطن تصادر 7 مليارات من أموال أفغانستان لضحايا هجمات سبتمبر
واشنطن/كابول - وقّع اليوم الجمعة الرئيس الأميركي جو بايدن في إجراء غير معهود أمرا تنفيذيا يسمح للولايات المتحدة بالتصرف بسبعة مليارات دولار من أموال البنك المركزي الأفغاني مودعة لدى مؤسسات مالية أميركية، يريد تخصيص نصفها لعائلات ضحايا 11 سبتمبر/أيلول، في تصرف وصفته حركة طالبان بأنه "سرقة" تعكس "انحطاطا أخلاقيا" لدى الولايات المتحدة.
وكتب المتحدث باسم طالبان محمد نعيم على تويتر "سرقة ومصادرة مال الشعب الأفغاني من جانب الولايات المتحدة تشكلان أدنى مستوى من الانحطاط الإنساني والأخلاقي لدى بلد وأمة".
وأوضح البيت الأبيض أن بايدن استخدم "صلاحيات اقتصادية خاصة" يمنحه إياها قانون عائد للعام 1977 وينوي تحويل هذه الأصول على حساب مجمد للاحتياطي الفدرالي في نيويورك وهو مؤسسة عامة. وعادة ما تكون أصول المصارف المركزية سندات مالية أو عملات أجنبية أو ذهبا.
ويريد الرئيس الأميركي تخصيص نحو نصف هذا المبلغ لتعويضات طالبت بها عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول وإنفاق النصف الآخر على المساعدات الإنسانية في أفغانستان بطريقة لا تقع في أيدي طالبان، على ما أوضح البيت الأبيض.
وأشار مسؤول كبير في البيت الأبيض خلال مؤتمر صحافي إلى أنه "من المهم جدا أن نحصل على 3.5 مليارات دولار ونتأكد من استخدامها لصالح الشعب الأفغاني"، ومن جانب آخر، ضمان أن تتمكّن أسر ضحايا الإرهاب "من إسماع صوتها" أمام القضاء الفدرالي الأميركي.
ويقضي الإجراء بوضع مبلغ 3.5 مليارات دولار تقريبا في الاحتياط بانتظار البت في الإجراءات القانونية التي باشرتها العائلات المطالبة بحجز أصول أفغانية.
وأقر المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه بأن سلسلة الإجراءات التي بادر إليها البيت الأبيض "معقدة من الناحية القانونية"، مشيرا إلى أن إعلان الجمعة كان مجرد بداية عملية قد تستغرق أشهرا.
وهذا المسار الذي اختاره الرئيس الأميركي سيثير الكثير من الجدل في ما تشهد أفغانستان أزمة إنسانية خطرة.
وطالبت حركة طالبان بالتحكم بأصول البنك المركزي الأفغاني فيما حثت روسيا خصوصا، الولايات المتحدة على الإفراج عن هذه الأصول.
وبلغت الاحتياطات الإجمالية للبنك المركزي الأفغاني نهاية أبريل/نيسان من العام الماضي 9.4 مليارات دولار، بحسب صندوق النقد الدولي.
وهذا المبلغ الذي أودع قبل عودة طالبان إلى السلطة في أغسطس/اب من الماضي، يُحتفظ به في الخارج والجزء الأكبر منه في الولايات المتحدة.
وإدراكا منهم على الأرجح للجدل الذي سيثيره قرار بايدن، أوضح مسؤولو البيت الأبيض أن احتياطات البنك المركزي الأفغاني "تعود إلى المساعدات المتواصلة والكبيرة التي تلقتها أفغانستان من الولايات المتحدة ومن أطراف مانحة دولية أخرى خلال عقدين".
وأشار البيت الأبيض كذلك إلى أن الولايات كان مزود أفغانستان الرئيسي بالمساعدات، مشددا على أن هذه المساعدات الثنائية تبقى منفصلة عن إجراءات تجميد أصول البنك المركزي الأفغاني.
وقال البيت الأبيض في بيان "سيسمح هذا المرسوم بالاحتفاظ بجزء كبير من احتياطات أفغانستان لصالح الشعب الأفغاني، إلا أننا ندرك أن مشاكل أفغانستان الاقتصادية التي فاقمتها سيطرة طالبان على السلطة، ليس لها حل بسيط".
وتواجه حكومة طالبان التي لم تحظ باعتراف دولي رسمي، مصاعب مالية وحالة من الاضطراب المالي مع تفاقم المشاكل الاجتماعية. وسبق لها أن دعت للإفراج عن الأموال والأصول المجمدة وحثت العالم على فتح قنوات للتواصل.
ولم تصدر ردود فعل دولية على الإجراء الأميركي، لكن من المتوقع أن تكون روسيا والصين على رأس المنددين بالإجراء الأميركي غير المعهود والمثير لاسئلة كثيرة من بينها لماذا اختار بايدن دون سواها هذا المسار.
وتحمل بعض الدول وبينها موسكو والصين، واشنطن المسؤولية عن الانسحاب الفوضي من أفغانستان وعن الأزمات الاجتماعية التي تفاقمت بعد سيطرة طالبان على الحكم.
وفي عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وقعت طالبان وواشنطن اتفاقا تاريخيا في الدوحة في فبراير/شباط 2020 ينظم انسحابا تدريجيا للقوات الأميركية من أفغانستان ويمهد لمفاوضات مباشرة بين حكومة كابول وطالبان.
وعلى اثر هزيمة ترامب في الانتخابات الرئاسية وتولي بايدن السلطة خلفا له، نفذ الأخير ما انسحابا وصف بأنه فوضوي، فيما تسارعت التطورات وأحمت طالبان سيطرتها على العاصمة كابول في مشهد درامي جاء دون التوقعات الأميركية.