واشنطن تنفي تدريبها جماعات مسلحة في طرابلس باتفاق مع الدبيبة

السفارة الأميركية تصف ما أوردته التقارير بشأن مهمة شركة "أمنتوم" بأنها كاذبة وتمثل وصفا خاطئا للتدريب في قاعات الدراسة خارج ليبيا لموظفي إنفاذ القانون.

واشنطن - نفت السفارة الأميركية تولي شركة "أمنتوم" تدريب الجماعات المسلحة داخل ليبيا نيابة عن حكومة الولايات المتحدة، ووصفت التقارير المتواترة في هذا الموضوع بـ"الكاذبة".

وقالت السفارة في بيان نشرته عبر حسابها على منصة إكس "هذه الادعاءات غير صحيحة وتمثل وصفا خاطئا للتدريب في قاعات الدراسة الذي تديره "أمنتوم" خارج ليبيا لموظفي إنفاذ القانون".

 ويأتي هذا البيان عقب تقارير صحافية تحدثت خلال الأيام الماضية عن وجود شركة "أمنتوم" الأمنية الأميركية الخاصة في العاصمة الليبية بهدف توفير التدريب العسكري للجماعات المسلحة من أجل دمجها في القوات الرسمية هناك، كما سبق أن قدمته لقوات الأمن في دول مثل العراق وأفغانستان، وهو ما كان رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة هيأ له الرأي العام، عندما تحدث عن الاتجاه نحو دمج الجماعات المسلحة في مؤسسات الدولة، واعتبرها جزءا من أمن البلاد.

وكشف تقرير نشره موقع "أفريكا إنتلجنس" الفرنسي الثلاثاء الماضي عن وصول عناصر من الشركة الأمنية الأميركية "أمنتوم" إلى ليبيا بموجب اتفاق مع الدبيبة، لتوفير التدريب لمجموعات مسلحة عدة في العاصمة طرابلس، وأوضح أن مهمة القوة المشتركة ستكون مواجهة القوات الروسية في الجنوب الليبي.

وأشار التقرير إلى أن أفراد "أمنتوم" سيتولون مهمة تدريب عناصر من 3 ألوية مسلحة محددة -هي اللواء 444 بقيادة محمود حمزة، واللواء 111 بقيادة عبدالسلام الزوبي، واللواء 166 بقيادة محمد الحصان.

بحسب الموقع الفرنسي، يتم تنسيق جهود التدريب بين" أمنتوم" ووزارة الخارجية الأميركية، "بهدف توحيد هذه الفصائل المسلحة المختلفة وتكليفها بتأمين الحدود وبعمليات نزع السلاح. ولا يتم تنفيذ هذا العمل تحت رعاية القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)".

ولفت التقرير إلى أنه "يمكن أن يوفر دعم الولايات المتحدة لهذه الجماعات المسلحة الليبية شريان حياة سياسيا للدبيبة، الذي يواجه دعوات من العديد من السياسيين الليبيين للتنحي وإفساح المجال أمام حكومة جديدة. فيما يتشبث الدبيبة بمنصبه مؤكدا أنه لن يتركه إلا بعد الانتخابات.

ويرى المتابعون للشأن الليبي أن التحرك الأميركي الأخير لم يكن مفاجئا وإنما جاء في سياقات صراع النفوذ مع روسيا في المنطقتين الشرقية والجنوبية، وسيؤدي خلال الفترة القادمة إلى تشكيل ملامح حالة التقسيم العملي للبلد الذي لا يزال يعيش وضعا غير مستقر منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي في العام 2011، بتدخل عسكري أجنبي مباشر شاركت فيه 40 دولة واستمر لمدة ستة أشهر.

وقالت السفارة الأميركية في بيانها إن "أمنتوم" شريك تنفيذي في برنامج المساعدة الدولي لمكافحة الإرهاب التابع لوزارة الخارجية الأميركية، الذي يديره مكتب الأمن الدبلوماسي على مستوى العالم.

وبحسب المعلومات المتوافرة عبر الموقع الحكومي، يوفر برنامج "المساعدة في مكافحة الإرهاب"، التابع لجهاز الأمن الدبلوماسي الأميركي، تدريبا ومعدات حكومية أميركية من أجل مكافحة الإرهاب لوكالات إنفاذ القانون في الدول الشريكة بجميع أنحاء العالم.

وأضافت السفارة أن البرنامج قدم، منذ إنشائه العام 1983، تدريبًا على مكافحة الإرهاب لأكثر من 150 ألفا من مسؤولي إنفاذ القانون بأكثر من 150 دولة.

وبشأن مجالات التدريب، توضح السلطات الأميركية أن البرنامج يساعد الدول في بناء مهارات مكافحة الإرهاب المهمة من خلال دورات تدريبية، وتوفير الاستشارات والإرشاد، والمعدات ذات الصلة بالتحقيقات.

وشركة "أمنتوم" الأميركية الخاصة والناشطة في المجال الأمني، جرى إنشاؤها في العام 2020، وستخلف الشركة العسكرية "دينكورب" التي عملت أيضا مع السلطات الأميركية، وسبق لها أن قدمت التدريب لقوات الأمن في العراق وأفغانستان وغيرها.

وفي السابع من مارس الماضي، التقى نورلاند وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية، عماد الطرابلسي، لبحث جهود الحكومة لتحسين الأمن في العاصمة، والحفاظ على السلم والاستقرار في جميع المناطق الليبية. ونقل حساب السفارة الأميركية على "إكس" عن نورلاند تأكيده للطرابلسي دعم بلاده توحيد قوات الأمن الليبية، وجميع الجهود المبذولة لبناء قدراتها وكفاءتها المهنية، خصوصاً على طول حدود ليبيا، في ظل الاضطرابات الإقليمية.

وكان الطرابلسي قد أعلن، نهاية فبراير الماضي، عن اتفاق حكومته مع التشكيلات المسلحة في طرابلس على إخلاء مواقعها والرجوع إلى معسكراتها وإحلال قوات الأمن التابعة لوزارته مكانها، وعزم حكومته على تطبيق نموذج طرابلس على كل المناطق الليبية.

كما أعلن، عن استعداد وزارته لتشكيل قوة مشتركة مع القيادة العامة في المنطقة الجنوبية"، لتأمين الحدود.

واعتبر في كلمة خلال ندوة نظمتها وزارة الداخلية عن إدارة الحدود الليبية، أن "أي شخص يطرح اسمه لقيادة القوة المشتركة سواء من القيادة العامة (قيادة المشير خليفة حفتر) أو وزارة الداخلية" في حكومة الوحدة الوطنية "فهو مقبول من طرفنا، وفي غضون ثلاثة أشهر نشكل قوة قوامها ألف آلية وخمسة آلاف شرطي من الشرق والجنوب والغرب لتأمين الحدود"، مضيفا أن قضية تأمين الحدود الجنوبية "قضية أمن متكامل وليست قضية سياسية".

وجاءت هذه التقارير فيما تستعد الولايات المتحدة لاستعادة وجودها الدبلوماسي في ليبيا، بعد سنوات من مغادرة البلاد، حيث كشف موقع "المونيتور" الأميركي نهاية مارس الماضي نقلا عن مسؤول بارز في وزارة الخارجية الأميركية أن إدارة الرئيس جو بايدن أخطرت الكونغرس في فبراير الماضي بشأن خطتها لاستئناف الوجود الدبلوماسي في ليبيا، وهي عملية قد تستغرق من عام إلى عامين تقريبا لتخصيص منشأة دبلوماسية موقتة في العاصمة طرابلس.

ووفق الموقع الأميركي فقد طلبت إدارة بايدن تخصيص مبلغ 57.2 مليون دولار من موازنة العام 2025 لتمويل وجود دبلوماسي أكبر في ليبيا، بما يشكل تكاليف الممتلكات والسفر والأمن للمنشأة المتواجدة في ضواحي العاصمة طرابلس.

ويلاحظ أن الولايات المتحدة تعمل على إبقاء الأوضاع على ما هي عليه في ليبيا إلى أن تنتهي من توسعة حضورها الدبلوماسي وتكريس وجودها الأمني والعسكري في المنطقة الغربية، وتشكيل ما يمكن وصفه بـ"المنطقة الخضراء" في طرابلس، وبالتالي فإنها ستكون أهم داعم لسلطة الدبيبة خلال الفترة القادمة، وإن تظاهرت بعكس ذلك، وهي تجد فيه وفي فريقه السياسي أفضل من يمكن أن يساعدها على تنفيذ مشروعها في البلاد.