واشنطن تُحمل الحوثيين المسؤولية عن الصراع ولا تتحرك لكبحهم

الخارجية الأميركية تتهم المتمردين الحوثيين بعدم اتخاذ خطوات نحو تسوية النزاع المسلح في اليمن، بينما تكابد واشنطن لإحياء مفاوضات السلام اليمنية وعينها على إعادة إيران للاتفاق النووي للعام 2015.
ليونة بايدن في التعامل مع انتهاكات الحوثيين أعطتهم إشارات خاطئة
سوء تقدير لموقف الحوثيين يسلط الضوء على إستراتيجية أميركية مربكة في اليمن

واشنطن - حملت الولايات المتحدة اليوم الجمعة جماعة الحوثي المدعومة من إيران المسؤولية عن الإخفاق في التوصل لإطلاق النار، متهمة إياها بعدم اتخاذ خطوات نحو تسوية الصراع.

وهذه هي المرة الثانية التي تتهم فيها واشنطن الحوثيين بتقويض جهود التسوية السلمية للأزمة، فيما تسعى إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن إلى إحياء محادثات السلام اليمنية المجمدة، بينما تفاوض إيران على العودة للاتفاق النووي للعام 2015 الذي تحلل منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وردت طهران بانتهاكات واسعة للاتفاق بما في ذلك رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى عتبة الـ60 بالمئة وهي نسبة تقدر بـ20 ضعفا لما هو منصوص عليه في الاتفاق وأقل بنحو 30 بالمئة عن المستوى الذي يسمح للجمهورية الإسلامية بصناعة أسلحة نووية.

ولدى الولايات المتحدة قناعة بأن لإيران تأثير كبير على الحوثيين وأن مفتاح الحرب والسلام بيدها. وسبق للمبعوث الأميركي الخاص لليمن تيم ليندركينغ أن أكد أن الدعم الإيراني للمتمردين "فتاك".

وقالت وزارة الخارجية الأميركية اليوم الجمعة "في حين تثير أطراف عديدة مشاكل داخل اليمن، يتحمل الحوثيون مسؤولية كبرى عن رفض المشاركة الدؤوبة في وقف إطلاق النار واتخاذ خطوات لحل النزاع المستمر منذ ما يقرب من سبع سنوات والذي تسبب في معاناة تفوق الوصف للشعب اليمني".

وأشارت في بيان إلى أن المبعوث الأميركي ليندركينغ عاد أمس الخميس بعد جولة زار خلالها السعودية وعمان والإمارات والأردن حيث ناقش الأزمة الإنسانية والاقتصادية في اليمن مع مسؤولين حكوميين ويمنيين وشركاء دوليين.

ومنذ توليه السلطة في يناير/كانون الثاني، جعل بايدن اليمن أولوية وعين ليندركينغ للمساعدة في إحياء جهود الأمم المتحدة المتعثرة للسلام.

وكان قد ألغى قرار سلفه بتصنيف الحوثيين تنظيما إرهابيا، إلا أن وزارة الخزانة فرضت مؤخرا عقوبات على اثنين من قادة جماعة الحوثي ضمن ضغوط أميركية لدفعها للعودة إلى طاولة المفاوضات.

وبعد عودة ليندركينغ من زيارة في الشهر الماضي، اتهمت وزارة الخارجية الأميركية الحوثيين بأنهم تسببوا في تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن بعد مهاجمة مأرب، آخر معقل للحكومة التي تدعمها السعودية في شمال البلاد.

وقالت "يواصل الحوثيون هجوما مدمرا على مأرب يندد به المجتمع الدولي ويفرض عزلة متزايدة على الحوثيين"، مضيفة أن ليندركينغ أجرى محادثات مع اليمنيين حول تعزيز "عمليات شاملة" يمكن أن تساعد المواطنين في مناقشة مستقبل البلاد وتعزز الجهود الرامية لتحقيق السلام.

ويبدو التقدير الأميركي للوضع في اليمن محدودا ما يسلط الضوء على إستراتيجية مربكة في التعاطي مع الطرف المعطل للحل السياسي أي الحوثيين الذي قدموا الخيار العسكري في مأرب المدينة النفطية الإستراتيجية على الانخراط في حل سياسي ينهي الحرب والأزمة الإنسانية.

ويريد المتمردون السيطرة على مأرب قبل العودة إلى محادثات سلام وذلك للتفاوض من موقع قوة ولانتزاع مكاسب سياسية عجزوا عن انتزاعها بقوة السلاح طيلة السنوات التي أعقبت انقلابهم على الحكم.

وتؤكد مصادر عسكرية محلية أنه لولا التحالف العربي بقيادة السعودية والغطاء الجوي الذي وفره للقوات اليمنية لسقطت مأرب في قبضة المتمردين الذين دفعوا بتعزيزات ضخمة وتكبدوا خسائر كبيرة في الأرواح إلا أنهم لا يعيرون اهتماما لحجم الخسائر وأنهم استقدموا المئات من الأطفال ودفعوا بهم إلى الجبهة الملتهبة منذ أشهر.

وشكل التعنت الحوثي أول اختبار لإستراتيجية الرئيس الأميركي الذي وجد نفسه عالقا في مأزق بعد أن ألغى تصنيف الحوثيين كتنظيم إرهابي وهي الخطوة التي أراد من خلالها تليين موقف المتمردين دون أن يجني شيئا فالوضع ازداد سوء منذ ذلك القرار.

وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد أعلن في مقابلة تلفزيونية سابقة انفتاح بلاده التي تقود تحالفا عسكريا عربيا داعما للشرعية في اليمن، على تسوية سياسية مقدما كل الضمانات التي يحتاجها الحوثيون لوقف إطلاق النار، موضحا أنهم في النهاية جزء من المكون اليمني ومن الدولة الجارة للمملكة.

ونفذ المتمردون اليمنيون عشرات الاعتداءات الإرهابية استهدفت مناطق ومرافق حيوية مدنية واقتصادية في السعودية بصواريخ ومسيّرات إيرانية الصنع. كما أعلن انفتاح المملكة على حوار مع إيران.