واشنطن ملتزمة بمواصلة الحرب على الجهاديين في سوريا

المبعوث الأميركي يقول أن القتال ضد المتطرفين سيتخذ طرقا مختلفة بعد خسارتهم في الباغوز ويشدد على بقاء قوات من بلاده بأعداد محدودة لتقديم المساعدة.
واشنطن لا تعلم مكان زعيم داعش
معظم سجناء قوات سوريا الديمقراطية من العراقيين والسوريين
التحالف الدولي بقيادة واشنطن لم يدرس إقامة محكمة دولية لمحاكمة الأسرى

واشنطن - قال جيم جيفري مبعوث الولايات المتحدة بشأن سوريا الاثنين إن الحرب التي يخوضها التحالف بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية لم تنته على الرغم من أن التنظيم المتشدد لم يعد يسيطر على أراض.

وقال جيفري في إفادة بوزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة لا تعلم مكان زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي.

وأضاف أن خسارة الدولة الإسلامية آخر معقل لها في سوريا في مطلع الأسبوع كان "يوما عظيما" لكنه أضاف أن الحرب ضد التنظيم ستستمر وأن القوات الأمريكية ستظل في سوريا بأعداد محدودة للمساعدة.

وقال جيفري للصحفيين "هذه ليست نهاية القتال ضد داعش. هذا سيستمر لكن بطريقة قتال مختلفة".

وتابع جيفري قائلا إن تركيز التحالف كان على الهزيمة الدائمة للدولة الإسلامية والضغط على الحكومات لاستعادة المقاتلين الأجانب الذين تم أسرهم خلال الصراع.

وقال إن معظم السجناء الذين أسرتهم قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة كانوا من العراقيين والسوريين. وقال إن هؤلاء ستتم إعادتهم إلى مجتمعاتهم من أجل "إزالة التطرف" وإعادة دمجهم وفي بعض الحالات لعقابهم.

ونفى تقارير عن أن التحالف بقيادة الولايات المتحدة يدرس إقامة محكمة دولية لمحاكمة الأسرى. وقال "نحن لا نبحث هذا في الوقت الراهن".

وأوضح أنه من الصعب تقدير عدد السجناء بمن فيهم العراقيون والسوريون والمقاتلون الأجانب الذين تحتجزهم قوات سوريا الديمقراطية.

وقال جيفري "يتحدث الناس معي ويقولون إنهم عند مستوى 7000 أو أكثر لكن ربما زاد العدد خلال مطلع الأسبوع".

وقبيل الهجوم النهائي على الباغوز في مطلع الأسبوع، قالت قوات سوريا الديمقراطية إن لديها 800 مقاتل أجنبي وما يربو على ألفين من زوجات وأطفال مقاتلي الدولة الإسلامية.

ودعت قوات سوريا الديمقراطية، التي أعلنت القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا الإثنين إلى إنشاء محكمة دولية خاصة في شمال شرق سوريا لمحاكمة الجهاديين المتهمين بارتكاب جرائم.

وذكرت القوات في بيان "إننا ندعو المجتمع الدولي لإنشاء محكمة دولية خاصة لمحاكمة ارهابيي داعش في شمال شرق سوريا" مشيرة إلى أن الجهاديين يجب أن يخضعوا لمحاكمة "في مكان وقوع الفعل الجرمي".

وأضاف بيان القوات أن إنشاء محكمة دولية خاصة يسمح بان "تتم المحاكمة بشكل عادل ووفق القوانين الدولية وبما يتوافق مع العهود والمواثيق المعنية بحقوق الانسان".

وسبق أن شكل المجتمع الدولي محكمتين دوليتين وهما المحكمة الجنائية الدولية لرواندا، التي حاكمت مرتكبي الإبادة الجماعية في هذا البلد الأفريقي والمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، والتي حاكمت الأشخاص المتهمين بارتكاب الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب خلال المعارك التي اجتاحت البلقان في التسعينيات.

ويواجه تنظيم الدولة الإسلامية تهم ارتكاب جملة من الفظاعات كالإعدام الجماعي والاغتصاب والخطف والهجمات التي نفذها خلال أكثر من أربع سنوات من "الخلافة" التي أعلن عن إقامتها في عام 2014 على أراض شاسعة في سوريا والعراق.

أسرى داعش
اكراد سوريا يطالبون بمحكمة دولية لمقاضاة الجهاديين

وأعلنت قوات سوريا الديموقراطية السبت القضاء التام على "خلافة" تنظيم الدولة الإسلامية، بعد السيطرة على آخر جيوبه عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات، لتطوي بذلك نحو خمس سنوات أثار فيها التنظيم الرعب بقوانينه المتشددة واعتداءاته الدموية.
ومع السيطرة على بلدة الباغوز بالكامل في ريف دير الزور الشرقي، لم يعد للتنظيم أي أراض تحت سيطرته في سوريا، بعد أكثر من عام على دحره من العراق المجاور.
وقال مدير المركز الإعلامي في قوات سوريا الديموقراطية مصطفى بالي في تغريدة على تويتر بالانكليزية "تعلن قوات سوريا الديموقراطية القضاء التام على ما يسمى بالخلافة وخسارة التنظيم لأراضي سيطرته بنسبة مئة في المئة".
وفي تغريدة أخرى بالعربية، كتب بالي "الباغوز تحررت والنصر العسكري ضد داعش تحقق" مضيفاً "بعد سنوات من التضحيات الكبرى نبشر العالم بزوال دولة الخلافة المزعومة".

ورفعت قوات سوريا الديموقراطية رايتها الصفراء على مبنى داخل آخر بقعة كانت تحت سيطرة التنظيم في الباغوز. وهتف مقاتل في صفوفها قائلاً "داعش انتهى. نحن نعيش الفرحة الآن".
على بعد أمتار من نهر الفرات، الذي تقع الباغوز على ضفافه الشرقية، شوهدت راية التنظيم السوداء مرمية على الأرض.
وأعلن التنظيم المتطرف في العام 2014 إقامة "الخلافة الإسلامية" على مناطق واسعة سيطر عليها في سوريا والعراق المجاور، تعادل مساحة بريطانيا. وتمكن خلال نحو خمس سنوات من فرض قوانينه المتشددة وأحكامه القاسية في مناطق سيطرته وإثارة الرعب باعتداءاته الوحشية حول العالم.
وجاءت سيطرة قوات سوريا الديموقراطية على آخر جيوب التنظيم بعد ستة أشهر من هجوم واسع بدأته في ريف دير الزور الشرقي بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركية. ودارت معارك عنيفة بين الطرفين منذ التاسع من شباط/فبراير، تخللها قصف مدفعي وغارات للتحالف.
في وسط المخيم الذي شكل آخر بقعة للتنظيم قبل انكفاء مقاتليه في الأيام الأخيرة الى جيوب على ضفاف النهر، شوهدت السبت خنادق محفورة تحت الأرض وبطانيات مبعثرة وأواني منزلية ومولدات كهرباء مرمية في كل مكان، بين خيم مهترئة وأخرى محروقة أو مغطاة ببطانيات وقماش ملون.
وقالت إن عشرات السيارات والشاحنات الصغيرة كانت متوقفة بين الخيم، غالبيتها باتت عبارة عن هياكل حديدية جراء القصف، بينما كانت أسلحة مثبتة على عدد منها، وهي محترقة بالكامل جراء ضربات جوية للتحالف على الأرجح.
وعلى وقع تقدمها العسكري، أحصت قوات سوريا الديموقراطية خروج أكثر من 67 ألف شخص من جيب التنظيم منذ مطلع العام، بينهم خمسة آلاف جهادي تم توقيفهم. وبين الخارجين عدد كبير من أفراد عائلات مقاتلي التنظيم، ضمنهم عدد كبير من الأجانب، الذين تم نقلهم الى مخيمات لا سيما مخيم الهول (شمال شرق).

وأسفر الهجوم منذ أيلول/سبتمبر عن مقتل 750 مقاتلاً من قوات سوريا الديمقراطية ونحو ضعف هذا العدد من مقاتلي التنظيم، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
واضطرت قوات سوريا الديموقراطية مراراً إلى تعليق هجماتها خلال الأسابيع الأخيرة تمهيداً لخروج المحاصرين. واتهمت التنظيم باستخدام المدنيين كـ"دروع بشرية".
وواصل مقاتلو التنظيم الرافضين للاستسلام القتال حتى يوم الجمعة. وتحصنوافي خنادق وأنفاق حفروها في الباغوز.
وأوضح المتحدث باسم الهجوم في دير الزور عدنان عفرين الجمعة أن "مجموعات صغيرة من داعش رافضة للاستسلام تشن هجمات وقواتنا ترد عليها". وأضاف "قواتنا تضغط عليها للاستسلام أو إنهاء الأمر بالقتال".
ولا يعني حسم المعركة في منطقة دير الزور انتهاء خطر التنظيم، في ظل قدرته على تحريك خلايا نائمة في المناطق الخارجة عن سيطرته واستمرار وجوده في البادية السورية المترامية الأطراف.
وقال بالي السبت "نجدد العهد على مواصلة الحرب وملاحقة فلولهم حتى القضاء التام عليهم".
واستبق التنظيم خسارته هذه بدعوة عناصره في تسجيلات بثها في الأيام الأخيرة على حساباته على تطبيق تلغرام الى "الثأر" من الأكراد في مناطق سيطرتهم في شمال وشمال شرق سوريا. كما دعا أنصاره الى شن هجمات في الغرب ضد أعداء "الخلافة".
وشكلت جبهة الباغوز دليلاً على تعقيدات النزاع السوري الذي بدأ عامه التاسع، مخلفاً حصيلة قتلى تخطت 370 ألفاً، من دون أن تسفر كافة الجهود الدولية عن التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع.