والآن هل يعلن بوتفليقة الحرب على الشعب؟

ماذا ستقدم أشهر إضافية للرئيس لم تقدمه عشرون سنة في الحكم؟

تحمل شابة جزائرية في مظاهرة 8 مارس الكبرى ضد العهدة الخامسة لبوتفليقة لافتة كتبت عليها عبارة شهيرة بالدارجة الجزائرية يمكن ترجمتها هكذا "أواه أنت إنسان ثقيل الظل يا بوتفليقة!" في الحقيقة لقد أصابت البنت الجميلة كبد حقيقة بوتفليقة وجماعته، لخصت مسلسل الاستغباء المستمر ومحاولة تسيير التمرد الشعبي ضد النظام عن طريق الرسائل المشفرة تارة وعن طريق هراوة القوى الامنية تارة أخرى وعن طرق التلاعب القانوني واللفظي.                

أنه لمن السخف والغباء أن يحاول هؤلاء خداع الشعب الجزائري بالتظاهر بالعدول عن ترشيح رئيس شبه ميت للعهدة الخامسة وثم العودة ألى فكرة التمديد للعهدة الرابعة التي حاولوا فرضها قبل الحديث عن الخامسة ورفضها الجزائريون رفضا مطلقا. وليس هذا فحسب بل رفض ربع العهدة الخامسة التي جاؤوا يشحذونها من الشعب. ومن المضحك المبكي أن تتوسل الغرفة السوداء بعض شهور من عهدة خامسة تكون عبر انتخابات رئاسية يفوز فيها ضحيتها وحينما يقول ملايين الجزائريين "لا" قاطعة في شوارع الجزائر، يعود هؤلاء المناورون إلى محاولة فرض تمديد عهدة بوتفليقة الرابعة المنتهية يوم 19 ابريل القادم وإلغاء الانتخابات الرئاسية في خرق فاضح للدستور وقانون الانتخابات.

والسريالي في كل هذا أن الرئيس بوتفليقة في هذه الرسالة الاخيرة المنسوبة إليه والتي يعلن فيها استمراره في الحكم يعترف هو نفسه بأنه غير قادر على الاضلاع بمهامه الدستورية بسبب المرض والشيخوخة، وليس هذا فحسب بل انه لم يكن ينوي الترشح لعهدة خامسة على الاطلاق! فما هذا الاستهتار بعقول الناس؟ وما هذا الانقلاب المفضوح على الشرعية؟             

ورغم الاعتراف بالوهن والتقدم في السن، لا يريد - أو لا تريد الجماعة- أن يتنحى وينصب نفسه راعيا لمرحلة انتقالية يحضر فيها دستورا جديدا للدخول في جمهورية ثانية! فكأن القوم لم يلتفتوا على الاطلاق إلى نداءات الشعب في الشوارع والرفض الفصيح لبوتفليقة وحاشيته.

السؤال الذي وجهه المتظاهرون ليلا فور الاعلان عن هذا التوجه الغريب هو: لماذا لم يفعل بوتفليقة ذلك خلال العشرين سنة التي قضاها رئيسا؟ هل جاءه الوحي في آخر أيامه؟ كيف يمكن ان يشرف على ورشة بهذا الحجم وهو مقعد غير قادر حتى على الكلام اذ لم يكلم الجزائريين منذ 2012؟ أليس هذا النظام هو الذي هدم ما كان موجودا من مؤسسات فاعلة؟ وكيف يمكن لرجل من الماضي قديم فشل في كل مهماته الدولية مثل السيد لخضر الابراهيمي أن يضمن مستقبل الجزائر ويكون رجل مرحلة انتقالية في بلد يتنفس شبابا وذكاء؟         

يعرف الجميع أن بوتفليقة اعتبر الجزائر مزرعته الخاصة ولا يزال يعتبر نفسه هو الدولة كلويس الرابع عشر وقد داس عدة مرات على الدستور الذي انتخب لحمايته. ولكن الامر والادهى ان يورث هذا الشعور إلى عائلته متمثلة في أخويه وأخته والاحفاد والتي تراوغ اليوم وتفعل كل شيء من أجل أن تبقى الجزائر فريسة بين أيديها. لقد أصبح بديهيا لدى الشبان الجزائريين أن كل ما يأتي به توتفليقة وحاشيته لا علاقة له بالإصلاح أو الخوف عن الجزائر وانما هو محاولة للبقاء في الحكم من أجل الاستمرار في نهب ما تبقى من خيرات البلاد وتحضير خروج آمن للذين خربوا البلد ونشروا الرشوة والفساد المالي والاخلاقي.                  

يبدو الارتباك واضحا في مشروع الجماعة كتابة وإخراجا إلى درجة أصبحت تثير الشفقة، كل الدلائل تشير إلى أن من يفكرون لها لا يعرفون الشعب الجزائري وبسيكولوجيته. فإما ان يكونوا أجانب في مراكز اوروبية أو هم جزائريون لا علاقة لهم بالجزائريين الحقيقيين.                  

لقد استهلك بوتفليقة وحاشيته والعلبة السوداء ورقتهم الاخيرة وهم في مأزق: لن يقبل الشعب الجزائري هذا الاغتصاب لكل قيمه وحقوقه. ولم يبق للجماعة سوى استعمال العنف لفرض إرادتها. ولكن إن كان ذلك ممكنا في ظروف سنة 1992 وصعود الاسلاميين إلى الجبال وخروجهم على القانون وانتهاج الإرهاب، فلا وجود لكل ذلك اليوم، فهل يقبل بوتفليقة وحاشيته الهزيمة ويرضخون لإرادة الشعب أم يعلنون الحرب على الشعب؟