ورشة المنامة تنطلق وسط تشكيك وغياب الفلسطينيين وإسرائيل

التساؤلات لا تتوقف حول مرتكزات الجانب السياسي من الخطة المحاط بالسرية وكيف يمكن ربطه بقائمة الاستثمارات الضخمة التي لن تنفذ الا بعد التوافق على التسوية السياسية.

المنامة/القدس - تنطلق المرحلة الأولى من خطة الرئيس دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط في البحرين الثلاثاء في مؤتمر يصفه البيت الأبيض بأنه محاولة لجمع 50 مليار دولار في صورة استثمارات، لكن الفلسطينيين يسخرون منها ويقولون إنها خطة "الاقتصاد أولا" وإن مصيرها الفشل.
ويُوصف الاجتماع الدولي الذي يستمر ليومين بقيادة جاريد كوشنر صهر ترامب بأنه الجزء الأول من خطة واشنطن السياسية الأوسع التي طال انتظارها لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والتي سيتم الكشف عنها لاحقا.
لكن لن تحضر الحكومة الإسرائيلية ولا الحكومة الفلسطينية اجتماع العاصمة البحرينية المنامة.
وبموجب الخطة، ستساهم الدول المانحة والمستثمرون بنحو 50 مليار دولار في المنطقة منها 28 مليارا للأراضي الفلسطينية، الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل وقطاع غزة، و7.5 مليار للأردن وتسعة مليارات لمصر وستة مليارات للبنان.
ومن بين 179 مشروعا مقترحا هناك طريق بتكلفة خمسة مليارات دولار لربط الضفة الغربية وقطاع غزة.
وقال كوشنر لوكالة رويترز للأنباء "أضحك عندما يهاجمون هذا باعتباره صفقة القرن" في إشارة إلى الاسم المفترض لخطة ترامب للسلام على مدى العامين الماضيين.

28 مليار دولار للضفة وغزة، 7.5 مليار للأردن، تسعة مليارات لمصر وستة للبنان

وأردف قائلا "إذا كانت لديهم الشجاعة لتنفيذها فستكون فرصة القرن".
ويقدم كوشنر خطته في كتيبين مليئين بالرسومات والإحصائيات التي تشبه نشرة الاستثمار وقد أطلق عليها مرارا "خطة العمل". وكوشنر أحد كبار مستشاري ترامب وصهره وهو قادم من عالم العقارات في نيويورك.
وردا على منتقدين يتهمونه بمحاولة صياغة "سلام اقتصادي"، قال كوشنر الأسبوع الماضي "لقد فشلت الكثير من المحاولات الماضية. فلنهدأ. ونبقي على عقل متفتح".
رغم ذلك، فرص النجاح قليلة. يقر فريق ترامب بأن الخطة الاقتصادية، التي يطلق عليها "السلام من أجل الازدهار"، لن تُنفذ إلا إذا تم التوصل إلى حل سياسي لأحد أكثر الصراعات صعوبة في العالم.
وأي حل من هذا القبيل يجب أن يعالج القضايا القائمة منذ زمن بعيد مثل وضع القدس والحدود المتفق عليها وتلبية المخاوف الأمنية لإسرائيل والمطالب الفلسطينية بإقامة دولتهم ومصير المستوطنات الإسرائيلية والوجود العسكري في الأراضي التي يريدها الفلسطينيون لإقامة تلك الدولة.
وثمة تساؤلات مستمرة عن الخطة بالكامل وما إذا كان فريق ترامب ينوي التخلي عن "حل الدولتين"، الذي يتضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل.
وتؤيد الأمم المتحدة ومعظم دول العالم حل الدولتين الذي كان الركيزة الأساسية لكل خطة للسلام منذ عشرات السنين.
لكن فريق ترامب، بقيادة كوشنر ومبعوث ترامب للشرق الأوسط جيسون غرينبلات والسفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، دأب على رفض الالتزام بحل الدولتين، مع إبقاء المرحلة السياسية من الخطة سرية للغاية.
ويعاني رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهو حليف مقرب من ترامب، من مشاكله الداخلية ويواجه انتخابات واتهامات فساد محتملة بعد تحقيق طويل للشرطة. وينفي ارتكاب أي مخالفات.

كوشنر 'يضحك' عندما يسمع عبارة صفقة القرن!
كوشنر 'يضحك' حين يسمع عبارة صفقة القرن!

وقال نتنياهو يوم الأحد "سنسمع الاقتراح الأميركي بإنصاف وانفتاح". وعلى الرغم من عدم حضور وزراء من الحكومة الإسرائيلية، من المتوقع أن يشارك وفد أعمال إسرائيلي.
وقاطع الزعماء الفلسطينيون الورشة ورفضوا التواصل مع البيت الأبيض متهمين إياه بالانحياز لصالح إسرائيل بعد سلسلة من قرارات ترامب في الآونة الأخيرة. وقال كوشنر إن "بعض" رجال الاعمال الفلسطينيين سيحضرون لكنه رفض ذكر أسمائهم.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي تمارس سلطته الفلسطينية حكما ذاتيا محدودا في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، ينتقد بشدة فرص نجاح الاجتماع.
وقال عباس "الأموال مهمة والاقتصاد مهم، لكن الحل السياسي أهم، وعندما يتم حل سياسي على أساس الشرعية الدولية ورؤية الدولتين، وقتها نقول مرحبا بكل من يريد أن يساعدنا".
ووجدت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، التي تدير قطاع غزة، نفسها في اتفاق نادر مع خصمها اللدود عباس.
وقال مشير المصري المسؤول في حركة حماس "قضية فلسطين لا ينوب عنها ولا يمثلها سوى شعبها".
وأضاف أن نهج ترامب "يؤسس لتحويل قضية شعبنا من سياسية إلى إنسانية. ودمج الاحتلال في نسيج المنطقة".
ومع ذلك، يصر كوشنر على أن الخطة الاقتصادية تهدف إلى مساعدة الفلسطينيين على العودة إلى طاولة المفاوضات من خلال عرض المنافع التي قد يحققها اتفاق السلام.
وقال كوشنر إنه حتى دون تمثيل الحكومتين الإسرائيلية والفلسطينية، سيكون وجود رجال أعمال إسرائيليين وصحفيين مع نظرائهم من العالم العربي مهما في وقت يتصاعد فيه التوتر مع إيران.
وتابع قائلا "يدرك الناس أن التهديد الحقيقي لتلك المنطقة يتمثل في إيران وعدوانها، ولدى إسرائيل والكثير من الدول العربية الأخرى الكثير من الأمور المشتركة اليوم أكثر من السابق".
وقال ديفيد ماكوفسكي، وهو خبير في شؤون الشرق الأوسط في واشنطن، "إيران تحتل مكان الصدارة في سلسلة الاهتمام الآن"، برغم أن التركيز الرئيسي للحدث على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
لكن ماكوفسكي، الذي دعاه البيت الأبيض للمشاركة بصفة مراقب، قال إن خطة ترامب وكوشنر ستنجح في النهاية أو ستفشل في كيفية معالجة القضايا الأساسية الكبرى وليس الأموال.
وأردف قائلا "لا يعتقد أحد أن بإمكانه حل هذا الأمر اقتصاديا دون معالجة القضايا السياسية".