وساطة الكاظمي امام اختبار التهدئة بين ايران والسعودية

بغداد كانت تنقل الرسائل بين المسؤولين السعوديين والإيرانيين لكنها تحولت الى لعب دور الوسيط والمشرف على المحادثات.
التهدئة بين ايران والسعودية ستنعكس ايجابا على امن العراق
العراق سيحقق مكاسب اقتصادية نتيجة التهدئة بين السعودية وايران
مخاوف من ان يعيق الرئيس الايراني المتشدد ابراهيم رئيسي جهود العراق لاحلال السلام

بغداد - على مدى سنوات، كان مسؤولو بغداد ينقلون الرسائل بين إيران والسعودية، وهما دولتان جارتان للعراق وقوتان إقليميتان في المنطقة، إثر انقطاع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بشكل كامل عام 2016.
وأفضت مساعي العراق وعلاقاته الجيدة مع البلدين إلى مباحثات مباشرة في أبريل/ نيسان الماضي بين مسؤولي طهران والرياض، للمرة الأولى منذ انقطاع العلاقات بينهما، رغم أنها جرت في أجواء سرية.
وكانت الرياض قد قطعت علاقاتها مع طهران في يناير/كانون الثاني 2016، إثر هجوم على سفارتها بالعاصمة الإيرانية وقنصليتها في مشهد (شمال شرق)، نفّذه محتجون على إعدام المملكة رجل الدين الشيعي نمر النمر.
كذلك تبدي السعودية قلقها من نفوذ إيران الإقليمي وتتهمها بـ"التدخل" في شؤون دول عربية مثل سوريا والعراق ولبنان، وتتوجس من برنامجها النووي وقدراتها الصاروخية.
وفي المرحلة المقبلة، يأمل العراق التقدم خطوة أخرى نحو الأمام بإجراء مباحثات علنية أوسع بين البلدين لمناقشة الملفات الخلافية وإنهاء القطيعة وعودة العلاقات الدبلوماسية بينهما.
نجاح حيث فشل آخرون
ويعتقد رئيس مركز التفكير السياسي في العراق (مركزه بغداد) إحسان الشمري، أن "مساعي رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، لتقريب وجهات النظر بين طهران والرياض على طاولة واحدة، هي خطوة متقدمة فشلت فيها العديد من الدول".
ويضيف، أن "هناك ثقة كبيرة من السعودية تقابلها رغبة جامحة من إيران لحل الخلاف بين البلدين".
ويقول الشمري إن "الكاظمي نجح في جعل العراق وسيطاً بدلاً من نقل الرسائل بين البلدين كما كان ساريا إبان عهد الحكومات السابقة".
وإيران والسعودية قوتان رئيسيتان في منطقة الخليج، وتسعى بغداد إلى ردم الفجوة بين جارتيها، على أمل أن ينعكس ذلك إيجابا عليها.
ويرى الشمري أن "العراق يقوم بدور الوسيط بهدف الحصول على الاستقرار الداخلي، كون البلدين لهما تأثير كبير على الساحة العراقية".
ويتابع أن "التهدئة ستفيد حكومة بغداد بشكل كبير جدا بالتزامن مع استمرار تهديدات الفصائل المسلحة في البلاد باستهداف الرياض من الأراضي العراقية".
وبشأن أسباب لعب العراق دور الوسيط، يتحدث الشمري أن "هذه الخطوة تعزز من مكانته بين الدول إضافة إلى أن الرغبة الخارجية (إيران والسعودية)، هما من فرضا هذا الدور على العراق مستغلين العلاقات الجيدة مع بغداد".
ويردف أن "ملفات الحوار بين الرياض وطهران ستشمل مناقشة جميع النقاط الخلافية، منها سوريا واليمن وليبيا وغيرها من الملفات التي لها تأثير كبير على الأوضاع في المنطقة".
إرساء الاستقرار في المنطقة

العراق تحول الى ساحة للصراع الاقليمي بسبب الخلاف السعودي الايراني
العراق تحول الى ساحة للصراع الاقليمي بسبب الخلاف السعودي الايراني

ويرى رئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية (مركزه بغداد) عدنان السراج، أن "الحوار بين السعودية وإيران له تأثير كبير على جلب الهدوء إلى المنطقة، كون الخلاف بين الدولتين دائماً ما يكون انعكاسه سلبياً على أغلب البلدان".
ويضيف السراج أن "الحوار بين طهران والرياض ينعكس إيجاباً على العراق من الجانبين السياسي والأمني، على اعتبار أن البلدين حدوديان معه، إضافة إلى أن أي صراع سياسي بينهما ستكون له آثار سلبية على عموم الأوضاع في العراق".
ويعتقد أن "السعودية سعت إلى هذا الحوار لوجودها تحت ضغط كبير خصوصاً مع تغيير الإدارة في الولايات المتحدة، وبالتالي تعمل الرياض الآن على تهدئة الأوضاع مع جميع الدول التي لها جانب من العداء معها".
ويعتبر أن "تقدم مفاوضات إيران مع دول (5+1) بشأن برنامجها النووي، أجبر السعودية أيضا على فتح باب الحوار مع طهران، على اعتبار أن لها تأثيرا كبيرا في سوريا واليمن وليبيا ولبنان وغيرها، وهي نفس الدول التي تعمل السعودية على التأثير فيها".
وفي مايو/ أيار 2018، انسحبت واشنطن من الاتفاق النووي الموقع في 2015 بين إيران ومجموعة (5+1)، التي تضم روسيا وبريطانيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، وفرضت على طهران عقوبات اقتصادية، إلا أن مفاوضات دارت في الشهور الأخيرة لعودة الأولى إلى الاتفاق.
ويتابع السراج أن "عقد هذا الحوار سيكون بوابة إيجابية للعراق يمكن استثمارها من خلال فتح باب التعاون الاقتصادي، وهو الجانب الذي تسعى له بغداد، كون البلاد الآن تحت أزمة اقتصادية بعد تراجع أسعار النفط وتفشي جائحة كورونا".
ضحية سياسة المحاور
ويقول عضو البرلمان العراقي عن تحالف الفتح (48 مقعدا من أصل 329) محمد البلداوي، إن "بغداد دائما ما تكون ضحية لسياسة المحاور في المنطقة".
ويرى أن "العراق قادر على لعب دور الوسيط بين إيران والسعودية، لأنه يملك العديد من المقومات التي تسمح له بلعب هذا الدور الدولي والمهم في المنطقة منها أنه يشكل قطباً تدور حوله هذه المحاور المتنافرة".
ويضيف أن العراق أنهى جميع الاستعدادات لعقد جولة مباحثات مباشرة وعلنية بين الطرفين، وهو بصدد وضع اللمسات الأخيرة لتحديد الموعد.
قلق من وصول "رئيسي" لرئاسة إيران
ورغم أجواء التفاؤل السائدة، إلا أن القلق يساور قادة العراق من احتمال انهيار المباحثات مع وصول الإيراني المحافظ إبراهيم رئيسي إلى سدة الرئاسة في إيران.
وقال السياسي الشيعي البارز، زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في 21 يونيو/حزيران الماضي، إن وصول "رئيسي" إلى السلطة في طهران "يجب أن لا يفيء على المنطقة بالتشدد وتصاعد الصراعات".
وأضاف "نأمل منه (رئيسي) أن يحكم العقل والشرع والحوار لإنهاء الصراعات السياسية والطائفية في المنطقة".
وتابع "ذلك فيه قوة للإسلام والتشيع والعروبة وضعف للعدو المشترك عموما وإسرائيل على وجه الخصوص، التي استغلت الصراعات تلك لمد خيوطها العنكبوتية".
وعادة ما تتهم دول خليجية، في مقدمتها السعودية، إيران بامتلاك أجندة توسعية شيعية في المنطقة، والتدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية، بينها العراق واليمن ولبنان، وهو ما تنفي طهران صحته، وتقول إنها تلتزم بسياسة حُسن الجوار.
ورأى الصدر أن العراق "قادر على أن يكون حلقة الوصل بين الطرفين بكامل استقلاليته وسيادته، وخصوصا وأن التقارب بين الطرفين سيفيء على العراق بالأثر الإيجابي".
فتح الباب أمام الشركات السعودية
ويرى النائب في البرلمان العراقي عن حزب الجيل الجديد (4 مقاعد) سركوت شمس الدين، أن "إنهاء القطيعة بين الرياض وطهران من شأنه فتح المجال أمام الشركات السعودية التي ترغب بالاستثمار في العراق".
لكنه يعتقد أن هذه الشركات "خائفة من استمرار الصراع مع إيران التي لديها نفوذ كبير في العراق، وبالتالي ستكون مصالحها مهددة".
ويضيف شمس الدين، أن "العراق استثمر علاقاته الجيدة مع البلدين لعقد الحوار المهم وسط ترقب عالمي، وهو على بعد خطوات قليلة جدا من ذلك، وإنهاء الخلاف الدائر بينهما لسنوات طويلة".
ويتوقع أن ينجح الكاظمي في مساعيه للتوسط بين السعودية وإيران، وإنهاء قطيعة البلدين