وطأة الأزمة ومخاوف من العزلة تدفعان تركيا لمهادنة فرنسا

وزير الخارجية التركي يعلن استعداد بلاده لإعادة العلاقات الطبيعية مع باريس التي تقود حملة داخل الاتحاد الأوروبي لتبني نهج أكثر حزما مع أنقرة.
تركيا تسعى لتخفيف جبهات المواجهة الخارجية
خروج تركيا من الأزمة الاقتصادية يحتاج لإعادة زخم العلاقات مع الاتحاد الأوروبي

لشبونة - قال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو الخميس في لشبونة إنّ بلاده مستعدّة "لإعادة العلاقات إلى طبيعتها" مع فرنسا رغم التوتّر الشديد بين البلدين على صعيد عدة ملفات، مشيرا إلى "خريطة طريق" وضعت مع باريس.

وأوضح خلال مؤتمر صحافي في ختام لقاء مع نظيره البرتغالي أوغوستو سانتوس سيلفا الذي تولّت بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي أنّه "في حال كانت فرنسا صادقة، فتركيا مستعدّة لإعادة العلاقات مع فرنسا إلى طبيعتها".

وتواجه تركيا وضعا سياسيا واقتصاديا صعبا بسبب أزمات دبلوماسية فجرها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على أكثر من جبهة خاصة مع الشركاء الأوروبيين.

ورغم الخطابات المتشنجة التي يطلقها أردوغان من حين إلى آخرها وكان آخرها وصفه الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون بأنه مريض عقلي وعليه مراجعة طبيب، فإن تركيا تجد نفسها تحت وطأة أزمة صحية واقتصادية واضطرابات سياسية مجبرة على التهدئة مع باريس التي تقود جهود عزل أنقرة أوروبيا.

وكان الرئيس التركي قد أعلن قبل أشهر عن خارطة طريق اقتصادية لكبح انهيار الليرة التركية وتخفيض معدل التضخم، بعد أن أجرى تعديلات مفصلية شملت إعفاء صهره من منصب وزير للمالية وهو الإعفاء الذي سوّق على أنه استقالة.

كما أقال محافظ البنك المركزي مراد أويسال واستبدله بوالد زوجته ناجي إقبال الذي تولى في السابق مناصب في الدولة وساهم في صياغة بعض الاستراتيجيات النقدية والمالية.

وأفضت تلك التغييرات إلى تعاف نسبي للعملة الوطنية بدفع من ناجي إقبال السياسي والاقتصادي المخضرم الذي نجح في إقناع أردوغان بالتخلي عن سياسات مالية فاشلة.

ويقال إن الرئيس التركي كان يتلقى تقارير مغلوطة عن الوضع الاقتصادي، لكن ذلك لا يبرر حملاته وخصوماته الجانبية والشخصية مع الشركاء الأوروبيين وهي سياسة طاردة للاستثمارات وخلقت بيئة متوترة وعالية المخاطر في سوق ناشئة.

واستعداد تركيا لإعادة العلاقات إلى طبيعتها مع فرنسا قرار ربما يعيد تعديل كفة الأزمة الراهنة بشقيها الاقتصادي والسياسي، فتركيا تشعر بالفعل بوطأة العزلة الدولية وتأثيراتها خاصة أنها ترافقت مع عقوبات أوروبية وأميركية مؤثرة.

ولم تتضح بعد ملامح المصالحة مع فرنسا، إلا أنها إذا حدثت فمن شأنها تخفيف حدة التوترات القائمة ودفع باريس لتخفيف ضغوطها على الاتحاد الأوروبي لتبني سياسية أكثر حزما مع أنقرة.

وتحتاج تركيا لتخفيف جبهات المواجهة بينما تكابد لاستعادة توازناتها المالية وفي الوقت الذي أثقلت إجراءات مواجهة كورونا كاهل الدولة ماليا.