وعود السياسيين بالإصلاح لا تثني العراقيين عن مطالب "إسقاط النظام"

الحكومة العراقية استنفدت تقريبا كل الحلول لاحتواء الشارع المتمسك بمطالب رحيل الطبقة السياسية برمتها.
احتجاجات العراق تستمر غير مبالية بإصلاحات حكومة متهمة بـ"الفساد"
البرلمان العراقي ينهي قراءة أولية لقانوني الانتخابات والمفوضية

بغداد - لم تثني وعود جديدة أعلنتها كتل سياسية كبيرة وما أثمرته جلسة البرلمان الثلاثاء، العراقيين عن مواصلى الاحتجاجات المناهضة للنظام السياسي، لأن كلاهما لا يلبي مطلب "إسقاط النظام" وإجراء إصلاحات سياسية كاملة.

وتجمع مئات المتظاهرين في ساحة التحرير وسط بغداد، والتي تشكل نقطة الثقل الأساسية للاحتجاجات المستمرة منذ الشهر الماضي.

وقالت خيرية وهي متظاهرة في الستينات من العمر لفت العلم العراقي حول عنقها "انسحبت الثقة بين السياسيين والشعب حتى لو يملِّكون كل عراقي قصرا من ذهب لن يفيدهم ذلك"، مضيفة "الإصلاحات لهم وليست لنا".

وتهز احتجاجات انطلقت منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول، بغداد ومدن عدة في جنوب العراق، مطالبة بـ"إسقاط النظام" والقيام بإصلاحات واسعة، متهمة الطبقة السياسية بـ"الفساد" و"الفشل" في إدارة البلاد.

وقتل أكثر من 330 شخصاً غالبيتهم من المتظاهرين، منذ انطلاق موجة الاحتجاجات.

انسحبت الثقة بين السياسيين والشعب حتى لو يملِّكون كل عراقي قصرا من ذهب لن يفيدهم ذلك

وأتى تواصل الاحتجاجات الثلاثاء غداة اجتماع للكتل السياسية التي تمثل أطرافا رئيسية في الحكومة، صدرت في ختامه مقترحات لخطوات إصلاحية حتى نهاية العام الحالي.

وضم الاجتماع الرئيس العراقي برهم صالح ورئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني وقادة كتل سياسية بينهم رئيسا الوزراء السابقان حيدر العبادي ونوري المالكي وقادة في قوات الحشد الشعبي، مقابل غياب رئيس الحكومة الحالي عادل عبدالمهدي.

وأمهل المجتمعون الحكومة 45 يوما تنتهي بنهاية عام 2019 لتنفيذ الإصلاحات التي وعدت بها "وفي حال عجزت عن ذلك سيتم سحب الثقة عنها"، وتعديل قانون الانتخابات الحالي "بشكل عادل لتوفير فرص متكافئة للفوز للمرشحين المستقلين".

كما أمهل المجتمعون مجلس النواب المدة الزمنية ذاتها "لإقرار القوانين التي طالب بها المتظاهرون"، وإلا سيدعون إلى انتخابات تشريعية مبكرة.

ولم تلق هذه المقترحات صدى لدى المتظاهرين في ساحة التحرير.

وقال طالب الماجستير حيدر كاظم (25 عاما) "منذ 16 سنة والسياسيين يتكررون ويتعدل قانون الانتخاب ونفس الأشكال تعود.. يلعبون بنا شطرنج، محركين القطع يميناً ويساراً".

وتسلم مجلس النواب الأسبوع الماضي مسودة قانون انتخابي جديد، لكنها لم تناقش حتى الآن.

وأدرجت هذه المسودة ضمن جدول أعمال جلسة برلمانية تقرر انعقادها مساء الثلاثاء، وسيشارك فيها رئيس الوزراء الحالي.

وأوضح المتحدث باسم عبدالمهدي سعد الحديثي، أن رئيس الحكومة سيقدم خلال الجلسة تعديلات وزارية إصلاحية.

وتزامنا مع بغداد شهدت مناطق عدة في جنوب البلاد احتجاجات متواصلة اليوم، حيث أغلقت دوائر حكومية ومدارس في مدن الكوت والنجف والديوانية والناصرية.

وفي محافظة البصرة الغنية بالنفط قطع متظاهرون الطرق المؤدية إلى حقول للنفط وموانئ البلاد، بحرق إطارات سيارات لمنع وصول العاملين إلى تلك المواقع.

وفي ساحة التحرير قال أبو حيدر السبعيني المنحدر من مدينة الحلة "الشباب كلهم لا يؤمنون لا بتعديل، لا بإصلاحات، لا بزيادة رواتب، يؤمنون بشيء واحد وهو إلغاء الحكومة، البرلمان والدستور".

حكومة عبدالمهدي تدرس إصلاحات لا يبالي بها الشارع العراقي
حكومة عبدالمهدي تدرس إصلاحات لا يبالي بها الشارع العراقي

وأنهى البرلمان العراقي الثلاثاء قراءة أولية لمشروعي قانوني للانتخابات ومفوضية الانتخابات على أن يواصل مناقشتهما في الجلسات المقبلة بغية تمريرهما.

وأفادتقارير إعلامية أنمجلس النواب أنهى القراءة الأولى لمشروعي قانوني الانتخابات ومفوضية الانتخابات خلال جلسة حضرها 220 نائبا من أصل 329.

ومن المقرر أن يواصل البرلمان في الجلسات المقبلة مناقشة مشروعي القانونين تمهيداً لتمريرهما.

وكانت الحكومة قد وافقت على مشروعي القانونين قبل أسبوع وأرسلتهما إلى البرلمان لمناقشتهما تمهيدا لإقرارهما.

وتعد القوانين التي تنظيم الانتخابات المحلية والعامة في مرمى انتقادات المتظاهرين الذي يقولون إنها تخدم الأحزاب الحاكمة على حساب الكتل الصغيرة والمستقلين.

ووفق مسودة قانون الانتخابات الجديد فإنه يقلص مقاعد مجلس النواب إلى 251 (بدلا من 329)، ويفسح المجال للشباب بالترشح من خلال خفض سن الترشيح إلى 25 عاما (بدلا من 30).

كما ينص على منع كبار المسؤولين في الحكومة وحتى مدير عام من الترشح لمجلس النواب، إلا بعد ترك المنصب بمدة لا تقل عن سنتين.

كما يمنع الفائز من التحول من مجلس النواب لشغل منصب وزير أو بدرجة وزير.

وينص مشروع القانون على إبعاد المفوضية بالكامل عن سلطة مجلس النواب ومجلس الوزراء سواء بالتعيين أو الإقالة.

كما سيخفض أعداد المدراء العموم في المفوضية إلى 7 مدراء بعد أن كانوا 38 مديرا عاما.

ويأتي الشروع في تشريع القانونين استجابة لمطالب احتجاجات غير مسبوقة يشهدها العراق منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي.