وفاة أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش الجزائري

عبدالمجيد تبون كلف قائد القوات البرية رئاسة الأركان بالنيابة بعد وفاة أحمد قايد صالح عن عمر يناهز 79 عاما.

الجزائر - أعلن التلفزيون الحكومي الجزائري اليوم الاثنين وفاة رئيس أركان الجيش النافذ الفريق أحمد قايد صالح أحد أعمدة السلطة في الجزائر منذ 1962.

وأكدت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أن أحمد قايد صالح توفي إثر سكتة قلبية في ساعة متأخرة من ليل الأحد.

وقالت وسائل إعلام جزائرية إن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون كلف اللواء سعيد شنقريحة قائد القوات البرية رئاسة الأركان بالنيابة، معلنا الحداد الوطني لمدة 3 أيام و7 أيام بالنسبة للمؤسسة العسكرية.

وقايد صالح (79 سنة) كان الرجل القوي في الدولة منذ استقالة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في نيسان/أبريل تحت ضغط التظاهرات، وحكم البلاد فعليا حتى انتخاب عبدالمجيد تبون رئيسا في 12 كانون الأول/ديسمبر.

وقايد صالح هو جزء من النظام السابق ودافع طويلا عن بوتفليقة وكان من منتقدي الحراك الشعبي قبل أن يقفز من سفينة النظام ليصبح من أبرز الشخصيات المسؤولة التي أعلنت مغادرتها لفلك النظام.

ومنذ استقالة بوتفليقة أصبحت خطابات نائب وزير الدفاع، الدورية أمام قادة الجيش، هي التي "توجه" الحياة السياسية سواء بالطلبات أو النصائح.

وولد الفريق أحمد قايد صالح في العام 1940 في محافظة باتنة (300 كلم جنوب شرق الجزائر) والتحق وهو في سن السابعة عشر من عمره بجيش التحرير الوطني الذي حارب لثلاث سنوات جيش الاستعمار الفرنسي.

ولدى استقلال الجزائر في 1962 انخرط في صفوف الجيش ودخل أكاديمية عسكرية سوفييتية وتدرج في سلم القيادة.

وقد تولى قيادة عدة مناطق عسكرية قبل تعيينه عام 1994 قائدا لسلاح البر خلال الحرب الأهلية (1992-2002) بين الجيش الجزائري والتمرد الإسلامي.

في العام 2004 بعد إعادة انتخابه، اختار بوتفليقة هذا الضابط الذي أراد المسؤولون عنه إحالته على التقاعد، ليخلف الفريق محمد العماري الذي دفع ثمن معارضته لولاية ثانية للرئيس الجزائري.

ولشعوره بالامتنان، أصبح الفريق قايد صالح من المخلصين لبوتفليقة الذي أمن له وسائل تحديث الجيش.

ولدى عودته من باريس في يوليو/تموز 2013 حيث أمضى في المستشفى 80 يوما لإصابته بجلطة في الدماغ أضعفته، عيّن بوتفليقة وزير الدفاع والقائد الأعلى للجيوش بموجب الدستور، رئيس الأركان نائبا لوزير الدفاع.

ويؤكد مراقبون أنه منح هذا المنصب الوزاري مقابل دعمه في مواجهة قسم من الجهاز الأمني الذي يعارض ولاية رابعة ترشح لها بوتفليقة في 2014، أي بعد عام من إصابته بالجلطة.

كما دعم الفريق قايد صالح أيضا بوتفليقة عندما تعرض لدائرة الاستخبارات والأمن، الجهاز واسع النفوذ للاستخبارات التابع للجيش ورئيسه الفريق محمد مدين المعروف بالجنرال توفيق الذي أحيل على التقاعد عام 2015.

وفي أبريل الماضي تخلى قائد أركان الجيش عن رئيس الدولة الذي كان مخلصا وفيا له بسبب مخاوف داخل الجيش من خروج المظاهرات الغير مسبوقة عن السيطرة.

ومنذ تولي الجيش زمام الأمور في البلاد بقي قايد صالح يحذر المحتجين الجزائريين من مغبة الاستمرار في المظاهرات واعدا بتغيير حقيقي بعد إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها بحجة احترام الدستور، حيث كان يحذر تارة من خطورة الأطماع الأجنبية وتارة أخرى من محاولات "جهات مشبوهة" انتهاك السيادة الوطنية أو باستحضار فضائع العشرية السوداء.

وكان قايد صالح من أبرز قيادات الجيش الجزائري خلال فترة العشرية السوداء التي شهدت تمرد الإسلاميين في التسعينات حين قتل أكثر من مائتي ألف شخص في حرب أهلية.
ومكنت الترقية التي خصه بها بوتفليقة في 2013 من الإطاحة بعدد كبير من كبار ضباط الاستخبارات، ما أتاح له الإمساك بزمام الأمور في مفاصل الدولة، حيث أصر على وضع عدد من رجال الأعمال النافذين في السلطة وعدد من المسؤولين من نظام بوتفليقة في السجن لمحاكمتهم في قضايا فساد، كما أصر على إجراء الانتخابات الرئاسية في ديسمبر الجاري حتى لا تغرق البلاد في الفوضى، حسب تقديره، معتبرا إياها المخرج الوحيد للبلاد من الأزمة الدستورية والسياسية التي دخلتها منذ انقضاء فترة المرحلة الانتقالية لعبد القادر بن صالح، والتي حدّدها الدستور الجزائري بثلاثة أشهر كأقصى حد.

ويهيمن الجيش الجزائري منذ الاستقلال على المشهد السياسي ولديه الكلمة الفصل في تحديد سياسات الجزائر رغم الانتقادات الموجهة من قبل فئات مدنية تطالب بابعاد المؤسسة العسكرية عن السلطة والاضطلاع فقط بحماية الأمن القومي للجزائر ومواجهة التحديات العسكرية والأمنية.

وجاءت وفاة قايد صالح في وقت يشهد احتجاجات شعبية تطالب باستبعاد النخبة الحاكمة وإبعاد الجيش عن المشهد السياسي.

وقد لا يعني رحيل قايد صالح حدوث تغييرات كبيرة في التوجهات الاقتصادية والسياسية للجزائر مع وقوف كبار اللواءات بالجيش متحدين بشأن التعامل مع الاحتجاجات.

وقال لواء متقاعد طلب عدم نشر اسمه "تسلسل الجيش متحد وسيمضي قدما بعد قايد صالح كما فعل قبله. جيش الجرائر كتلة واحدة، لا تخضع لنفوذ لواء واحد لكن لديها إجماعا مثل محركها".

ورفضت السلطات إلى الآن أي محاولة منظمة لسحق الاحتجاجات باستخدام العنف، وسمحت باستمرارها في كل أسبوع لكنها عززت وجود الشرطة في الشهور القليلة الماضية واعتقلت الكثير من المتظاهرين.

وقال إسلام بن عطية، وهو شخصية بارزة بحركة الاحتجاج، على فيسبوك "يكفيك عند ربك أنك ابريت بقسمك ولم تسقط قطرة دم واحدة رغم صعوبة الأزمة".

وبرز الدور المحوري للجيش في السياسة بالجزائر الأسبوع الماضي خلال حفل تنصيب تبون، حيث عانق قايد صالح ومنحه وسام الاستحقاق بعد أن أدى اليمين مباشرة.