وفاة معارض لعباس تحت التعذيب تفجر غضبا فلسطينيا وتنديدا دوليا

حركة حماس تتهم السلطة الفلسطينية باغتيال الناشط نزار بنات، معتبرة أن وفاته جريمة مدبرة، فيما ندد الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بما حدث وطالبا بتحقيق دولي.
رئيس الحكومة الفلسطينية يأمر بتشكيل لجنة تحقيق في وفاة نزار بنات
ابن عم نزار بنات يؤكد تعرضه للضرب الشديد من قبل أجهزة الأمن
نزار بنات اتهم السلطة الفلسطينية بالفساد

الخليل (الضفة الغربية) - تواجه السلطة الفلسطينية حرجا كبيرا بعد وفاة مرشح برلماني معارض يوم الثلاثاء معروف بانتقاداته الشديدة للسلطة وذلك بعد أن اعتقلته أجهزة الأمن، ما أثار مطالب دولية بالتحقيق في ملابسات وفاته وسخطا شعبيا، حيث تظاهر المئات في رام الله مطالبين باسقاط النظام.

وذكر أقارب نزار بنات أنه تعرض لضرب مبرح أثناء اعتقاله في الخليل بالضفة الغربية الليلة الماضية. وقال محافظ الخليل جبرين البكري "على إثر صدور مذكرة إحضار من النيابة العامة لاعتقال المواطن نزار خليل محمد بنات، قامت فجر اليوم قوة من الأجهزة الأمنية باعتقاله".

وتابع "خلال ذلك تدهورت حالته الصحية وفورا تم تحويله إلى مشفى الخليل الحكومي وتم معاينته من قبل الأطباء حيث تبين أن المواطن المذكور متوف". ولم يوضح المحافظ سبب صدور مذكرة إحضار بنات أو سبب وفاته.

وبنات (43 عاما) ناشط اجتماعي معروف اتهم السلطة الفلسطينية بالفساد في قضايا منها تأجيل الرئيس محمود عباس انتخابات تأجلت طويلا في مايو/أيار ومنها اتفاق لم يدم طويلا مع إسرائيل لتوفير لقاحات واقية من كوفيد-19 هذا الشهر.

وكان بنات مرشحا على قائمة الحرية والكرامة لانتخابات المجلس التشريعي قبل أن يؤجلها عباس.

وقال حسين بنات (21 عاما)، وهو ابن عم نزار بنات ويقيم في نفس البيت "قوة كبيرة من أجهزة الأمن الفلسطينية اقتحمت المنزل الذي كان يتواجد فيه نزار بعد خلع الأبواب وبدؤوا بالاعتداء عليه مباشرة".

وأضاف "فتحوا الباب بالقوة. الأجهزة الأمنية أول ما دخلوا كان نزار نايم. صحينا على صوت ضرب نزار... كانوا طايحين ضرب على رأسه بالعتلات الحديدية وليس العصي الخشبية، اللي كسروا فيها الشبابيك. انهالوا عليه بالضرب لمدة ثماني دقائق متواصلة. إذا كنتم جايين تعتقلوه.. خدوه وخلاص بدون ضرب. ليش الوحشية.. ليش العنف؟".

وقال فرد آخر من العائلة حضر الاعتقال إن نزار بنات "خرج معهم وهو حي وكان يصرخ جراء تعرضه للضرب".

وعلى تويتر كتب مبعوث الأمم المتحدة للسلام بالشرق الأوسط تور وينسلاند إنه منزعج وحزين لوفاة بنات ودعا إلى تحقيق شفاف، مقدما تعازيه إلى عائلة بنات وقال إنه يجب تقديم الجناة للعدالة.

وكتب وفد الاتحاد الأوروبي للأراضي الفلسطينية على تويتر "مصدومون وحزينون" لوفاة بنات، مضيفا "يجب إجراء تحقيق كامل ومستقل وشفاف فورا".

ووصفت لين هاستينجز منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية النبأ بأنه "مزعج" وطالبت أيضا بتقديم المسؤولين عنه للعدالة.

ويوم الاثنين أدان بنات الذي له 100 ألف متابع على فيسبوك مسؤولي السلطة الفلسطينية واصفا إياهم "بالمرتزقة" بسبب اتفاق تسلم لقاحات لكوفيد-19 اقتربت صلاحيتها من الانتهاء، وهو اتفاق سرعان ما ألغته السلطة الفلسطينية قائلة إنه تبين أن أول شحنة إسرائيلية من اللقاح تنتهي صلاحيتها قبل الموعد المتفق عليه.

وقالت الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان إنها "تنظر بخطورة بالغة لحادثة وفاة الناشط نزار بنات المرشح السابق عن قائمة الحرية والكرامة لانتخابات المجلس التشريعي والذي أعلن خبر وفاته بعد وقت قصير من اعتقاله من قبل قوة أمنية كبيرة عند الساعة الثالثة فجر اليوم".

وأضافت في بيان أنها "باشرت بالتحقيق وجمع المعلومات حول حادثة الوفاة وستشارك في تشريح الجثمان من خلال طبيب شرعي منتدب من قبل الهيئة وستعلن نتائج التحقيق التي تتوصل إليها فورا".

كما أدانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بشدة ما وصفته "باغتيال" بنات وقالت في بيان "إن هذه الجريمة المدبرة والمنظمة تعكس نوايا وسلوك سلطة عباس وأجهزته الأمنية تجاه أبناء شعبنا والنشطاء المعارضين وخصومه السياسيين".

وقال المفوض السياسي العام المتحدث باسم الأجهزة الأمنية اللواء طلال دويكات إن رئيس الوزراء محمد اشتية أوعز بتشكيل لجنة تحقيق فورية ومحايدة بخصوص وفاة بنات.

ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية عن دويكات قوله "لا مانع من مشاركة مؤسسات حقوقية في لجنة التحقيق" وتأكيده استعداد الحكومة "لاتخاذ أية إجراءات تترتب على النتائج التي ستتوصل لها اللجنة بهذا الخصوص".

خرج مئات من الفلسطينيين اليوم الخميس إلى الشارع في رام الله للاحتجاج على وفاة بنات، مطالبين بـ "إسقاط النظام". وشارك في الاحتجاج سياسيون وحقوقيون وناشطون شباب.

ورفع المحتجون الذين حاولوا الوصول إلى "المقاطعة"، مقر القيادة الفلسطينية قبل أن تلقي قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع في اتجاههم، لافتات كتب على إحداها "لا للرواية البوليسية"، ورددوا الهتافات المنددة بالسلطة الفلسطينية.

وأصيب أحد المحتجين بقنبلة غاز في وجهه نقل على إثرها إلى المستشفى. وقال محتجون إنهم بصدد تنظيم احتجاج دائم في وسط مدينة رام الله بالقرب من مقر الرئيس محمود عباس "حتى يتم التغيير الشامل في عمل السلطة".

ووجهت دعوات لاحتجاجات مماثلة ضد وفاة بنات مساء الخميس وكذلك في مدينة نابلس، على الرغم من إعلان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية تشكيل لجنة تحقيق في ملابسات الحادثة.

وقال أشتية عبر صفحته على فيسبوك، إن اللجنة ستبدأ "فورا البحث والتقصي والوقوف على أسباب وفاة بنات".

وسيترأس وزير العدل محمد الشلالدة اللجنة التي ستتألف من ممثل عن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان وطبيب ممثل عن عائلة بنات وممثل عن الاستخبارات العسكرية.

وحمّلت حركة حماس الإسلامية التي تدير قطاع غزة "رئيس سلطة أوسلو محمود عباس وسلطته المسؤولية الكاملة عن كل تداعيات ونتائج جريمة اغتيال الناشط والمعارض السياسي نزار بنات".

وعلّق الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب الذي شارك في التظاهرة الاحتجاجية بالقول "الأمور باعتقادي ستتدهور أكثر لأن المجتمع الفلسطيني لم يعد يتحمل كثيرا إخفاقات السلطة الفلسطينية"، مضيفا "استخدام العنف ضد المتظاهرين سيؤجج الأمور أكثر".