وفد عراقي إلى واشنطن لبحث تخفيف قيود أميركية على المصارف

آلاف العراقيين يتدفقون على بغداد من مختلف المحافظات في مظاهرات غاضبة تنديدا بتدهور سعر صرف الدينار كانت قد دعت لها أحزاب وقوى عراقية.
بغداد ستطالب بمهلة حتى تستطيع المصارف العراقية التأقلم وتتعامل مع النظام المصرفي الجديد
السفيرة الأميركية في العراق تؤكد أن واشنطن لم تضع عقوبات على مصارف عراقية
آلاف العراقيين من مختلف المحافظات يتدفقون على بغداد للاحتجاج ضد تراجع سعر صرف الدينار

بغداد - يستعد وفد عراقي لزيارة الولايات المتحدة من أجل مناقشة مسألة ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي وفق ما كشفه اليوم الأربعاء المجلس الأعلى الإسلامي أحد القوى في الإطار التنسيقي الموالية لإيران، فيما يتواصل في الأثناء انهيار العملة العراقية وسط مخاوف العراقيين من مزيد تدهور قدرتهم الشرائية واتساع رقعة الفقر في البلد النفطي.

 وقال المتحدث باسم المجلس علي الدفاعي لوكالة "شفق نيوز" العراقية الكردية إن "وفدا قياديا من وزارة المالية العراقية والبنك المركزي العراقي سيزور الولايات المتحدة الأميركية خلال الأيام المقبلة من أجل التباحث في سياسة الفيدرالي الأميركي وإعطاء فرصة مناسبة من الوقت حتى تستطيع المصارف العراقية أن تتأقلم وتتعامل مع السيستم (النظام) المصرفي الجديد".

ويأتي هذا التحرك بعد أيام قليلة من إعفاء محافظ البنك المركزي مصطفى غالب مخيف من منصبه وتكليف علي محسن العلَّاق ليحل محلّه بالوكالة، في خطوة اعتبرت تتويجا لمساع يبذلها الإطار التنسيقي للاستحواذ على مناصب هامة في الدولة ورغبة بعض الأحزاب الشيعية في التخلص من المحافظ المقال بسبب سعيه لمواجهة بعض التجاوزات المصرفية وتعزيز التعاون الدولي للحد من تهريب العملة، فيما رحبت قيادات من الإطار بالإقالة ورأتها ضرورية لإصلاح الوضع المالي.

وبين الدفاعي أن "قضية محاربة الفساد وغسيل الأموال وتهريب العملة لا يمكن أن تعالج بجرة قلم بل تحتاج إلى قرارات وإجراءات"، مؤكدا "نحن نؤيد وندعم محاربة الفساد وإنهاء عمليات غسيل الأموال وتهريب العملة من العراق، لكن يجب أن تكون هناك فسحة من الوقت معقولة حتى تستطيع الحكومة العراقية متابعة وتنفيذ هذه الإجراءات".

وصرحت السفيرة الأميركية في العراق ألينا رومانوسكي بأن الولايات المتحدة لا تحدد سعر صرف الدولار ولم تضع عقوبات على مصارف عراقية جديدة وذكرت في لقاء تلفزيوني أن "واشطن تواصل آلية استغرقت عدة سنوات لتقوية القطاع المصرفي العراقي لمساعدته على الامتثال للنظام العالمي وضمان منع غسيل أموال الشعب العراقي وتهريبها إلى خارج العراق".

وأشارت إلى أنّ "هذه الإجراءات بدأت قبل سنتين بتطبيق تدريجي من قبل المصارف العراقية وفق اتفاق بين البنك الفيدرالي الأميركي والبنك المركزي العراقي"، مضيفة أنها "مصممة لمنع وتقييد غسيل الأموال كون تعليقها أو تأجيلها يؤدي إلى العودة بالمنظومة إلى الوراء".

وفقد الدينار العراقي نحو 10 في المئة من قيمته بعد إجراءات تتعلق بفرض قواعد امتثال على تعاملات البنك المركزي العراقي مع تجار العملة في ما يتعلق بالدولار الأميركي وباتت المصارف العراقية مطالبة بتقديم تحويلات بالدولار على منصة جديدة على الإنترنت وتتم مراجعتها بعد ذلك من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي.

انهيار الدينار أمام الدولار يضاعف مخاوف العراقيين من تواصل تدهور قدرتهم  الشرائية
انهيار الدينار أمام الدولار يضاعف مخاوف العراقيين من تواصل تدهور قدرتهم الشرائية

ويقول مسؤولون أميركيون إن النظام يهدف إلى الحد من استخدام النظام المصرفي العراقي لتهريب الدولارات إلى طهران ودمشق وملاذات غسل الأموال في أنحاء الشرق الأوسط.

وتعتبر أزمة العملة العراقية إحدى نتائج صراع أميركي إيراني تعيشه الساحة العراقية في ظل مخطط أميركي لمحاصرة تدفق أموال من إيران إلى وكلائها في المنطقة وهو ما اعتبرته طهران والأحزاب والميليشيات العراقية الموالية لها مؤامرة أميركية.

وتدفق اليوم الأربعاء آلاف العراقيين من مختلف المحافظات إلى العاصمة بغداد للاحتجاج ضد تراجع سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار.
وفي التعاملات المبكرة بلغ سعر صرف الدولار في الأسواق المحلية 1590 دينارا، بينما يبلغ سعر الصرف الرسمي للمواطنين 1470 دينارا لكل دولار واحد.
وبحسب وسائل إعلام عراقية محلية بينها وكالة "بغداد اليوم" دعت عديد الأحزاب والقوى السياسية المعارضة إلى الاحتجاج أمام مبنى البنك المركزي للتعبير عن الرفض الشعبي لتراجع أسعار الصرف.
وكانت الحكومة والبنك المركزي قد اتخذا منذ مطلع العام الجاري حزمة إجراءات لزيادة معروض الدولار في السوق المحلية وهو قرار نجح جزئيا في حل الأزمة إلا أن أسعار الصرف بقيت متراجعة وبلغ سعر صرف الدولار الشهر الماضي في الأسواق المحلية 1650 دينارا، قبل أن يتراجع حاليا دون 1600 مع بقائه بعيدا عن السعر الرسمي.
ونقل موقع "بغداد اليوم" اليوم مشاهد ولقطات لشوارع على أطراف العاصمة تشهد تدفقا لمواطنين قادمين للاحتجاج.
وتضررت القدرة الشرائية للعراقيين بسبب فوارق أسعار الصرف المتداولة وتلك الرسمية، وفي الأثناء لا يزال الدولار يشهد تذبذبا في وفرته وتعصف مخاوف حقيقية بالشعب العراقي من مزيد تدهور أوضاعه المعيشية في بلد لا يقوى على الاستغناء عن المواد المستوردة من الدول المجاورة والولايات المتحدة والصين لتزويد أسواقه باحتياجاتها، ما يجعل ارتفاع سعر صرف الدولار مأزقا حقيقيا بالنسبة إلى التجار والمواطنين.

وتواجه بغداد تحديا كبيرا لكبح اتساع رقعة الفقر الذي يزحف على محافظات البلاد.

ورغم الثروة النفطية الهائلة إلا أن شخصا واحدا من بين كل خمسة أشخاص لا يزال يعيش تحت خط الفقر في بلد يعاني من استشراء الفساد وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب.