14 قتيلا في احتجاجات مناوئة للحكم العسكري في السودان

وزير الخارجية الأميركي يرهن عودة تدفق المساعدات المالية الدولية للسودان بعودة الشرعية للحكومة المدنية التي أطاح بها الجيش.
السلطات السودانية تقطع خدمة الجوال بعد قطع الانترنت
جهود الوساطة لإنهاء أزمة الحكم تنتهي إلى طريق مسدود

الخرطوم - شهد السودان الأربعاء أكثر أيامه دموية منذ انقلاب قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان في 25 أكتوبر/تشرين الأول، مع مقتل 14 متظاهرا معارضين للحكم العسكري، فيما عُزل السودانيون عن العالم بقطع خدمات الهواتف والانترنت بالكامل.

وقالت لجنة الأطباء المركزية وهي نقابة مؤيدة للحكم المدني إن 11 شخصا من بينهم امرأة قتلوا بالرصاص في ضاحية العاصمة الشمالية وحدها وقد قتلوا "جميعهم برصاص حي بين الرأس والصدر والبطن".

وترتفع بذلك حصيلة الضحايا الذين سقطوا نتيجة قمع قوات الأمن للمتظاهرين منذ قاد البرهان انقلابا على شركائه المدنيين في الحكم، إلى 38 قتيلا بينهم ثلاثة مراهقين. وسقط أيضا مئات الجرحى.

وأوضح الأطباء أن غالبية القتلى وعشرات الجرحى الذين أصيبوا بالرصاص في العاصمة السودانية استهدفوا في "الرأس والصدر والعنق". وكانت حصيلة سابقة أشارت إلى مقتل عشرة متظاهرين.

وكانت اللجنة المؤيدة للحكم المدني قد ذكرت في وقت سابق أن عشرة على الأقل قتلوا برصاص قوات الأمن خلال احتجاجات مناهضة للانقلاب العسكري، لكن الحصيلة سرعان ما ارتفعت إلى 14 قتيلا ومن المرجح أن تزيد عن ذلك.

وقالت اللجنة على صفحتها على فيسبوك إن المتظاهرين قتلوا خلال "قمع" التظاهرات في منطقة بحرى (شمال شرق الخرطوم)، مشيرة إلى إصابات بـ"الرصاص الحي"، موضحة أن أحد القتلى أصيب في الرأس وثان في العنق.

وأكدت "سقوط عشرات الجرحى بالرصاص الحي، بعضهم في حالات حرجة"، بينما تقول السلطات أن قوات الأمن لا تستخدم الرصاص الحي.

وتأتي هذه التطورات بينما أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء أن السودان سيحظى بدعم المجتمع الدولي ومساعداته مجددا في حال إعادة "الشرعية" للحكومة التي تمت الإطاحة بها اثر الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر/تشرين الأول.

قال بلينكن في مؤتمر صحافي عقده في العاصمة الكينية نيروبي في مستهل جولة افريقية "من الضروري أن تستعيد المرحلة الانتقالية الشرعية التي كانت عليها. إذا أعاد الجيش الأمور إلى مسارها وفعل ما هو ضروري، أعتقد أنه من الممكن استئناف دعم المجتمع الدولي الذي كان قويا للغاية".

لكن قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان الذي عزل الحكومة ورئيسها عبدالله حمدوك وحل المجالس وكل ما يتعلق بالشراكة مع المدنيين، أعلن مؤخرا عن تشكيل مجلس سيادي جديد، ما يعني أنه لن يتراجع عن إجراءات استبعاد المدنيين من الحكم.

ومنذ الانقلاب العسكري الذي قاده البرهان يعيش السودان على وقع أزمة آخذة في التفاقم مع احتجاجات لم تهدأ مؤيدة للحكم المدني ورافضة للحكم العسكري.

وتدفق اليوم الأربعاء المئات من السودانيين على شوارع الخرطوم ومدن مجاورة، بينما أفاد شهود بأن خدمة الهاتف المحمول داخل السودان انقطعت في حين تجمع محتجون في أرجاء العاصمة الخرطوم ومدن أخرى للاحتجاج على سيطرة الجيش على البلاد.

وبحلول بعد الظهر كان آلاف قد خرجوا في مسيرات متناثرة في الخرطوم. وبدأت قوات الأمن في عدة أماكن في إطلاق الغاز المسيل لتفريق المتظاهرين.

وتطالب الاحتجاجات التي نظمتها لجان المقاومة المحلية بتسليم كامل للسلطات المدنية ومحاكمة قادة انقلاب يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول.

وفي أحد شوارع الخرطوم الرئيسية أحرق المحتجون الإطارات ورددوا هتافات مناهضة للانقلاب العسكري، بينما حمل آخرون صور من قتلوا في احتجاجات سابقة وصور عبدالله حمدوك رئيس الوزراء المدني الذي أطيح به ووضع قيد الإقامة الجبرية في منزله.

ونشرت صور الاحتجاجات في عدة مدن وبلدات منها بورسودان وكسلا ودنقلة وجنينة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال شهود إن قوات الأمن انتشرت بكثافة في الشوارع الرئيسية ومفارق الطرق واستخدمت الغاز المسيل للدموع لإبقاء المحتجين بعيدا عن نقاط التجمع وأغلقت الجسور العابرة لنهر النيل والتي تربط العاصمة الخرطوم بمدينتي الخرطوم بحري وأم درمان.

وخدمات اتصال الهواتف المحمولة بالإنترنت معطلة في السودان منذ استيلاء الجيش على السلطة. وأدى ذلك إلى تعقيد جهود الجماعات المؤيدة للديمقراطية لشن حملة مسيرات مناهضة للجيش وإضرابات وعصيان مدني.

وقال حزب المؤتمر السوداني، الذي كان جزءا من ائتلاف مدني كان مشاركا في السلطة مع الجيش قبل الانقلاب إنه تم إلقاء القبض على أحد زعمائه في أعقاب مداهمة منزله.

وأنهى الانقلاب شراكة انتقالية بين الجيش وجماعات مدنية ساعدت في الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 2019.

وتعثرت جهود الوساطة مع تحرك قائد الجيش عبدالفتاح البرهان لتشديد قبضته على السلطة بالاستعانة بمسؤولين مخضرمين من عهد البشير.

ويوم السبت، نظمت جماعات المعارضة أحدث مسيرة جماهيرية ضمن مسيرات تستمر ثلاثة أيام ضد الجيش وشارك فيها مئات الآلاف. وذكر مسعفون أن سبعة أشخاص قتلوا بالأعيرة النارية والغاز المسيل للدموع مع تحرك قوات الأمن لتفريق المتظاهرين.