22 اتفاقية ترسم مسار الشراكة الإستراتيجية بين المغرب وفرنسا

المسار الجديد في علاقات فرنسا بالمغرب يمر حتما عبر بوابة رئيسية من المنظور المغربي وهو مغربية الصحراء وقد أدركت فرنسا واقعية هذا الطرح كمدخل أساسي لتمتين علاقاتها مع المملكة.

الرباط - ترسم الاتفاقيات الـ22 التي وقعها المغرب وفرنسا مساء أمس الاثنين في مراسم ترأسها العاهل المغربي الملك محمد السادس وضيفه الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون الذي بدأ زيارة دولة للرباط تستمر 3 أيام، مسار علاقات شراكة أوسع وأوثق بين البلدين وتعكس في الوقت ذاته انفتاحا فرنسيا واسعا على المغرب بما يشمل مختلف المجالات الحيوية والاستثمارات في أكثر من قطاع وأكثر من منطقة بما في ذلك الأقاليم الجنوبية للمملكة وصحرائها.

وهذا المسار الجديد يمر حتما عبر بوابة رئيسية من المنظور المغربي وهو مغربية الصحراء وقد أدركت فرنسا واقعية هذا الطرح كثابت وطني يمتن علاقاتها مع المملكة شأنها في ذلك شأن بقية الدول التي أقرت بسيادة المغرب على صحرائه.

ويرسم المسار الجديد كذلك انفتاحا فرنسيا واسعا على المبادرات التي أطلقها العاهل المغربي للتكامل الاقتصادي بين افريقيا وأوروبا وعلى رأسها المبادرة الأطلسية التي تعكس بمضامينها وأهدافها رؤية ومقاربة الملك محمد السادس للتنمية والسلام والاستقرار في المنطقة.

ونشرت الوكالة المغربية الرسمية (و م ع) تفاصيل الاتفاقيات التي جرى توقيعها برئاسة كل من العاهل المغربي والرئيس الفرنسي والتي تشير طبيعتها ومجالاتها إلى مرحلة جديدة من التعاون بين البلدين والتي قد تفتح كذلك شهية الشركاء الأوروبيين لتوسيع مجالات الشراكة مع المغرب الذي يشهد تحولات ضخمة على مستوى البنى التحتية والخدمات ومناخ الاستثمار.    

اتفاقيات واعدة في العديد من القطاعات
اتفاقيات واعدة في العديد من القطاعات

وتشمل الاتفاقية الأولى بحسب الوكالة المغربية بروتوكول اتفاق للتزويد بقاطرات للقطار فائق السرعة والعناصر الداعمة لها، ضمن تطوير واستكمال مشروع ضخم في النقل الحديدي على وقع استعدادات المملكة لاستضافة حدثين رياضيين كبيرين هما مونديال 2030 بالشراكة مع اسبانيا والبرتغال وكأس الأمم الإفريقية 2026 سيكون خلالهما المغرب محطة أنظار العالم.

أما الاتفاقية الثانية فهي إعلان نوايا للتعاون المالي في قطاع السكك الحديدية، بينما تتعلق الاتفاقية الثالثة بعقد مساعدة بين المكتب الوطني للسكك الحديدية وشركة سيسترا/ايجيس وتشمل تقديم خدمات المساعدة على تنفيذ أشغال مشاريع البنيات التحتية للخط فائق السرعة بين القنيطرة ومراكش.

وتتضمن الاتفاقية الرابعة عقدا للتزويد بمعدات السكك الحديدية الخاصة بالخط فائق السرعة في إطار إنجاز الخط السككي بين القنيطرة ومراكش. وفي ما يتعلق بالاتفاقية الخامسة فهي بروتوكول اتفاق بين حكومة المملكة المغربية وشركة 'سافران' لإنشاء موقع لصيانة وإصلاح محركات الطائرات.

وسيتم بموجب هذه الاتفاقية تنفيذ مشروع استثماري يشمل بناء وتجهيز ورشة لصيانة وإصلاح محركات الطائرات LEAP بقيمة استثمارية تقارب 130 مليون أورو، بينما تهم الاتفاقية السادسة تفعيل "عرض المغرب" من أجل تطوير قطاع الهيدروجين الأخضر.

وقالت وكالة المغرب العربي للأنباء إنه وبموجب العقد التمهيدي، تتعهد الدولة بتعبئة الوعاء العقاري وتخصيصه بشكل حصري للمستثمر وفقا للشروط الواردة في العقد المذكور، وبشكل عام باحترام جميع التزاماتها، مقابل وفاء المستثمر بجميع التزاماته".

وتتعلق الاتفاقية السابعة بتعزيز التعاون والشراكة الإستراتيجية في مجال الطاقة والربط والانتقال الطاقي وهي شراكة تهدف إلى تطوير التعاون والمبادلات بين الطرفين في هذا مجال الحيوي لا سيما السياسة الطاقية والتخطيط وإصدار الشهادات والتقنين والطاقات المتجددة والأنظمة الكهربائية، بما في ذلك الإنتاج والشبكات الكهربائية وإنتاج الهيدروجين منخفض الكربون وتخزين الطاقة والمعادن ذات الطبيعة الخاصة ونقل الجزيئات.

تسريع الاستثمارات

وتهم الاتفاقية الثامنة بروتوكول اتفاق حول إحداث آلية لتسريع الاستثمارات المغرب-فرنسا، وقعه عن الجانب المغربي محمد بنشعبون المدير العام لصندوق محمد السادس للاستثمار وعن الجانب الفرنسي كل من المدير العام للوكالة الفرنسية للتنمية ريمي ريو والمديرة العامة لـSTOA، ماري لور مازو ومديرة الشؤون الدولية والأوروبية ببنك الاستثمارات العامة لفرنسا، إيزابيل بيبير.

ووقع الاتفاقيتين التاسعة والعاشرة عن الجانب المغربي وزير الداخلية عبدالوافي لفتيت ونظيره الفرنسي برونو ريتيليو وتشملان: إعلان نوايا لتعزيز التعاون في مجال الوقاية المدنية وتعزيز التعاون في مجال مكافحة الحرائق في الفضاءات الطبيعية.

وتتعلق الاتفاقية الحادية عشرة بإعلان بين الوكالة الوطنية للموانئ المغربية والوكالة الفرنسية للتنمية، يتفق من خلاله الجانبان على صياغة برنامج دعم جديد للوكالة الوطنية للموانئ.

وتشمل بحسب الوكالة المغربية الرسمية أربعة محاور رئيسية: هي التحول الأخضر للموانئ وتحسين القدرة على الصمود في مواجهة التغير المناخي والاقتصاد الأزرق والابتكار الذي يغطي كامل التراب الوطني بما في ذلك الأقاليم الجنوبية (الداخلة والعيون). وتلتزم الوكالة الفرنسية للتنمية بتعبئة قرض قدره 100 مليون أورو.

والاتفاقية الثانية عشرة هي بروتوكول تفاهم في مجال الماء يتطلع بموجبها الطرفان إلى صياغة برنامج دعم جديد للإستراتيجية الوطنية للمياه وتعزيز التدبير المندمج للموارد المائية، على أن تلتزم الوكالة الفرنسية للتنمية باتخاذ الإجراءات اللازمة لتعبئة غلاف مالي بقيمة 100 مليون أورو لهذا البرنامج.

الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي امانويل ماكرون يعيدان العلاقات بين البلدين إلى مسارها الصحيح بعد فترة من التوترات
الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي امانويل ماكرون يعيدان العلاقات بين البلدين إلى مسارها الصحيح بعد فترة من التوترات

وتتعلق الاتفاقية الثالثة عشرة باتفاق - إطار في المجالين الفلاحي والغابوي يحدد محاور التعاون ذات الأولوية بين المغرب وفرنسا للمساهمة في تعزيز الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وصمود هذه القطاعات في مواجهة تغير المناخ.

وبحسب المصدر ذاته يمكن أن يساهم في التعاون في المجال الفلاحي في اتجاه إفريقيا، من خلال الاعتماد على موقع المغرب كصلة وصل بين فرنسا والاتحاد الأوروبي وإفريقيا.

وتشمل الاتفاقية الرابعة عشرة إعلان نوايا فرنسي – مغربي للتعاون في مجال التربية 2024-2026 حيث يطمح الطرفان إلى تطوير تعاونهما في المحاور التالية: دعم التكوين المتميز ومواكبة شعب التعليم التقني وتعزيز شبكة المؤسسات التعليمية الفرنسية بالمغرب، والمساهمة في تدريس اللغة العربية بفرنسا وإعادة تنشيط الشراكات بين الأكاديميات.

وتتعلق الاتفاقية الخامسة عشرة بإعلان نوايا في مجال التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ويشمل مبادرات شراكة حول ثلاثة محاور هي دعم الشراكة في مجال التكوين الجامعي وإضفاء دينامية على التعاون العلمي في المجالات ذات الأولوية ودعم التعاون حول حكامة منظومة التعليم العالي والبحث والابتكار.

وتهم الاتفاقية السادسة عشرة بروتوكول اتفاق لإحداث مركز بحث فرنسي -مغربي ذي توجه إفريقي. وسيخصص هذا المركز وهو الأول من نوعه في إفريقيا للتكوين والبحث والابتكار في مجالات دقيقة ممن بينها الذكاء الاصطناعي وقواعد البيانات الضخمة والأمن السبيراني والطاقات المتجددة والهيدروجين والعلوم الإنسانية والاجتماعية.

وتتعلق الاتفاقية السابعة عشرة بإعلان نوايا للتعاون الثقافي، حيث يعتزم الطرفان تعزيز التعاون الثنائي في ستة مجالات هي الصناعات الثقافية والإبداعية والكتاب والمكتبات والفرنكوفونية والتبادل بين المهنيين ومواكبة الحركية والتراث والمتاحف والمهن الفنية، وتوجه مشترك نحو إفريقيا.

وفي نفس السياقات تشمل الاتفاقية الثامنة عشرة إعلان نوايا حول دعم وهيكلة منظومة الصناعة الثقافية والإبداعية في مجال ألعاب الفيديو، بهدف تعزيز التعاون من خلال تعبئة الخبرات الفرنسية لدعم هيكلة هذه الصناعة في المملكة وإحداث مدينة للألعاب الإلكترونية في الرباط.

دعم إستراتيجية إزالة الكربون

وتهم الاتفاقية التاسعة عشرة بروتوكول اتفاق بين مجموعة المكتب الشريف للفوسفات والوكالة الفرنسية للتنمية، فيما يشمل الاتفاق الذي تقدر قيمته بـ 350 مليون أورو، دعم إستراتيجية إزالة الكربون للمجموعة ودعم تطوير سلاسل القيمة الفلاحية والغذائية بإفريقيا من خلال دعم منصة التمويل الزراعي 'أغري فينونس' وتكثيف الشراكات بين المقاولات الفرنسية ومجموعة المكتب الشريف للفوسفات ودعم التكوين والبحث في مجال الأمن الغذائي.

وتهم الاتفاقية الـ20 كذلك المكتب الشريف للفوسفات وشركة 'انجي' ضمن تعزيز مجال الانتقال الطاقي، بينما يتوقع أن تساهم في تعزيز المنظومة الصناعية المحلية وفي خلق فرص جديدة بالنسبة للمقاولتين وشركائهما الوطنيين والدوليين. ويشمل الاتفاق خمسة مشاريع هي شبكة النقل الكهربائي والهيدروجين الأخضر والكهرباء الخضراء وتحلية المياه للاستخدام الزراعي والبحث والابتكار.

وأوضحت وكالة المغرب العربي للأنباء أن الاتفاقية الـ21 تتعلق ببروتوكول اتفاق لتوسيع المرحلة الثانية من مزرعة الرياح بتازة، في حين تعلقت الاتفاقية الـ22 بتعزيز الشراكة والتعاون في مجال النقل البحري ويهدف الاتفاق إلى تطوير محطة للحاويات بالناظور غرب المتوسط وإطلاق منصة الناظور غرب المتوسط واستثمار بقيمة 258 مليون أورو.

وتشير طبيعة الاتفاقيات ومجالاتها إلى رغبة فرنسية في توسيع نطاق التعاون مع المغرب بما يؤهل باريس لتكون أكبر شريك للمملكة في منطقة شمال إفريقيا ومنطقة الساحل التي انحسر فيها نفوذها إلى حد كبير.