يمكنك الان اختيار لون لحم سمك السلمون

ما زال لحم هذا السمك الوردي الفاتح بالنسبة للكثيرين علامة على الطعام الشهي باهظ الثمن، غير أن منتج المزارع السمكية أصبح الان شائعا، ورخيصا - ولكن تثور حوله الكثير من الشكوك الصحية، حسبما يقول علماء البيئة البريطانيون.
فقد أنتج في بريطانيا بمفردها في العام الماضي نحو 150 ألف طن من سلمون المزارع وغالبيته قبالة الساحل الغربي لاسكتلندا.
غير أن الزبائن الاكثر تمييزا بدأوا الان الامتناع عن هذا النوع من السمك الشهي نتيجة المخاوف المتزايدة من استخدام الكيماويات للقضاء على الطفيليات في المزارع السمكية وتركز السموم في الطعام الذي يقدم للاسماك والاثر العام على البيئة الذي تخلفه أحواض السمك الكبيرة تلك.
فالانواع الطبيعية تتعرض لتهديد من جانب الصناعة المربحة لانتاج تلك الاسماك في غير بيئاتها الطبيعية.
فالاسماك التي تنتجها المزارع تختلف من الناحية الوراثية عن مثيلاتها الطبيعية، كما أنها أكثر عدوانية نتيجة ضيق مساحة الاحواض التي تربى فيها. وكثيرا ما تفلت أعداد ضخمة من تلك الاسماك المرباة، ويخشى علماء البيئة أن تقضي أسماك المزارع على الاسماك الطبيعية بمزاحمتها في بيئتها.
يذكر أن نحو 55 ألف سمكة سلمون طبيعية يتم صيدها كل عام مقارنة بنحو 70 مليون سمكة من إنتاج أحواض السمك الصناعية والتي يستخدم فيها مزيج من الكيماويات للقضاء على الطفيليات والفطريات البحرية التي تصيب تلك الاسماك، فضلا عن إكسابها لون صناعي أيضا.
ويميل السمك المنتج في أحواض المزارع إلى اللون الرمادي ولا يلقى قبول المستهلك. ولهذا يمكن أن يختار تجار السمك لون السمك الذي يرغبون فيه من بين لوحة ألوان لا تختلف كثيرا عن تلك التي تعرض في متاجر الدهانات، كما يقول كيفن دانيون من جمعية أصدقاء الارض.
كما أن فضلات الاسماك التي تخرج مباشرة في البحر، وتعادل فضلات بلدة صغيرة في حالة بعض المزارع الكبيرة، تبعث أيضا على القلق وتساعد على نمو الطحالب.
غير أن استخدام المواد الكيماوية المحظورة مثل مبيد الحشرات افيرميكتين للسيطرة على الطفيليات المائية يعتبر باعثا رئيسيا على القلق. ويزداد استعداد السلطات بصورة مستمرة لاتخاذ إجراءات ضد استخدام مثل تلك المواد، وقد اتهمت مزرعتان في جزر شيتلاند هذا الاسبوع باستخدام هذه المادة الكيميائية.
ويقول دانيون مرحبا بتغير اتجاه السلطات "على الرغم من أن علماء الهيئات الحكومية يجدون بصورة منتظمة الان موادا كيماوية سامة محظورة في السلمون المنتج في المزارع، فإنه من غير المعتاد أن تنتهي هذه الحالات بالمقاضاة".
ومن المخاوف الاخرى المتزايدة أيضا وجود المادة المعروفة باسم بي.سي.بي في الغذاء الذي يقدم للاسماك في المزارع.
وتغذى أسماك السلمون على كريات صغيرة من علف الاسماك المصنع من بقايا الاسماك الطبيعية المأخوذة من أساطيل الصيد الصناعية. وعند تركيز محتواها يتم أيضا تركيز مجموعة من المواد الكيماوية المحظورة الان في غالبية الدول، وتعرف باسم بي.سي.بي، وبالتالي تنتقل إلى الانسان.
وتتركز مادة البي.سي.بي في دهون الجسم ولا تتحلل بسهولة. وتعتبر مسئولة عن أنواع من السرطان والعقم.
وقارن العالم الكندي مايكل ايستون السلمون الطبيعي بسلمون المزارع وتوصل إلى أن وجود فارق كبير بين الاثنين في محتوي البي.سي.بي.
وقال "إن النتائج واضحة للغاية. أسماك المزارع والغذاء الذي يقدم لها يحتوي على مستو عال من التلوث فيما يتعلق بمجموعة بي.سي.بي، والمبيدات الحشرية من الكلور العضوي وأثيرات متعددة البروم ثنائية الفينيل، مقارنة بالاسماك الطبيعية".
ويتركز قلق دانيون في بشكل خاص على نصيحة الحكومة البريطانية للمواطنين بتضمين الاسماك الدهنية مثل السلمون في غذائهم. ويقول "الان فقط بدأت السلطات في إعطاء اهتمام جاد لخطورة البي.سي.بي".
غير أن الجوانب الاقتصادية تقود الاتجاه لمزارع الاسماك. فقد ازداد إنتاج أسماك السلمون في الاحواض بسرعة مطردة من 13 ألف طن في عام 1988 إلى 150 ألف طن في العام الماضي، كما أن تربية أنواع أخرى بدأت تخرج من مراحلها التجريبية إلى التطبيق التجاري.
ويوفر هذا القطاع 6500 وظيفة في اسكتلندا ويشارك في الاقتصاد بقدر أكبر مما تشارك به مزارع الاغنام والابقار معا.
ويسعد المستهلك الغافل بشراء سلمون المزارع الطازج من المتاجر مقابل سعر أقل كثيرا من سعر السلمون الذي يتم صيده من البحار.
أما سمك السلمون الطبيعي فيتم بيعه في موسمه في الصيف بنحو خمسة أضعاف سعر سلمون المزارع، وقد يكون أغلى من ذلك بكثير في بشائر الموسم. وأما سلمون المزارع العضوية (الخالي من الكيماويات)، والذي طرح مؤخرا في الاسواق، فسعره يتوسط السعرين.
غير أن الميالين إلى الطبيعة والصيادين الذين يجوبون البحار أخذوا يتصدون لسلمون المزارع، حيث أن معدلات صيد السلمون وصلت إلى أقلها الان منذ بدء تسجيل تلك المعدلات في عام 1952 ويبدو أن الانخفاض سريع.
والان يقوم أنصار البيئة والصيادون بحشد جهودهم بمواجهة هاجسهم الاكبر، ألا وهو الاسماك المعدلة وراثيا، والتي تنمو بمعدل عشرة أضعاف السمك الطبيعي. وقد أجريت محاولات ناجحة لتربية الاسماك المعدلة وراثيا، بعيدا عن الساحل الاسكتلندي الحساس. غير أنه لا تزال تربية تلك الاسماك المعدلة وراثيا على نطاق واسع محظورة في الوقت الحالي.