المجلس العسكري ماض بثبات في استبعاد رموز البشير من الحكم
الخرطوم - أصدر رئيس مجلس العسكري الانتقالي بالسودان عبدالفتاح البرهان اليوم الأحد، قرارا بإعفاء كل من مدير إدارة مراسم الدولة في رئاسة الجمهورية العميد محمد المبارك سليمان ومدير الإدارة العامة للشؤون الإعلامية بالقصر الرئاسي قبيس أحمد المصطفى، وفق ما جاء في بيان صادر عن إعلام المجلس العسكري الذي لم يقدم المزيد من التفاصيل.
لكن هذا الإجراء يأتي على ما يبدو ضمن حزمة إجراءات موسعة بدأ العسكري الانتقالي في اتخاذها لتهدئة الغضب الشعبي، حيث يرفض المحتجون أن يشارك رموز النظام السابق في المرحلة الانتقالية.
كما تأتي إجراءات العسكر ضمن جهود متواصلة لبناء الثقة وتهيئة الظروف المناسبة لتأمين المرحلة الانتقالية وصولا إلى نقل سلسل للسلطة إلى حكومة مدنية.
وتشكل إجراءات المجلس العسكري أيضا خطوة مهمة نحو بناء الثقة مع القوى السياسية والمدنية تمهيدا لقيادة المرحلة الانتقالية وتجنب أي صدام في المستقبل.
ويعد المسؤولان الذين أعفيا من منصبيهما من الكوادر النافذة في حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقا.
وفي 11 أبريل/نيسان عزل الجيش عمر البشير من الرئاسة، بعد 3 عقود من حكمه البلاد، على وقع احتجاجات شعبية متواصلة منذ نهاية العام الماضي.
وشكّل الجيش مجلسا عسكريا انتقاليا وحدد مدة حكمه بعامين، متوقعا في الوقت ذاته أنها يمكن أن تكون أقل، وسط خلافات مع أحزاب وقوى المعارضة بشأن إدارة المرحلة المقبلة.
وتوصل قادة الاحتجاجات والجيش السوداني الذي يتولى الحكم في البلاد إلى اتفاق على تشكيل مجلس مشترك يضمّ مدنيّين وعسكريّين، في خطوة تُشكل اختراقا كبيرا قد يدفع نحو التوصل إلى حل للأزمة التي اندلعت منذ أكثر من أسبوعين بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير.
وجاء هذا الاتفاق تلبية لمطالب آلاف المتظاهرين المعتصمين منذ ثلاثة أسابيع أمام مقرّ القيادة العامّة للقوّات المسلّحة السودانيّة في الخرطوم للمطالبة بنقل السلطة إلى إدارة مدنيّة. وباتوا حاليا ينتظرون التشكيل الفعلي للمجلس المشترك الذي أُعلن عنه السبت، قبل اتخاذ قرار بشأن مصير اعتصامهم.
ويندرج هذا الاعتصام في إطار الحركة الاحتجاجية التي انطلقت في 19 ديسمبر/كانون الأول ضد قرار الحكومة بزيادة سعر الخبز ثلاثة أضعاف، إلا أنها سرعان ما تحوّلت إلى احتجاجات ضد البشير الذي أطاح به الجيش.
وبعد رحيل البشير الذي حكم السودان ثلاثين عاما بقبضة من حديد، واصل المتظاهرون الضغط لحض المجلس العسكري الانتقالي الذي تسلّم زمام الحكم في البلاد، على التخلي عن السلطة ومحاكمة البشير والمسؤولين الرئيسيين في نظامه.

وقال ممثل المحتجّين أحمد الربيع الذي شارك في الاجتماع الأول للجنة المشتركة التي تضمّ ممثلين عن الطرفين، "اتّفقنا على مجلس سيادي مشترك بين المدنيّين والعسكريّين"، مضيفا "الآن المشاورات جارية لتحديد نسب مشاركة المدنيّين والعسكريّين في المجلس".
وبحسب ناشطين، سيضم المجلس 15 عضوا هم ثمانية مدنيين وسبعة جنرالات.
وسيشكل هذا المجلس المشترك الذي سيحلّ محل المجلس العسكري السلطة العليا للبلاد وسيكون مكلفا بتشكيل حكومة مدنية انتقالية جديدة لإدارة الشؤون الجارية وتمهيد الطريق لأول انتخابات بعد البشير.
واجتمع الأحد مسؤولون في تحالف الحرية والتغيير الذي يضم أحزابا سياسية ومجموعات من المجتمع المدني تقود الاحتجاجات، من أجل النظر في نتائج المفاوضات مع الجيش.
وفي وقت لاحق الأحد، من المقرر أن تستكمل المحادثات بين الطرفين في اللجنة المشتركة.
ويشكل الاتفاق الذي تم التوصل إليه اختراقا في الأزمة التي تبعث مخاوف من خروج الوضع عن السيطرة في هذا البلد الفقير، إذ أن العسكريين يرفضون حتى الآن التخلي عن الحكم رغم الدعوات المحلية والدولية.
وقال أحد المتظاهرين ويدعى محمد ندجي الأحد "أنا سعيد بنتائج المحادثات" مضيفا "لكن ننتظر إعلان تشكيل المجلس".
واعتبر متظاهر آخر يدعى محمد أمين أن "ما حصل هو خطوة في اتجاه إنشاء سلطة مدنية"، قائلا "عندما تُشكل حكومة مدنية، يمكننا إذا القول إننا على الطريق الصحيح".
ورأت متظاهرة تدعى سوسن بشير أن "الاتفاق خطوة في اتجاه استقرار البلاد". وقالت "لكننا لن نفضّ الاعتصام قبل إنشاء حكومة مدنية".
وكانت الدول الغربية والإفريقية دعت إلى نقل السلطة من المجلس العسكري الانتقالي الذي كان من المفترض أن يحكم لمدة عامين، إلى إدارة مدنيّة.
وإضافة إلى الأزمة السياسية، يواجه السودان الذي يعدّ حوالي أربعين مليون نسمة وقد حُرم من ثلاثة أرباع احتياطه النفطي منذ استقلال جنوب السودان في 2011، أزمة اقتصادية ويعاني خصوصا من نقص حاد في العملات الأجنبية.