أردوغان يفشل في تنفيذ تهديداته بشن هجوم شمال سوريا

مجلس الأمن القومي التركي أعلن عن تعزيز الجهود لإنشاء المنطقة الآمنة على الحدود مع سوريا، بعد أن هدد أردوغان بشن هجوم عسكري أحادي الجانب.

أنقرة - فشل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تنفيذ تهديداته بشن هجوم عسكري في شمال شرق سوريا في حال لم تتم إقامة "المنطقة الآمنة" قبل نهاية شهر سبتمبر، متعللا بمصلحة اللاجئين بعد أن خيبت زيارته للجمعية العامة للأمم المتحدة آماله في كسب دعم أميركي.

وأعلن مجلس الأمن القومي التركي الذي ترأسه أردوغان أمس الاثنين، أن أنقرة ستعزز جهودها بخصوص إنشاء منطقة آمنة في سوريا بدل  اطلاق عملية عسكرية.

ويعد هذا بمثابة تراجع عن تهديد سابق صدر عن الرئيس التركي قبل أيام بإطلاق عملية عسكرية بصورة أحادية في شمال سوريا في حال لم يتم إقامة "منطقة آمنة" مشتركة مع الولايات المتحدة بحلول نهاية سبتمبر/أيلول.

ونقلت وكالة "الأناضول" التركية أن مجلس الأمن التركي أكد في اجتماعه الاثنين على أن "تركيا ستعزز جهودها الصادقة على نحو أكبر بخصوص إنشاء منطقة آمنة في سوريا، من أجل تسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم في أقرب وقت ممكن، حيث تتناول تركيا قضية اللاجئين على أنها مسألة إنسانية".

وأضاف المجلس في بيان أن "تركيا تحترم سلامة الأراضي السورية ووحدتها السياسية، وتؤيد الحل السياسي على أساس الدستور الجديد لسوريا وتشاطر ذلك مع المجتمع الدولي في كل فرصة".

وحذر جيمس جيفري مبعوث ترامب لسورية الخميس الماضي، من أن "أي عملية أحادية لن تؤدي إلى أي تحسن في الأمن لأي شخص" لأنها قد تؤثر على مجريات المعارك التي تقودها القوات الكردية ضد تنظيم داعش، وهو ما يمثل أولوية للولايات المتحدة في سوريا.

وكان يأمل أردوغان خلال زيارته لنيويورك لحضور الدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة، في أن يقنع المجتمع الدولي وخاصة الرئيس الأميركي، بشأن ضرورة إقامة "منطقة آمنة" في شرق الفرات بالاشتراك مع الجيش الأميركي لتتمكن أنقرة من توطين ما لا يقل عن مليون لاجئ سوري على طول الحدود التركية السورية، وهي أيضا عملية يطمح من خلالها الرئيس التركي بالحد من نفوذ القوات الكردية التي تهيمن على مساحات شاسعة منها.

وكانت تركيا والولايات المتحدة اتفقتا في آب/أغسطس على إقامة "مركز عمليات مشتركة" لتنسيق وإدارة إنشاء "منطقة آمنة" شمالي سوريا، لكن اندفاع أردوغان نحو إبعاد المسلحين الأكراد عن حدودها بأي طريقة، أثار مخاوف واشنطن من هجوم تركي محتمل ضد حلفائها الأكراد.

تجدر الإشارة إلى أن تركيا تعتبر المسلحين الأكراد في سوريا الجناح السوري لمنظمة "حزب العمال الكردستاني" التركية التي تنشط في مناطق جنوب وشرق البلاد وتصنفها السلطات التركية "منظمة إرهابية" انفصالية.

وحسب الاتفاق بدأت القوات الكردية في نهاية آب/أغسطس الانسحاب من الحدود التركية خصوصا مع سحب بعض وحدات حماية الشعب الكردية.

أردوغان يريد توطين اللاجئين على أراضي أجنبية دون إذن
أردوغان يريد توطين اللاجئين على أراضي أجنبية دون إذن

وحتى الآن قام الجيشان التركي والآميركي بدوريتين مشتركتين في شمال شرق سوريا بهدف إزالة تحصينات وحدات حماية الشعب.

لكن بيان مجلس الأمن القومي أكد أن العمليات التركية ضد المسلحين الأكراد في شمال العراق ستتواصل حتى تطهير المنطقة من المسلحين "من أجل ضمان أمن تركيا والعراق".

واعتبرت دارين خليفة المحللة في مجموعة الأزمات الدولية "تبين أن بلوغ اتفاق مقبول لتركيا ووحدات حماية الشعب الكردية في الوقت نفسه أمر صعب. ويبدو أن مطالبهما الأساسية لا يمكن التوفيق بينها".

وقالت خليفة "لكن الولايات المتحدة كانت واضحة جدا حيال واقع أنها لم توافق على الاتفاق الذي يشمل الإعادة غير الطوعية للسوريين إلى هذه المنطقة".

ويتعلل أردوغان بأن تلك المنطقة ستساعد في إعادة اللاجئين السوريين وتوطينهم، ولذلك يريد أن يتوسع نطاق تلك المنطقة لتصل إلى الرقة ودير الزور، إلى جنوب الأراضي السورية.

ويرى حسن أونال الأستاذ في جامعة مالتيبي أن أنقرة وواشنطن تواجهان صعوبة أيضا في التوصل إلى اتفاق. "وقال "يبدو انه ليس هناك اتفاق واضح وجلي بين الطرفين، والتسوية تبدو هشة".

بالإضافة إلى ذلك يرى المحلل أن أردوغان عاد من نيويورك بدون التمكن حتى من لقاء ترامب وبالتالي "خالي الوفاض" إلى حد ما.

ويرى الخبير في شؤون سوريا فابريس بالانش أنه "من غير الممكن إرسال ثلاثة ملايين شخص إلى تلك المنطقة، حيث مساحة المناطق التي يمكن السكن فيها محدودة، لأن غالبية المنطقة شبه صحراوية".

لكن في المشروع الذي عرضه أمام وسائل الإعلام التركية ونظرائه خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة تحدث أردوغان عن خطة بناء قرى ومدن يمكنها استقبال ما يصل إلى مليون شخص.

وقال بالانش "هدف أردوغان كما يبدو إقامة 'حزام عربي' مؤيد لتركيا على الحدود التركية عبر إبعاد الأكراد عن تلك المنطقة".

بحسب قوله فإن المنطقة تعد حاليا 2.5 مليون نسمة بينهم أكثر من مليون كردي يقيمون خصوصا قرب الحدود التركية.

وتابع الباحث "إذا كان أردوغان يريد وضع اللاجئين على الحدود، آلاف أو حتى مليون شخص، فسيؤدي ذلك إلى تشتيت لحمة السكان الأكراد".

يؤكد حسن أونال أيضا على مشكلة أن الأراضي التي تخطط تركيا أن تبني فيها "تعود ملكيتها لجهات أخرى على الأرجح".

بالإضافة إلى ذلك يبقى السؤال، من يريد السكن في هذه المجمعات العقارية.

بالنسبة لبالانش فإن "مئات آلاف الأشخاص المتحدرين من تلك المنطقة فقط يمكن أن يعودوا إذا توافرت الشروط الاقتصادية والأمنية".

وفي حال لم تتمكن تركيا من إيجاد مليون لإلى ثلاثة ملايين متطوع للعودة، فإن القانون الدولي لا يسمح بالإعادة القسرية.