أوروبا لن ترضخ للابتزاز التركي في قضية اللاجئين

وزير الخارجية الفرنسي يطالب الرئيس التركي بتوضيح نواياه مع حلفائه في حلف شمال الأطلسي بدلا من المطالبة بالدعم بعد اتخاذه خطوة أحادية في سوريا.
أردوغان يخيّر أوروبا بين دعمه في سوريا أو طوفان من المهاجرين
فرنسا تؤكد أن الحدود ستبقى مغلقة أمام اللاجئين الذين أطلقهم أردوغان

باريس - أكد وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان الأربعاء أن أوروبا لن "ترضخ للابتزاز" الذي تمارسه تركيا في قضية الهجرة وستظل حدودها "مغلقة" أمام المهاجرين الذين ترسلهم أنقرة.

وقال أمام أعضاء الجمعية الوطنية "حدود اليونان ومنطقة شنغن مغلقة وسنضمن بقاءها مغلقة" رغم محاولات آلاف المهاجرين المتجمعين على الحدود التركية عبورها بعد أن أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السماح لهم بالعبور إلى الاتحاد الأوروبي.

وأضاف لودريان أن على أردوغان "توضيح نواياه مع حلفائه في حلف شمال الأطلسي بدلا من المطالبة بالدعم بعد اتخاذه خطوة أحادية في سوريا".

وتابع "نحتاج إلى إجراء مناقشة عامة صريحة وجدية مع تركيا لنعرف أين يقف كل طرف وأين تكمن مصالحنا المشتركة وإلا لن نخرج من هذه" الأزمة.

وحذّر أردوغان الخميس من أنه لا يمكن تجنب حصول أزمة مهاجرين جديدة إلاّ في حال دعمت أوروبا جهود بلده في سوريا، فيما يأتي ذلك مع تسجيل مواجهات بين اللاجئين والشرطة اليونانية على الحدود.

وقال إنه يجب على أوروبا دعم تركيا في بحثها عن "حلول سياسية وإنسانية" في سوريا إن أرادت تسوية الوضع.

وليست هذه المرة الأولى التي يستخدم فيها الرئيس التركي ورقة المهاجرين لابتزاز الشركاء الأوروبيين منذ توقيع بروكسل وأنقرة في مارس/اذار 2016 اتفاقية لكبح الهجرة مقابل امتيازات مالية وسياسية لتركيا من ضمنها تمويلات كانت في البداية تقدر بنحو 3 مليارات دولار ورفع أردوغان سقفها إلى 6 مليارات دولار مستغلا المخاوف الأوروبية من طوفان من اللاجئين.

كما شملت الصفقة إعفاء الأتراك من تأشيرة الدخول إلى منطقة شنغن وتسريع إجراءات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي وتوقيع اتفاق أفضل حول الرسوم الجمركية، لكن معظم بنود الاتفاق لم تطبق بسبب انتهاك سجل أردوغان في حقوق الإنسان وقمع المعارضة والحريات.

وانتقد الاتحاد الأوروبي الأربعاء تركيا لما اعتبره "ابتزازا" باستخدام ملف اللاجئين. ووعد بتخصيص 700 مليون يورو للتعامل مع الأزمة على الحدود اليونانية كما أوفد فريق تدخل سريع من وكالة فرونتكس الحدودية التابعة له.

وأجرى وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال زيارة لأنقرة لإجراء محادثات حول الملف.

وانتقد الرئيس التركي التعامل اليوناني مع التطورات، إذ قال إن "على اليونانيين الذين يلجؤون لكل الطرق لإيقاف قدوم اللاجئين إلى بلدهم حتى عبر إغراقهم أو قتلهم بالرصاص الحيّ - أن لا ينسوا أنهم قد يحتاجون مثل هذه الرحمة يوما ما".

وتجمّع آلاف المهاجرين على الحدود اليونانية منذ إعلان الرئيس التركي الأسبوع الماضي أن بلاده لن تمنعهم من محاولة الوصول إلى أوروبا.

وزعم مسؤول تركي مقتل مهاجر وجرح خمسة آخرين نتيجة إطلاق نار من الجهة اليونانية، لكن أثينا نفت ذلك "نفيا قاطعا".

وشوهد مهاجر مصاب بالرصاص في ساقه فيما كانت مجموعة من المهاجرين تحاول عبور السياج القريب من معبر بازاركولي الحدودي.

وعقب ذلك رشق المهاجرون الشرطة اليونانية بالحجارة وردت هذه الأخيرة بإطلاق قنابل غاز مسيل للدموع وسُمعت عدة طلقات وصرخات.

وتستقبل تركيا حوالي أربعة ملايين لاجئ أغلبهم سوريون فيما تواجه سيلا آخر من اللاجئين نزحوا من مناطقهم في شمال غرب سوريا على وقع تصعيد هو الأعنف منذ تفجر الصراع في مارس/اذار 2011.

ونزح حوالي مليون شخص من إدلب نتيجة هجوم النظام السوري المدعوم بالطيران الروسي وهم يتجمعون في مناطق حدودية إذ تمنعهم تركيا من دخول أراضيها.

وعبّر أردوغان عن أمله في "الوصول بسرعة" إلى وقف لإطلاق للنار عند لقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو الخميس.

ورغم وجودهما على طرفي نقيض على امتداد تسعة أعوام من الحرب، أبقت تركيا وروسيا خطوط التواصل مفتوحة، لكن تراجعت علاقتهما بشدة عقب مقتل أكثر من 50 جنديا تركيا في إدلب خلال الأسابيع الماضية.

وأعلنت وزارة الدفاع التركية الأربعاء مقتل ثلاثة جنود أتراك بنيران القوات السورية خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.

وقالت تركيا إنها ردت "على الفور"، بينما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل تسعة جنود من قوات النظام السوري في ضربات جوية نفذتها طائرات مسيّرة تركية في منطقة سراقب.

وبدأت أنقرة رسميا هجومها ضد القوات السورية نهاية الأسبوع وطالبتها بالانسحاب إلى وراء الخطوط المنصوص عليها في اتفاق سوتشي الذي وقعته مع روسيا عام 2018.

ونقل تلفزيون 'ان تي في' عن وزير الدفاع التركي خلوصي آكار قوله "نتوقع من روسيا الالتزام بوعودها كبلد ضامن لوقف هجمات النظام واستخدام نفوذها لضمان تقيّده بالحدود الواردة في اتفاق سوتشي".

ويقول كثيرون إن روسيا مصممة على استرجاع الحكومة السورية السيطرة التامة على أراضيها، فيما قال دبلوماسي غربي إنه "قد يُعلن وقف لإطلاق النار عقب الحوار بين بوتين وأردوغان، لكنه سيكون استعراضيا"، مضيفا "أعتقد أن بوتين سيقول لأردوغان إنه لم يعد لديه ما يفعله في سوريا"