أردوغان يستجدي في موسكو هدنة في ادلب

تركيا وروسيا تتوصلان لاتفاق ينص على وقف اطلاق النار في ادلب بينما أظهرت بيانات الطيران وحركات الشحن أن موسكو سارعت لتعزيز قواتها في سوريا بحرا وجوا قبل محادثات بوتين وأردوغان.
مقتل جنديين تركيين واصابة 3 آخرين بعيد اتفاق بوتين وأردوغان على وقف اطلاق النار في ادلب
مسؤول تركي يرجح إبرام اتفاق هدنة في ادلب بين بوتين وأردوغان
هل تنقذ الدبلوماسية السياسية أردوغان من ورطته في ادلب
بوتين يحذر في تهديد مبطن لأردوغان من تضرر العلاقات مع تركيا

موسكو - انتهى الاجتماع بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان الخميس بالتوافق على ضرورة إنهاء التوتر في ادلب ووقف إطلاق النار، فيما هيمن مقتل عشرات من الجنود الأتراك في المحافظة المشمولة باتفاق خفض التصعيد في هجمات للقوات السورية المدعومة من موسكو، على مباحثات الطرفين.

وأعلن بوتين وأردوغان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في محافظة إدلب اعتبارا من منتصف ليل الخميس الجمعة. وقال بوتين إن لدى بلاده "اختلاف في وجهات النظر مع تركيا إلا أننا نجحنا اليوم أيضا في التوصل إلى اتفاق".

وقالت تركيا وروسيا في بيان بعد محادثات في موسكو بهدف تهدئة التصعيد في منطقة إدلب السورية إن البلدين اتفقا على إقامة ممر آمن على طول طريق سريع يصل الشرق بالغرب في المنطقة وتسيير دوريات مشتركة عليه اعتبارا من 15 مارس/آذار.

وفي بيان مشترك تلاه وزيرا خارجية البلدين قال الجانبان إنهما سيؤمنان ممرا سيمتد ستة كيلومترات إلى الشمال وستة كيلومترات إلى الجنوب من طريق إم4 السريع. وقالا إن وزيري الدفاع سيتفقان على المعالم المحددة للممر الآمن خلال سبعة أيام.

وقالت وزارة الدفاع التركية اليوم الخميس إن اثنين من جنودها قتلا وأصيب ثلاثة آخرون بعدما فتحت قوات الحكومة السورية النار في منطقة إدلب، مضيفة في بيان أن القوات التركية ردت بإطلاق النار على أهداف للحكومة السورية.

وهذا أول حادث يعقب الاتفاق بين أنقرة وموسكو على وقف إطلاق النار في ادلب ويأتي قبل ساعات قليلة من بدء سريان الاتفاق.

 وبدا الرئيس التركي أكثر ليونة من نظيره الروسي ففي حين كانت تصريحات بوتين غارقة في دبلوماسية رفع العتب، شدد أردوغان على متانة العلاقات بين البلدين، مُعبرا عن أمله في أن يثمر لقاء القمة الذي تم على عجل مع تنامي الخسائر التركية في آخر معقل للمعارضة السورية، عن تدابير لتخفيف التوتر.

واستهل الرئيس الروسي اللقاء بتقديم تعازيه في مقتل الجنود الأتراك لضيفه التركي الذي زار موسكو على عجل مع تفاقم الخسائر التركية في الأرواح والعتاد ووسط تحذيرات دولية من انزلاق الوضع الى مواجهة عسكرية بين روسيا وتركيا.

تركيا دفعت بتعزيزات عسكرية لدعم الفصائل المتشددة في ادلب
تركيا دفعت بتعزيزات عسكرية لدعم الفصائل المتشددة في ادلب

وقال بوتين الذي كان يتحدث إلى جانب أردوغان في الكرملين، إن الوضع في محافظة إدلب السورية أصبح متوترا جدا مما تطلب إجراء محادثات مباشرة بينهما، مؤكدا على ضرورة تجاوز هذا التوتر والعمل على عدم تكراره.

لكنه أوضح أيضا أن العسكريين الروس والسوريين لم يكونوا على علم بموقع الجنود الأتراك، مشيرا إلى أن الجيش السوري تكبد أيضا خسائر كبيرة.

وشدد بوتين على ضرورة مناقشة الوضع الذي تشكل في هذه الفترة والعمل على عدم تكراره، ملوحا ضمنا بأن هذا الوضع سيضر بالعلاقات التركية الروسية وهي رسالة تلقاها أردوغان حتى قبل اجتماعه بالرئيس الروسي.

وعبر بوتين كذلك عن استعداد بلاده لمناقشة التطورات وجها لوجه، مثلما طلبت تركيا على أن ينضم الى اجتماعهما وفدي البلدين وهو ما حدث بالفعل ضمن جهود تهدئة التوتر في ادلب الذي وضع العلاقات بين أنقرة وموسكو على حافة الانهيار.

وركز الرئيس التركي من جانبه على أهمية الحفاظ على متانة العلاقات التركية الروسية معتبرا أنها "مسألة هامّة".

وقال أردوغان "وصلت علاقاتنا حاليا إلى الذروة وهذا ينطبق على الصناعات الدفاعية والعلاقات التجارية ونحن نعتبر أن المهمة الأساس تتمثل في تطوير هذه العلاقات وأعتبر أننا قادرون على ذلك".

وعبر عن أمله في يثمر اللقاء مع نظيره الروسي عن تدابير لتخفيف التوتر، فيما لم يعد يملك هامشا واسعا للمناورة على ضوء تكبد القوات التركية في سوريا أكبر خسارة بعد مقتل قرابة 60 جنديا في الفترة الماضية بينهم أكثر من 30 دفعة واحدة.

وقبل ذلك قال مسؤول تركي كبير إنه من المرجح أن يوافق الزعيمان في نهاية الأمر على وقف لإطلاق النار بعد أن فشلت الدبلوماسية على مدار أسابيع في وقف القتال بين تركيا وحلفائها من المعارضة السورية المسلحة من جهة وقوات الحكومة السورية المدعومة من روسيا من جهة أخرى، مضيفا "الدبلوماسية السياسية ستكون عاملا أشد حسما اليوم من الدبلوماسية العسكرية".

وكانت الضربات الجوية الروسية محركا قويا لتعزيز حملة قوات الرئيس السوري بشار الأسد لاستعادة آخر منطقة كبيرة تسيطر عليها المعارضة المسلحة في الشمال الغربي.

وأشعل ذلك فتيل أزمة إنسانية تصفها الأمم المتحدة بأنها قد تكون الأسوأ في الحرب المستمرة منذ تسع سنوات والتي أدت إلى نزوح الملايين من ديارهم ومقتل مئات الآلاف.

وهوّن الجيش الروسي مرارا من شأن أي حديث عن أزمة لاجئين واتهم تركيا بانتهاك القانون الدولي عن طريق الدفع بقوات في إدلب تكفي لتشكيل فرقة ميكانيكية.

روسيا اتهمت مرارا تركيا بدعم جماعات متطرفة في ادلب
روسيا اتهمت مرارا تركيا بدعم جماعات متطرفة في ادلب

واشتكى في الفترة السابقة للمحادثات من الدور الذي يقول إن نقاط المراقبة التركية في إدلب تلعبه في مساعدة المعارضين المسلحين على شن هجمات على مناطق مدنية وعلى قاعدة جوية روسية.

وتظهر بيانات الطيران وحركات الشحن أن روسيا سارعت لتعزيز قواتها في سوريا بحرا وجوا قبل محادثات بوتين وأردوغان.

وكانت تركيا وهي صاحبة ثاني أكبر جيش في حلف الأطلسي، أرسلت قوات ومعدات إلى المنطقة في الأسابيع الأخيرة لمقاومة تقدم الحكومة السورية وتفادي موجة من اللاجئين عبر حدودها الجنوبية.

ولاقى حوالي 60 جنديا تركيا حتفهم منذ أوائل فبراير/شباط وأثار القتال احتمال وقوع صدام مباشر بين روسيا وتركيا.

وقال مسؤول أمني تركي إن الاشتباكات التي وقعت خلال الليل كانت أقل حدّة لأول مرة منذ فترة قبل اجتماع موسكو، لكن سكانا في إدلب أوردوا تقارير عن قصف عنيف شنته القوات التركية وغارات جوية للقوات الروسية والسورية.

وقال عمال دفاع مدني يساعدون في إزالة الأنقاض والبحث عن ناجين إن ما لا يقل عن 16 مدنيا لاقوا حتفهم عندما ضربت غارات جوية روسية مجموعة من النازحين قرب بلدة معرة مصرين في إدلب.

وقالت وكالة أنباء الأناضول التركية الحكومية إن الغارات أصابت مدنيين كانوا يحتمون بمزرعة. وتنفي روسيا استهداف المدنيين.

وقالت وزارة الدفاع التركية في الساعات الأربع والعشرين الماضية إنها دمرت أربع دبابات وخمس قاذفات صواريخ و12 مركبة عسكرية في ضربات بالمدفعية وغارات جوية.

وتستضيف تركيا 3.6 ملايين لاجئ سوري وتقول إنها لا تستطيع تحمل المزيد. ومن أجل الحصول على مزيد من الأموال والدعم من أوروبا بشأن إدلب قالت أنقرة إنها لن تلتزم باتفاق عام 2016 الذي توقف بموجبه عبور المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي في مقابل مساعدات بمليارات اليوروهات.

وقال جيمس جيفري المبعوث الأميركي الخاص بسوريا في مؤتمر في اسطنبول اليوم الخميس إنه في الوقت الذي تدعم فيه الولايات المتحدة تركيا لا تزال لديها "بواعث قلق بالغ" بسبب شراء أنقرة أنظمة الدفاع الصاروخي الروسية إس-400. وكان جيفري اجتمع مع مسؤولين أتراك أمس الأربعاء.

 

الأسد يتهم أردوغان بدعم الارهابيين في ادلب
الأسد يتهم أردوغان بدعم الارهابيين في ادلب

واتهم الرئيس السوري بشار الأسد نظيره التركي الخميس بـ"ابتزاز" أوروبا عبر إرسال اللاجئين إليها على وقع التصعيد العسكري في إدلب.

وقال الأسد في مقابلة مع قناة 'روسيا 24' بثّها الإعلام الرسمي السوري "بدأت تركيا بإرسال الدفعة الثانية من اللاجئين كنوع من الابتزاز لأوروبا".

وتدعم أنقرة الفصائل المقاتلة في تصديها لهجوم واسع تشنّه قوات النظام بدعم روسي منذ أكثر من ثلاثة أشهر في إدلب. وإثر مقتل 34 جنديا تركيا في الأسبوع الماضي في غارة نسبتها أنقرة إلى دمشق، طالب أردوغان أوروبا بدعم تحركه في سوريا.

وأعلن فتح حدود بلاده مع اليونان أمام المهاجرين واللاجئين، في خطوة أثارت غضب الأوروبيين.

واتهم الأسد أردوغان بدعم "الإرهابيين" في إدلب، حيث تسيطر هيئة تحرير الشام (النصرة سابقا) وفصائل معارضة أقل نفوذا على نحو نصف مساحة المنطقة.

وتنشر تركيا نقاط مراقبة في المنطقة بموجب اتفاق أبرمته مع روسيا في سبتمبر/أيلول 2018. كما أرسلت منذ مطلع الشهر الماضي تعزيزات عسكرية إضافية.

وعن إمكانية عودة العلاقات إلى طبيعتها مع تركيا، قال الأسد "لا يمكن أن نصل إلى هذه النتيجة وأردوغان يدعم الإرهابيين، لا بدّ من التخلي عن دعم الإرهاب وعندها تعود الأمور"، مؤكدا أن "العداء غير موجود بين الشعبين وسببه أحداث سياسية أو سياسات ترتبط بمصالح خاصة".

وأكد الرئيس السوري أنه "من الناحية العسكرية الأولوية الآن لإدلب"، معتبرا أن "تحرير إدلب يعني أن نتوجه لتحرير المناطق الشرقية" في إشارة إلى مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد الذين لطالما وضعهم أمام خياري المفاوضات أو الحل العسكري.

وتحمل دمشق على الأكراد تلقيهم الدعم من الولايات المتحدة التي تنشر قوة في شرق سوريا "لحماية آبار النفط".

وقال إنه لا يمكن لأي حوار مع الأكراد أن يصل إلى نتيجة طالما لم يحددوا "موقفا واضحا ضد الأميركيين" مخاطبا إياهم بالقول "لا يمكن أن تكون مع الشرطي وفي الوقت ذاته مع اللص" في إشارة إلى واشنطن التي يتهمها بسرقة آبار النفط في شرق سوريا.

ويوشك النزاع السوري الذي تسبب بمقتل أكثر من 380 ألف شخص على بدء عامه العاشر منتصف الشهر الحالي، بعدما ألحق دمارا هائلا بالبنى التحتية واستنزف الاقتصاد وأدى إلى تهجير وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.