أوروبا تطلب دعم الناتو لكبح تدفق السلاح التركي إلى ليبيا

وزارة الدفاع التركية تعلن عن تنفيذ تدريبات بحرية شاركت فيها ثماني فرقاطات وطرادات و17 مقاتلة استمرت ثماني ساعات، في استفزاز واضح لليونان وقبرص ورسالة للمعترضين على أنشطة تنقيب عن الطاقة تجريها في المنطقة.
لا رادع دوليا أو أوروبيا للاستفزازات التركية في شرق المتوسط
تركيا.. عين على ليبيا وأخرى على مكامن الطاقة في شرق المتوسط
صحف روسية: تركيا تقرع طبول الحرب في شرق المتوسط
تركيا تشعل التوتر بشرق المتوسط بمناورات استعراض للقوة

بروكسل/اسطنبول - طلب الاتحاد الأوروبي مساعدة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في مهمته البحرية الرامية إلى فرض تطبيق حظر الأسلحة على ليبيا بعدما منعها الجيش التركي من تفتيش سفينة مشبوهة، وفق مصادر متطابقة.

وأفاد مسؤول أوروبي كبير أن الاتحاد الأوروبي يتواصل مع حلف شمال الأطلسي للتباحث في "كيفية إيجاد ترتيبات" مع عملية 'سي غارديان' التابعة للحلف والجارية في شرق المتوسط.

وتأتي هذه المبادرة عقب رفض تركيا الأربعاء أن تقوم سفينة يونانية تعمل ضمن المهمة البحرية للاتحاد الأوروبي (المسماة عملية إيريني) بتفتيش سفينة شحن يشتبه في انتهاكها حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا. وكانت ترافق سفينة الشحن سفن عسكرية تركية.

وجرى إطلاق عملية 'إيريني' لوقف إيصال الأسلحة إلى ليبيا التي تشهد صراعا بين حكومة الوفاق الوطني التي يقودها فايز السراج والمعترف بها من الأمم المتحدة وتحظى بدعم تركيا، وقوات المشير خليفة حفتر.

وتسيّر سفينتان لحلف شمال الأطلسي دوريات في المتوسط في إطار عملية 'سي غارديان' لمراقبة الحركة البحرية وتلافي وقوع أنشطة إرهابية والمساهمة في استقرار المنطقة.

ووفّر حلف شمال الأطلسي لعدة أعوام معلومات ودعما لوجستيا لعملية صوفيا التي خلفتها عملية إيريني. وقال مسؤول كبير من الحلف إن "الحلفاء (أعضاء الناتو) يناقشون حاليا الطريقة التي يمكن أن يساعد بها الحلف عملية إيريني البحرية الجديدة".

 

نذر صدام في شرق المتوسط بسبب الانتهاكات التركية
نذر صدام في شرق المتوسط بسبب الانتهاكات التركية

وأضاف أنه "من المهم أن يطبق حظر الأسلحة الذي أقرته الأمم المتحدة بشكل كامل" في تأكيد يأتي بينما يستعد وزراء دفاع الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي لمناقشة الملف الليبي خلال اجتماع عبر الفيديو الأسبوع المقبل.

ويستوجب السماح لعملية 'سي غارديان' التابعة لحلف الشمال الأطلسي بمساعدة عملية إيريني التابعة للاتحاد الأوروبي، موافقة جميع الدول الأعضاء في الحلف (30 دولة) ومن بينها تركيا التي يمكن أن تمارس حقها في الاعتراض.

وأجرت تركيا مناورات عسكرية في شرق المتوسط هي الأحدث والأوسع، بحسب ما أعنته الجمعة وزارة الدفاع التركية، فيما تأتي المناورات التي شاركت فيها سفن ومقاتلات في ذروة التوتر الذي أججته أنقرة في المنطقة بتدخلها العسكري في ليبيا من جهة وأنشطة التنقيب عن الطاقة التي أثارت غضب مصر واليونان وقبرص وإسرائيل واعتراضات من قبل دول الاتحاد الأوروبي.

وشاركت ثماني فرقاطات وطرادات و17 مقاتلة الخميس في هذه التدريبات التي استمرت ثماني ساعات على ألفي كلم ذهابا وإيابا من الشرق إلى الغرب فيما يبدو أنه استعراض للقوة مرتبط بالنزاعات التي فجرتها تركيا على أكثر من جبهة.

وأضافت الدفاع التركية أن المناورات التي أطلق عليها اسم "أعالي البحار" جرت "بنجاح" ونشرت صورا لمقاتلات أف-16 وطائرات رادار أثناء إقلاعها وسفن حربية تواكبها مروحيات. ووصف الإعلام التركي الرسمي هذه المناورات بأنها "عرض للقوة"، في الوقت الذي شكلت فيه استفزازا واضحا أشبه بقرع طبول الحرب.

وتأتي المناورات في وقت يشهد شرقي المتوسط توترا بسبب النزاع في ليبيا الذي تضطلع فيه أنقرة بدور محوري من جهة والتوتر بين تركيا واليونان بشأن عمليات التنقيب التركية في مناطق متنازع عليها غنية بالطاقة.

وتدعم تركيا حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج في مواجهة الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر الرجل القوي في شرق ليبيا.

دول أوروبية ومصر واليونان وقبرص واسرائيل تعترض على أنشطة التنقيب التركي في شرق المتوسط
دول أوروبية ومصر واليونان وقبرص واسرائيل تعترض على أنشطة التنقيب التركي في شرق المتوسط

وقلب التدخل التركي في الأزمة الليبية معادلة الصراع لصالح ميليشيات الوفاق، حيث أرسلت أنقرة شحنات أسلحة ثقيلة وعربات مدرعة وطائرات مسيرة الى طرابلس اضافة إلى آلاف المرتزقة من فصائل سورية متطرفة موالية لها.   

وعارضت تركيا الأربعاء قيام مهمة بحرية أوروبية بتفتيش سفينة شحن يشتبه في خرقها حظر الأمم المتحدة على الأسلحة إلى ليبيا. وواكبت سفينة الشحن سفن عسكرية تركية.

وذكرت صحيفة 'يني شفق' التركية الجمعة أن أنقرة قد تقيم قاعدتين في ليبيا واحدة في جنوب غرب طرابلس للطائرات دون طيار والثانية في مدينة مصراتة.

وتتزامن المناورات مع أجواء تصعيد للتوتر حول حقول غاز تم اكتشافها في السنوات الماضية في شرقي المتوسط.

ومنذ أشهر تضاعف تركيا عمليات التنقيب قبالة سواحل قبرص متحدية الضغوط الأوروبية التي تصف العمليات بأنها "غير مشروعة".

وتصاعدت التوترات في شرق المتوسط في أعقاب التوصل في نهاية نوفمبر/إلى اتفاق مثير للجدل بين أنقرة وحكومة الوفاق الليبية، يتيح لتركيا المطالبة بحقوق على مساحات بحرية واسعة وغنية بالموارد، ما أغضب اليونان ومصر وقبرص وإسرائيل.

ويُعدّ سباق موارد الطاقة في شرق المتوسط من أكبر المشكلات التي تعاني منها هذه المنطقة، بل أسوأها وأكثرها واقعية وإلحاحا برأي الخبراء الذين يُبدون مخاوفهم من اندلاع نزاع عسكري مسلح.

وفي نهاية مايو/آذار الماضي قالت صحيفة 'كاثيمريني' اليونانية إن ست فرقاطات تابعة للبحرية التركية وناقلة نفط، تمّ رصدها بين جزيرة كريت اليونانية وليبيا في منطقة مخصصة للتدريبات البحرية ، موضحة أن عدد السفن العسكرية التركية في المنطقة يتجاوز "سفن الاتحاد الأوروبي التي تشارك في عملية إيريني قبالة سواحل ليبيا".

وتذهب صحف روسية في قراءتها للتوترات في شرق المتوسط إلى ابعد من مجرد استعراض للقوة، مرجحة أن تجرّ الاستفزازات التركية المنطقة إلى حرب في اية لحظة.

وكتب سيرغي مانوكوف مقالا في 'إكسبرت أونلاين' الروسية تحت عنوان "اليونان مُستعدّة للحرب مع تركيا"، عرض فيه لتفاقم التوترات في شرق المتوسط بدفع تركي. كما أشار إلى أن تصاعد الحرب الكلامية بين أثينا وأنقرة وتدهور العلاقات الثنائية.

ولفت إلى أن وزير الدفاع اليوناني لم يستبعد في تصريحات سابقة أي خيار في مواجهة الاستفزازات التركية بما فيها الخيار العسكري، فيما يدعم الاتحاد الأوروبي الذي ندد مرارا بالخروقات التركية ولوح بفرض عقوبات على تركيا، أثينا ونيقوسيا.

لكن الاتحاد الأوروبي يجد نفسه في موقع اضعف بكثير مما كان عليه قبل عدة سنوات في ظل انقسامات ونزعات انفصالية بدأتها بريطانيا وتفكر فيها دول أخرى مثل ايطاليا التي هي على خلاف كبير مع بروكسل.

ويلعب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على ورقة المهاجرين كلما تعرض لانتقادات أوروبية، مستثمرا مخاوف أوروبا من إطلاق أنقرة طوفان من اللاجئين باتجاه الحدود الأوروبية وهو ما نفذته بالفعل في الفترة الماضية بفتحها الحدود لآلاف المهاجرين باتجاه اليونان.

صحيفة 'سفوبودنايا بريسا' أشارت كذلك في مقال كتبه المحلل السياسي الروسي دميتري روديونوف (نشره موقع روسيا اليوم أيضا) إلى أن اليونان مُستعدّة لأيّ إجراء لحماية حقوقها السيادية بما في ذلك المواجهة العسكرية مع تركيا.

 لكن إيغور شاتروف رئيس مجلس الخبراء بصندوق التنمية الإستراتيجية رجح أن لا يسمح حلف شمال الأطلسي بحدوث صدام بين اليونان وتركيا.