هل تؤثر حملة مقاطعة المنتجات الفرنسية على الاقتصاد
باريس - تواجه فرنسا ضغوطا خارجية على اقتصادها بسبب دعوات انتشرت في أجزاء من العالم الإسلامي لمقاطعة المنتجات الفرنسية ردا على تصريحات للرئيس امانويل ماكرون اعتبرت مسيئة للإسلام وللنبي محمد، لكن أثر تلك المقاطعة لم يتضح بعد.
وبعيدا عن التوظيف السياسي والتجييش الذي تقوده تركيا، فإن تلك المقاطعة التي تبنتها متاجر وشركات في دول عربية وإسلامية يمكن أن تؤثر بشكل محدود على الاقتصاد الفرنسي المثقل بتداعيات الأزمة الصحية وحالة الاستنفار لمقاومة انتشار واسع للوباء الناجم عن فيروس كورونا.
لكن من الصعب التأكد من تأثير المقاطعة في ظل عدم ورود سوى تقارير متفرقة عن تأثر مبيعات البضائع والسلع الفرنسية.
ومن الشركات والقطاعات الفرنسية التي تتعامل مع الدول ذات الأغلبية المسلمة ولا يوجد ما يشير إلى أن أيا منها قد تأثر حتى الآن، متاجر كبيرة وشركات تصدير الحبوب وأخرى للطاقة والدفاع والأزياء والسلع الفاخرة.
وتعد فرنسا من كبار مصدري الحبوب على مستوى العالم ويقع بعض أكبر أسواقها في البلدان ذات الأغلبية المسلمة. والجزائر عاشر أكبر سوق لصادرات المنتجات الزراعية الفرنسية.
ووفقا لبيانات وزارة الزراعة في باريس، بلغت قيمة الصادرات حوالي 1.4 مليار يورو عام 2019. وجاء المغرب وهو من الدول الإسلامية التي استنكرت نشر الرسوم الكاريكاتيرية للنبي محمد، في المرتبة 17 في استيراد المنتجات الزراعية الفرنسية خلال العام الماضي بصادرات بلغت قيمتها 700 مليون يورو.
وتستهدف دعوات المقاطعة سلسلة متاجر كارفور في السعودية. وانتشرت حملة لحث المستهلكين على عدم ارتياد تلك المتاجر انتشارا قويا على وسائل التواصل الاجتماعي في المملكة خلال مطلع الأسبوع.
ولكارفور فروع كثيرة في الشرق الأوسط وجنوب آسيا من خلال شراكات. ويملك أحد الشركاء الحقوق الحصرية لكارفور في دول مثل باكستان ولبنان والبحرين، بينما يملك شريك آخر حقوق كارفور في المغرب.
وذكر صحفيون من رويترز في العاصمة السعودية الرياض زاروا متجرين لكارفور بدا أنهما مزدحمان كالمعتاد.
وتوجد شركة توتال الفرنسية العملاقة للطاقة في العديد من البلدان ذات الأغلبية المسلمة. وفي باكستان وبنغلادش وتركيا، وهي الدول التي شهدت ردود فعل قوية مناهضة لفرنسا بسبب الرسوم الكاريكاتيرية، تركز الشركة بشكل أساسي على بيع منتجاتها البتروكيماوية والبترولية. وفي السعودية وكذلك في العديد من دول الخليج الأخرى، تملك توتال استثمارات في التنقيب والإنتاج وفي بعض الحالات التكرير.
وزارت رويترز متجرا في مدينة الكويت يوم الأحد لتجد مستحضرات التجميل ومنتجات العناية بالبشرة التي تنتجها شركة لوريال قد أزيلت من الرفوف. وكان المتجر واحدا من حوالي 70 منفذا مرتبطة بجمعية تعاونية قررت وقف بيع المنتجات الفرنسية.
لكن تأثر لوريال وشركات أخرى في قطاع الأزياء الفرنسي بحملات المقاطعة في المنطقة محدود، فالشرق الأوسط وأفريقيا لا يمثلان سوى نذر يسير من أرباح لوريال، إذ تزيد قليلا عن اثنين بالمئة.
وبالنسبة إلى العلامات التجارية الكبيرة في مجال الأزياء الفرنسية، يمثل الشرق الأوسط جزءا صغيرا من المبيعات مقارنة بالولايات المتحدة أو آسيا أو أوروبا. ولعلامات تجارية شهيرة مثل لوي فيتون المملوكة لشركة 'إل.في.إم.إتش' وشانيل ذات الملكية الخاصة، متاجر في جميع أنحاء الشرق الأوسط بما فيها السعودية ودبي.
لكن العملاء الأثرياء في الشرق الأوسط يميلون إلى شراء السلع الفاخرة أثناء السفر. ولا تكشف شركة 'إل.في.إم.إتش' التي تملك أيضا دار كريستيان ديور، عن مدى إسهام الشرق الأوسط في إيراداتها.
كما تعد فرنسا أحد أكبر مصدري الأسلحة في العالم. وتبيع شركة تاليس الأسلحة وتكنولوجيا الطيران وأنظمة النقل العام لعدد من البلدان ذات الأغلبية المسلمة. ومن بين العملاء السعودية والإمارات وتركيا وقطر، وفقا لموقع الشركة على الإنترنت.
أما مصر وقطر فمن الدول التي طلبت طائرات رافال العسكرية من شركة داسو، التي تعتبر المنطقة أيضا سوقا كبيرة لطائراتها الخاصة. ولا يبدو أن حملة المقاطعة ستؤثر على هذا القطاع.