
موسكو تعتقل نافالني وواشنطن وبروكسل تنددان
موسكو/واشنطن/بروكسل - اعتقلت سلطات السجون الروسية المعارض اليكسي نافالني الأحد بعيد وصوله إلى موسكو آتيا من ألمانيا حيث أمضى فترة نقاهة لأشهر عدة بعد نجاته من تسميم مفترض، فيما ندد كل من الاتحاد الأوروبي ومستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي المنتخب، باعتقاله وطالبا موسكو بالإفراج عنه فورا.
ونافالني (44 عاما) تلاحقه سلطات السجون الروسية منذ نهاية ديسمبر/كانون الأول 2020 بحجة انتهاكه شروط حكم بالسجن مع وقف التنفيذ صدر بحقه في 2014.
وفيما كان يستعد لختم جواز سفره إلى جانب زوجته يوليا في أحد مطارات العاصمة الروسية، دنا منه عناصر الشرطة واقتادوه.
وأوضحت السلطات أن نافالني "مدرج على لائحة أشخاص مطلوبين منذ 29 ديسمبر/كانون الأول 2020 بتهمة انتهاكات متكررة للفترة الانتقالية"، مؤكدة أنه "سيبقى معتقلا إلى أن تتخذ المحكمة قرارا" في شأنه من دون أن تحدد موعد حصول هذا الأمر.
وكانت قد هددت الخميس باعتقاله ما أن يصل إلى روسيا، وحجتها في ذلك أنه لم يمثل أمامها مرتين كل شهر كما تقتضي شروط حكم بالسجن خمسة أعوام مع وقف التنفيذ صدر بحقه في 2014.
وتم في اللحظة الأخيرة تحويل مسار الطائرة التي أقلت نافالني من برلين إلى مطار آخر في موازاة توقيف غالبية حلفائه.
وبعدما كان مقررا أن تهبط في مطار فنوكوفو في موسكو، حطت الطائرة التي تقل نافالني في مطار شيريميتييفو في الساعة 20:12 (17:12 ت غ) بعد نحو ثلاث ساعات من إقلاعها من برلين، وفق صحافيين على متن الطائرة.
وفي مطار فنوكوفو في موسكو حيث كان متوقعا وصول المعارض، عمدت الشرطة إلى توقيف غالبية حلفائه الذين حضروا لاستقباله وبينهم ليوبوف سوبول المعارض الروسي المعروف الذي اعتقل قبل بضعة أسابيع.
ولوحظ انتشار كثيف لشرطة مكافحة الشغب التي فرقت في شكل تدريجي نحو مئتين من أنصار نافالني كانوا حضروا لاستقباله.
وكتب ايفان دجانوف القريب من نافالني على تويتر إن حلفاء المعارض متهمون بـ"عصيان" الشرطة.
وذكرت منظمة "او في دي-انفو" المتخصصة أن 37 شخصا اعتقلوا الأحد في موسكو قبل وصول نافالني. وعلق الأخير من مطار برلين "على عادتها، ما يميز السلطات الروسية هو خوفها"، مبديا "سروره الكبير" بالعودة ومؤكدا أنه "ليس ثمة ما يخشاه في روسيا".
وسارع الاتحاد الأوروبي على لسان رئيس مجلسه شارل ميشال إلى رفض اعتقال نافالني مطالبا بالإفراج "الفوري" عنه.
واعتبرت منظمة العفو الدولية الأحد أن اعتقال نافالني يجعل منه "سجين رأي" ضحية "حملة لا هوادة فيها" للسلطات الروسية بهدف "إسكاته".

ودعت ليتوانيا الاتحاد الأوروبي الأحد إلى "مناقشة فرض عقوبات جديدة" على روسيا بسبب اعتقال نافالني.
واعتبر جايك سوليفان مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن أنه "ينبغي الإفراج فورا" عن نافالني.
وكتب سوليفان على تويتر أن "هجمات الكرملين على نافالني ليست انتهاكا للحقوق الإنسانية فحسب، بل إهانة للشعب الروسي الذي يريد أن يكون صوته مسموعا".
وأقام المعارض في ألمانيا منذ أواخر أغسطس/اب بعدما أصيب بإعياء شديد خلال رحلة العودة من سيبيريا إلى موسكو في إطار حملة انتخابية وأدخل المستشفى في مدينة أومسك حيث بقي 48 ساعة ثم نقل إلى برلين في غيبوبة بعد ضغط مقربين منه.
وخرج من المستشفى في أوائل أيلول/سبتمبر وخلصت ثلاثة مختبرات أوروبية إلى أنه سمّم بمادة نوفيتشوك التي طورت خلال الحقبة السوفياتية من أجل أغراض عسكرية. وهذا الاستنتاج أكدته منظمة حظر الأسلحة الكيميائية رغم نفي موسكو المتكرر.
ويقول نافالني إن أجهزة الأمن الروسية دبرت لاغتياله بأمر مباشر من فلاديمير بوتين. وتنفي موسكو عملية التسميم جملة وتفصيلا رغم نتائج المختبرات الأوروبية التي تثبت أنه تعرض للتسمم.
وحتى الآن، ترفض روسيا فتح تحقيق جنائي لمعرفة ما حصل لنافالني، بحجة أن ألمانيا ترفض نقل بياناتها إلى روسيا.
لكن برلين أعلنت السبت أنها أرسلت إلى موسكو غالبية عناصر التحقيق القضائي المتعلق بقضية التسميم المفترض لنافالني.
وتضمّ عناصر الملف الذي نقل إلى السلطات القضائية الروسية خصوصا "محاضر جلسات استجواب" نافالني من قبل المحققين الألمان فضلا عن "عينات دم وأنسجة وقطع ملابس". وقالت ألمانيا إنها تنتظر الآن من موسكو أن "تُلقي الضوء على هذه الجريمة".
وأكدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الأحد أن موسكو تلقت الوثائق التي أرسلتها ألمانيا، لكنها أوضحت "أنها لا تتضمن أساسا أي شيء" مما طلبته موسكو.
ولا يزال نافالني الذي تتجاهله وسائل الإعلام الروسية وغير الممثل في البرلمان ولا يحق له الترشح بسبب إدانته بتهمة التهرب الضريبي التي وصفها بأنها قرار سياسي، أبرز أصوات المعارضة ويعود ذلك بشكل أساسي إلى قناته على موقع يوتيوب التي يتابعها 4.8 ملايين شخص ومنظمته الخاصة بمكافحة الفساد.
ورغم تعرض نافالني مرارا لملاحقات قضائية والحكم عليه بالسجن لفترات قصيرة، نجح هذا وهو الناشط في مجال مكافحة الفساد بتنظيم العديد من التظاهرات التي جرت متابعتها عن كثب، فيما تسببت استراتيجياته الانتخابية بخسارات محرجة للسلطة في استحقاقات محلية.
لكن تبقى شهرته محدودة خارج المدن الكبرى. وبحسب استطلاع للرأي أجراه مركز "ليفادا" المستقل، أيدت نسبة 20 بالمئة فقط من الروس تحرك نافالني في حين رفضها 50 بالمئة، أما الباقون فإما لم يسمعوا قط بالمعارض وإما رفضوا الإدلاء بآرائهم.