بايدن يوازن سياسته الخارجية وسط انقسامات الشرق الأوسط

الرئيس الأميركي الجديد يعيد رسم تحالفات بلاده في المنطقة، حيث كان من الملفت أنه لم يأت على ذكر إسرائيل في خطاباته، بينما تعامل ببرود مع الرئيس التركي صديق ترامب.

واشنطن - يعيد الرئيس الأميركي جو بايدن بشكل سريع وإن كان غير مباشر موازنة أولويات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، متراجعا عن سياسة سلفه "الفوضوية" في محاولة للتكيف باتجاه الوضع الطبيعي على ما كانت عليه خلال فترة الرئيس السابق باراك أوباما والعودة للدبلوماسية الهادئة في محاولة للترفع ببلاده عن الانقسامات وخفض التوتر بالمنطقة وتجنيبها مزيدا من الفوضى والحروب.

وبعد أسبوعين على توليه الرئاسة، أعلن بايدن الخميس إسدال الستار على صفحة دعم بلاده للحملة العسكرية في اليمن التي قال إنها "أدت إلى كارثة إنسانية وإستراتيجية".

وفي أول خطاب رئيسي تطرّق إلى سياسته الخارجية، كان من الملفت أنه لم يأت على ذكر إسرائيل عندما قال إنه سيعيد إحياء تحالفات مع زعماء آخرين، في موقف عكسه عدم اتصاله بعد برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.

وبينما تعهّد بتبني نهج متشدد حيال روسيا وتحدّث عن التحديات التي تمثّلها الصين، اكتفى بالمرور سريعا على إيران، في تناقض صارخ عما كان الحال عليه في عهد سلفه الرئيس السابق دونالد ترامب الذي لطالما اعتبر أن الجمهورية الإسلامية تشكّل تهديدا عالميا وأطلق حملة "ضغوط قصوى" عليها شملت إعلانه الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 الذي تفاوضت عليه إدارة باراك أوباما، والتي كان بايدن نائب الرئيس فيها.

ويعقّب المستشار المخضرم في شؤون الشرق الأوسط لدى وزراء الخارجية من الحزبين آرون ديفيد ميلر على الأمر قائلا "في حالة إسرائيل، وهي علاقة قرر ترامب إعادة تأهيلها بعد أوباما، فإن إدارة بايدن مستعدة لترك المزيد من المسافة، وإن لم يكن بنسبة متناظرة".

وأشار ميلر إلى أن إدارة بايدن تتروى قبل إجراء رابع انتخابات تشهدها الدولة العبرية في غضون عامين في مارس/آذار، نظرا لاحتمال هزيمة نتانياهو، الذي حشد تأييد المحافظين في الولايات المتحدة ضد سياسة أوباما حيال إيران.

وقال ميلر الباحث حاليا لدى 'مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي' "هذه إشارة إلى أن الأمور ليست كالمعتاد بالنسبة للطريقة التي تعامل ترامب من خلالها مع الإسرائيليين".

أما بالنسبة لإيران، نوّه ميلر إلى أن بايدن يرسل إشارة على ما يبدو مفادها "لا نلاحق طهران". وحذّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مرارا من العملية الطويلة لإعادة إحياء اتفاق 2015 النووي، على الرغم من أنه عيّن مبعوثا لإطلاق الحراك الدبلوماسي في هذا الاتجاه.

عودة إلى الوضع الطبيعي

وتعهّد بايدن بالتركيز على القيم الديمقراطية بينما تعاملت إدارته ببرود مع الرئيس التركي رجب طيب ردوغان، صديق ترامب الذي يشن حملة أمنية على حراك طلابي.

وأما من خلال وضعه حدا للدعم للحرب التي تشارك فيها السعودية في اليمن، حيث بات 80 بالمئة من السكان يعتمدون على المساعدات، ينفّذ بايدن إحدى وعود حملته الانتخابية عبر فسح المجال للدبلوماسية في اليمن لتجنيبه مزيدا من العنف والاقتتال.

كان بايدن أوضح أن الولايات المتحدة لا تزال تدعم المملكة في ملفات أخرى، بينما وصف المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس موقف الإدارة على أنه مجرّد "عودة إلى الإجراءات الطبيعية" التي تقتضي مراجعة كل صفقة أسلحة.

ويعد بايدن الذي قضى 36 عاما في مجلس الشيوخ، شخصية وسطية في الحزب الديمقراطي ورفض دعوات يسارية لإعادة النظر بشكل أوسع في التحالف مع إسرائيل التي يزداد ميلها إلى اليمين.

ووصف برايان كاتوليس من "مركز التقدّم الأميركي" المقرّب من اليسار، موقف بايدن بأنه "أقرب إلى إعادة تكيّف باتّجاه الوضع الطبيعي" في وقت تحاول الولايات المتحدة الترفّع عن الانقسامات.

وقال كاتوليس إن "ترامب وضع أميركا بدرجة كبيرة في جهة واحدة من الميزان في إطار النزاعات بين السعودية وإيران وإسرائيل وفلسطين".

وأضاف "لم تنجح هذه الوضعية من قبل ترامب في خفض منسوب التوتر الإقليمي بل أعتقد أنها صعّدته وكادت تُدخل أميركا من غير قصد في حرب أخرى في الشرق الأوسط من خلال المناوشات مع إيران".

وقال كاتوليس بشأن موقف بايدن حيال قضايا الشرق الأوسط "إنه تحوّل مهم، لكن الحقيقة على الأرجح أقل من الظاهر".