سعيد يتعهد بتشكيل حكومة تعبر عن إرادة التونسيين

الرئيس التونسي يؤكد نيته مكافحة الفساد ورفضه العودة إلى الوراء في وقت دعت فيه حركة النهضة إلى تعيين رئيس للحكومة والعودة للعمل بالدستور ورفع التجميد عن البرلمان.
قيس سعيد يؤكد ان اجراء منع السفر عن الفاسدين تتم بغض النظر عن انتمائاتهم السياسية
حركة النهضة تمارس ضغوطا على قيس سعيد ليتراجع لكن الرئيس يقابلها بالاصرار على قراراته

تونس - أفاد الرئيس التونسي قيس سعيد الاثنين إنه سيسعى لتكوين حكومة قريبا وفق نظام سياسي يعبر عن إرادة الشعب التونسي، في إشارة جديدة إلى عدم رغبته بالعودة إلى الوراء وبإصراره على الاستمرار في نسق إجراءاته الاستثنائية التي اتخذها يوم 25 يوليو الماضي.
وأدلى الرئيس التونسي بتصريحات أمام مسؤولين من الأمن أثناء زيارته لمطار تونس قرطاج الدولي، دون أن يحدد موعدا ثابتا لتكوين حكومة أو تعيين رئيس وزراء جديد.
ومرت نحو ثلاثة أسابيع منذ إعلان الرئيس التدابير الاستثنائية في البلاد يوم 25 تموز/يوليو ، بتجميده البرلمان وتوليه السلطة التنفيذية بشكل كامل ومن ثم إصداره لقرارات بعدة إقالات في أجهزة الدولة وفي عدد من الوزارات ودفعه بتعيينات جديدة.
وقال سعيد "ستتشكل حكومة قريبا وفق نظام نسعى لأن يكون تعبيرا عن إرادة الشعب التونسي، الطريق التي خطها الشعب التونسي، وسأكون في موعد مع التاريخ ومع الشعب ولن أتراجع إلى الوراء".
وتابع سعيد "من يحاول أن يوهم نفسه بأني سأعود إلى الوراء فهو واهم وليذهب مع خارطته والحوار الذي يتوهم بأنه يمكن أن ينظم".
وحدد الرئيس التونسي الذي انتخب بأغلبية فاقت 70 بالمئة في انتخابات 2019 وبحجم أصوات أكبر من أصوات الناخبين الذين صوتوا للأحزاب في الانتخابات البرلمانية مجتمعة، مدة التدابير الاستثنائية بـ30 يوما.

ويرجح خبراء بأن يمدد الرئيس تلك الفترة والذهاب إلى ترتيبات لتغيير النظام السياسي الحالي (برلماني معدل). وكثيرا ما ردد سعيد في تصريحاته بضرورة مراجعة الشرعية.
كما هاجم الرئيس التونسي الفاسدين قائلا بأنه سيعمل على مواجهة ملفات الفساد مضيفا " بعض الأشخاص يأتون من الخارج بهويات مزيفة ويقولون أنّهم كانوا يدرسون ولكنهم كاذبون، فلا يجد القاضي أي دليل في الملف لكن الأجهزة الأمنية تعلم أنهم لم يكونوا في الأماكن المعلن عنها وهم معروفون بالأسماء لدى الأمن وعددهم بالعشرات ".
وأضاف " هناك من ارتكب جرائم اقتصادية في حق الشعب التونسي ومهنته في جواز السفر رجل أعمال وهو في الحقيقة سمسار استولى على أموال الشعب التونسي، وهناك قرائن تدل على انه استولى على هذه الأموال وهنا يأتي دور القضاء في التثبت من ذلك فأنا لست قاضيا لاحاكم الناس''. 
وقال سعيد ''كم من شركة تخفي شركات وهمية وهي موجودة بدعم من أطراف سياسية في تونس تدعي أنّها تحارب الفساد وهي في الحقيقة تخدم بالفاسدين هؤلاء لن نسمح لهم بمغادرة البلاد''.
وشدد الرئيس التونسي انه سيعمل على تلك الملفات وسيسلمها للقضاء ليبت فيها. 
وطالبت حركة النهضة التونسية، الإثنين، برفع تجميد البرلمان وتكليف رئيس حكومة كفاءات ورفع "الحصار" عن مقر الحكومة بالعاصمة، والعودة السريعة للعمل بالدستور.
جاء ذلك في بيان للحركة (لها 53 نائبا في البرلمان من أصل 217) إثر اجتماع لمكتبها التنفيذي.
وعبرت الحركة عن "الحاجة اللاّزمة والفورية لتكليف رئيس حكومة كفاءات وطنية، ورفع الحصار عن مقر رئاسة الحكومة بالقصبة، والكف عن إعاقة المرفق العام".
وأضافت أن استمرار عدم تكليف رئيس للحكومة وحصار مقرها "يعطل السير الطبيعي لدواليب الدولة ما ينتج عنه التأخر في قضاء مصالح المواطنين".
وطالبت الحركة الرئيس قيس سعيد، "برفع التجميد عن البرلمان التونسي والعودة السريعة للعمل بالدستور، وإنهاء حالة الخرق الجسيم لما يمثله من تهديد لاستمرار تجربتنا الديمقراطية وانتهاكا للحقوق والحريات وتعدٍّيا على أبسط مبادئ الجمهورية والفصل بين السلطات".

وذكّرت سعيد، بأن "الأزمات السياسية لا تحل إلا بالحوار، وأن مقتضى المسؤولية الوطنية الحفاظ على وحدة التونسيين وسلمهم الأهلي واستئناف المسار الديمقراطي وحماية المصالح العليا للبلاد وعدم الزج بها في صراعات إقليمية ودولية تحيد بتونس عن موقعها التاريخي".
وعبرت الحركة عن "رفضها كل الإجراءات التعسفية من وضع (أشخاص لم تحددهم) في الإقامة الجبرية دون إذن قضائي ودون تعليل، ومنع عشرات الآلاف من التونسيين من السفر بناء على صفاتهم المهنية أو نشاطهم السياسي أو الحقوقي وبتعليمات شفوية بعيدا عن كل الضمانات القانونية".
ونبّهت إلى "الآثار الاقتصادية والمالية الكارثية للوضع السياسي الصعب الذي تمر به البلاد".
وحثّت الحركة في بيانها، "كل القوى السياسية والمنظمات الوطنية والحقوقية، على "الاستجابة لنداء الحوار للدفاع عن الديمقراطية التونسية والتصدي لكل الانتهاكات التي تطال الحقوق الأساسية للتونسيين".
وحيّت "كل المؤسسات الحكومية والإدارات العمومية وأجهزة الدولة على ما يبذلونه من جهد للمحافظة على الدولة التونسية والمرفق العام وضمان استمرار الحد الأدنى من الخدمات العمومية".

ويبدو ان حركة النهضة تمارس ضغوطا على الرئيس قيس سعيد ليتراجع لكن الرئيس يقابلها بالاصرار على قراراته.
ومنذ 25 يوليو الماضي، تشهد تونس انقساما سياسيا حادا، عقب قرار سعيّد إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، وتجميد اختصاصات البرلمان لمدة 30 يوما، ورفع الحصانة عن النواب، ولاحقا أصدر أوامر بإقالة مسؤولين وتعيين آخرين.
ورفضت غالبية الأحزاب التونسية قرارات سعيد الاستثنائية، واعتبرها البعض "انقلابا على الدستور"، بينما أيدتها أخرى رأت فيها "تصحيحا للمسار"، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية .