طالبان 2021 نسخة سلفية تم تهذيبها في قطر

طالبان تفاجئ الأفغان والمجتمع الدولي بخطاب "تصالحي" تقول فيه إنها تريد السلام وإن الحرب انتهت في أفغانستان وقد عفت عن جميع خصومها، وستحترم حقوق النساء في حدود مبادئ الشريعة.
الحركة المتشددة تروج للسلام وتحترم حقوق النساء وتعفو عن جميع الخصوم
الأمم المتحدة: ننتظر رؤية أفعال على الأرض بشأن تنفيذ الوعود

لندن - عندما أعلنت طالبان سيطرتها على كابول صرّح المتحدث باسم الحركة سهيل شاهين بأنه مع عودة طالبان إلى السلطة بعد 20 عاما لا شيء يهدد الآثار البوذية في أفغانستان. كانت هذه أول رسائل النسخة الحديثة طالبان، الحركة السلفية تم تهذيبها ولن تكرر ما حدث قبل 20 عاما.

مع بداية استيعاب العالم لسيطرة طالبان على أفغانستان وعودة حكمها، بدأت رقعة المخاوف تتسع من عودة القيود الصارمة على حياة الأفغان. وليس هناك أدل على هذا الخوف من صور تدافع الأفغان في مطار كابول بحثا عن ركن في طائرة أو حتى التعلق بجناحها هربا من جحيم طالبان.

لكن، مع تواتر الأحداث والمتابعات بدا لافتا أن الحركة المتشددة تتحدث بخطاب هادئ وبلهجة "وديعة" عن السلام وحقوق النساء وأن "الشعب الأفغاني سيشاهد تغييرا إيجابيا ينعكس على حياته اليومية" و"نطمئن العالم وخاصة واشنطن بأن الأراضي الأفغانية لن تستخدم ضد الآخرين".

وعقدت طالبان الثلاثاء أول مؤتمر صحفي رسمي في كابول أعلنت فيه أنها تريد علاقات سلمية مع الجميع، وأنها ستحترم حقوق النساء في حدود مبادئ الشريعة الإسلامية.

وقال أبرز المتحدثين باسم الحركة ذبيح الله مجاهد الذي عقد المؤتمر "لا نريد أي أعداء داخليين أو خارجيين"، مضيفا أنه سيُسمح للنساء بالعمل والدراسة وسيكونون "نشطين للغاية في المجتمع لكن في حدود مبادئ الشريعة الإسلامية".

وقال إن طالبان لن تسعى للقصاص من الجنود السابقين والحكومة الموالية للغرب، مضيفا أن الحركة تعفو عن الجنود الحكوميين والمتعاقدين والمترجمين الذين عملوا مع القوات الدولية. ومضى قائلا لهم "لن يؤذيكم أحد، لن يطرق أبوابكم أحد". وقال مجاهد إن وسائل الإعلام الخاصة يمكنها مواصلة العمل في حرية واستقلال في أفغانستان، لافتا أن طالبان ملتزمة بحرية الإعلام في حدود الإطار الثقافي للحركة.

وبدت لهجة مجاهد التصالحية متناقضة بشدة مع تاريخ الحركة بل وممارساتها في الأقاليم التي كانت تسيطر عليها في السنوات الماضية. في المقابل يربط المحللون بين هذا الخطاب الجديد وبين عودة وفد طالبان برئاسة الرجل الثاني ذو النفوذ الملا عبدالغني برادر من الدوحة محملا بـ"مدونة سلوك" لنسخة سلفية من طالبان تم تهذيبها في قطر.

ويقول خبراء إن قادة طالبان وعلى رأسهم الملا برادر، المرشح ليكون الرئيس القادم لأفغانستان في عهد طالبان، قضوا وقتا طويلا في قطر التقوا خلاله بقادة وممثلين عن حركات إسلامية أخرى بمختلف توجهاتها، مثل حركة حماس وقادة التنظيم الدولي لإخوان المسلمين واطلعوا على سياساتهم واكتسبوا منهم خبرة في التفاوض مع الأميركيين وفي سياسة إسماع الغرب ما يريد سماعه، ويبدو أن هذا ما تسير عليه طالبان اليوم، حيث ركزت أغلب البيانات الدولية على فكرة أن الغرب سيحكم على طالبان "استنادا إلى أفعالها"، أي أن باب الحوار الدولي مع الحركة السلفية الموارب يمكن أن يفتح على مصراعيه.

من ذلك، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الثلاثاء إن التكتل لن يتعاون مع الحكومة الأفغانية بعد عودة حركة طالبان للحكم إلا إذا احترمت الحقوق الأساسية بما في ذلك حقوق المرأة ومنعت استخدام الإرهابيين لأراضي أفغانستان. ورحب وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بالبيانات الأولية التي أدلت بها حركة طالبان ووصفها بأنها إشارة إيجابية.

ومهما يكن من أمر هذا "الانفتاح" الذي أبدته الحركة، يؤكد الخبراء أن الأمر لن يشكل تغييرا كبيرا فطالبان شأنها شأن مختلف الحركات الإسلامية السلفية والإخوانية، شيعية أو سنية تحكمها أيديولوجيا ومبادئ قد يتم اخفائها ببعض التصريحات التجميلية إلا أنها في النهاية هي الأساس.

ويمكن الاستشهاد في هذا السياق بتصريح المتحدث باسم المكتب السياسي للجماعة في الدوحة سهيل شاهين قال إن ارتداء البرقع لن يكون إلزاميا كما كان الحال حين حكمت الحركة المتطرفة أفغانستان قبل أكثر من عقدين، لكن على المرأة وضع حجاب.

وقال لشبكة "سكاي نيوز" البريطانية "البرقع ليس الحجاب الوحيد الذي يمكن الالتزام به، فهناك أنواع مختلفة من الحجاب". ولم يحدّد شاهين نوع الحجاب الذي سيتوجّب على المرأة الالتزام به. لكن الأكيد لن يكون للمرأة الأفغانية تلك الحرية التي تمتعت بها في الستينات والسبعينات أي قبل نشأة طالبان.