"مناضل" من النهضة أضرم النار في جسده ومقر الحركة
تونس - ذكرت وزارة الداخلية التونسية والنيابة العامة مساء الخميس أن الحريق الذي اندلع في مقر حركة النهضة الإسلامية التونسية، أسفر عن وفاة شخص وإصابة 18 آخرين وأنه تم العثور على جثة متفحمة لشخص أضرم النار في جسده وتسبب في الحريق.
ونعت حركة النهضة الإسلامية في بيان ما قالت إنه أحد مناضليها من دون أن تقدم تفسيرا واضحا لما جرى، بينما قال القيادي في الحركة محمد القوماني إن "سجينا سياسيا سابقا من الحركة كان وراء إضرام النار في المقر المركزي للحزب اليوم الخميس، ما خلف وفاته وإصابة آخرين بجروح وحروق.
وكان القوماني يشير إلى شخص تقول مصادر إنه متورط في أحداث باب سويقة الإرهابية في العام 1991 وأنه كان مسجونا على خلفية هذه الأحداث وهو من الحاصلين على العفو العام في 2006 واشتغل لاحقا في مقر حركة النهضة (بعد الثورة) كعون استقبال ثم تم طرده من عمله.
وبينما قالت تلك المصادر إنه انتحر حرقا وأحرق معه الطابق الأول من المبنى فيما كان أعضاء من النهضة وموظفيها متواجدون بالمقرّ احتجاجا على رفض رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي لقاءه، قدم الأخير وكذلك القيادي محمد القوماني تفسيرا اثار سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال الغنوشي في تصريح، إنّ الكهل الذي أضرم النار في جسده ظهر الخميس وتسبّب في اندلاع حريق في المقرّ المركزي للحزب ''هو شهيد آخر من شهداء النضال من أجل تحرير تونس من ظلم الدكتاتورية والفساد والتهميش وضحية أخرى من ضحايا الفقر".
وتابع "رحم الله سامي لقد أمضى أكثر من 10 سنوات في السجن مناضلا ضد الاستبداد لكنه إلى اليوم لم ينل أيّ تعويض ولم ينل الحد الأدنى من الكرامة رغم أن مؤسسة الحقيقة والكرامة والعدالة الانتقالية أصدرت مقررات لصالحه لكنها ظلت حبرا على ورق ولم تفعّل".
وندد بما اعتبره حملة من السخرية ضد المناضلين قائلا "البعض أصبح يسألهم عن ثمن الكيلو (الكيلوغرام) من النضال"، مضيفا "سامي هو ضحية من ضحايا الحرب الظالمة الإعلامية على المناضلين وتجريمهم رغم أنّه وبعد 10 سنوات من الثورة لم يحصل على أي تعويض.. ما حدث ثمرة من ثمرات الإعلام الظالمة على النهضة وشبابها ومناضلي الثورة".
وقال القوماني من جهته في تصريح لوسائل إعلام محلية إن الحريق اندلع بعد أن سكب سجين سياسي سابق من الحزب البنزين في قاعة الاستقبال وأشعل النار احتجاجا على عدم تلقيه تعويضات، مضيفا "يتضح مرة أخرى أن تونس لم تعالج جراح الماضي والعدالة الانتقالية لم تبلغ أهدافها النهائية".
وتشير بعض التفسيرات لما حدث أن الشخص الذي أضرم النار في جسده داخل المقر المركزي لحركة النهضة بأن سكب البنزين على جسده في عملية يبدو أنه هيأ نفسه لها، جاء احتجاجا على طرده من وظيفته في مقر الحركة الإسلامية ولا علاقة له بمسألة التعويضات.
واعتبرت تلك المصادر ورواد مواقع التواصل الاجتماعي أن حديث الغنوشي يجانب الصواب وأنه يعكس انتهازية وتوظيفا سياسيا يقفز على حقيقة أن من كان يحكم طيلة العشرية الأخيرة هي النهضة وأن هيئة العدالة الانتقالية كانت في عهد حكمها وهي من دفع بشدة لتعويض منتسبيها ممن سجنوا في عهد نظام الرئيس الأسبق الراحل بن علي.
واندلع حريق هائل بعد ظهر الخميس في الطابق الأول وامتدت ألسنة النيران لطوابق ومكاتب في البناية العالية الواقعة بمنطقة مونبليزير ودفع بعض الموظفين والقياديين إلى محاولة النجاة بأنفسهم من ألسنة النيران والدخان الكثيف عبر القفز من الشرفات.
وأعلنت وزارة الداخلية في بيان لها العثور على جثة متفحمة داخل المقر تعود لشخص عمل كعون استقبال في الحزب. ويرجح أن يكون الشخص المتوفى وراء اندلاع الحريق في المقر.
وأظهرت مقاطع فيديو من أمام مقر النهضة إصابة القيادي علي العريض إثر سقوطه من إحدى الشرفات بالإضافة إلى إصابة رئيس مجلس الشورى عبدالكريم الهاروني بحروق.
ويواجه الحزب الأكبر في تونس أزمة وانقسامات داخلية وموجة استقالات منذ إعلان الرئيس قيس سعيد التدابير الاستثنائية في 25 يوليو/تموز الماضي وتجميد البرلمان، ومن ثم تعليقه العمل بمعظم مواد الدستور تمهيدا لإصلاحات سياسية.
وتمّت السّيطرة على الحريق وإجلاء كلّ المتواجدين بالمبنى و"نقل 18 مصابا لتلقي العلاج منهم 16 حالة اختناق بسيط وشخص تعرّض لحروق متفاوتة الخطورة وشخص آخر تعرّض لكسور متعددة"، وفقا للداخلية.