
النهضة تعلن نقل البحيري للمستشفى في "حالة حرجة"
تونس - ذكرت مصادر من حزب حركة النهضة ومن ائتلاف معارض للرئيس التونسي قيس سعيد، أن وزير العدل التونسي الأسبق ونائب رئيس الحركة الإسلامية نورالدين البحيري نقل إلى مستشفى بنزرت شمال البلاد بعد يومين من توقيفه وهو في "حالة خطرة"، بينما لم تؤكد أي جهة رسمية صحة تلك الأنباء من عدمها، فيما يأتي ذلك بعد يومين فقط من اعتقال قوات أمنية للبحيري في تطور وصفته النهضة بأنه "عملية اختطاف".
وقال المحامي والنائب سمير ديلو الذي استقال من حزب النهضة لوكالة فرانس برس إن البحيري "في حالة حرجة وهو في العناية المركزة بمستشفى الحبيب بوقطفة في بنزرت".
وقالت القيادية في حركة النهضة ووزيرة الدولة السابقة سيدة الونيسي على حسابها على تويتر بالفرنسية، إن نقله للمستشفى جاء "بعد تدهور حالته الصحية إثر توقيفه واحتجازه قبل 48 ساعة"، مضيفة أن البحيري كان محتجزا "في مكان غير معلن بدون أي مذكرة توقيف أو لائحة اتهام أو إذن قضائي".
ونشر رئيس حزب حركة النهضة راشد الغنوشي مساء الأحد رسالة موجهة إلى الرئيس قيس سعيّد حمّله فيها مسؤولية "الكشف عن مصيره وطمأنة أهله والرأي العام حول سلامته".
وأشار الغنوشي إلى أنباء حول "تعكّر وضعه الصّحي"، ودعا سعيّد إلى "تمكين فريق طبي وحقوقي من زيارته والاطّلاع على وضعه والتعجيل بإطلاق سراحه".

وكانت وزارة الداخلية التونسية قد أوضحت في بيان سابق صادر بتاريخ 31 ديسمبر/كانون الأول 2021، من دون أن تذكر البحيري أو فتحي البلدي المستشار السابق لدى وزير الداخلية الأسبق والقيادي في حركة النهضة علي العريض "إنه عملا بالقانون المنظّم لحالة الطوارئ وخاصّة الفصل الخامس من الأمر عدد 50 لسنة 1978 المؤرّخ في 26 جانفي (يناير) 1978 الذي يُخوّل وضع أيّ شخص تحت الإقامة الجبريّة حفاظا على الأمن والنّظام العامّين، تمّ اتّخاذ قرارين في الإقامة الجبريّة وهو إجراء ذو صبغة تحفظيّة أملته الضّرورة في إطار حماية الأمن العامّ، وينتهي بانتهاء موجبه".
وتابع البيان "كما تؤّكد الوزارة حرصها على التّقيّد بالضّمانات المكفولة بمقتضى الدّستور والتّشريع النّافذ، خاصّة من حيث توفير ظروف الإقامة الملائمة والإحاطة الصّحيّة اللاّزمة للمعنيّين بهذا القرار".
وقال ائتلاف "مواطنون ضد الانقلاب" المعارض للتدابير التي أعلنها الرئيس قيس سعيّد، عبر تويتر، إن البحيري "نقل إلى المستشفى على وجه السرعة في حالة حرجة".
وبحسب عدد من وسائل الإعلام ومصادر مطلعة، فإن نورالدين البحيري يعاني من عدة أمراض مزمنة وأنه توقف عن تناول الطعام والأدوية منذ توقيفه وهو ما أكده الطبيب وعضو المجلس التنفيذي لحركة النهضة منذر الونيسي خلال مؤتمر صحافي في العاصمة التونسية، مشيرا إلى أن البحيري يعاني من عدة أمراض مزمنة بينها السكري وارتفاع ضغط الدم وعادة ما يتناول "16 قرصا يوميا".
لكنه ادعى أنه "حُرم من أدويته" وأن "حياته مهددة"، داعيا "الهلال الأحمر والمنظمات الدولية للتدخل" في مواجهة ما وصفها بـ"الممارسات اللاإنسانية".
وندد عضو قيادة النهضة السيّد فرجاني المقرب من البحيري بـ"الوضع الخطر حقا لتونس والمنطقة" عندما نرى "وزيرا سابقا يعامل بهذه الطريقة"، مضيفا أن نائب رئيس الحزب حالته "حرجة للغاية بعد ثلاثة أيام من عدم الأكل والشرب وتناول الأدوية".
وكانت الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب وهي هيئة مستقلة تابعة للدولة وحزب النهضة قد أبديا قلقهما السبت حيال مصير البحيري وكذلك فتحي البلدي الذي عمل مستشارا لوزير داخلية أسبق وأوقف أيضا صباح الجمعة.
وقد شجبت الهيئة ولجنة الدفاع عن البحيري التي تشمل زوجته المحامية ومحامين آخرين، التكتم على مكان احتجازه وغياب توضيحات من وزارة الداخلية التي أمرت بالقبض على البحيري والبلدي.
ووصفت لجنة الدفاع عن البحيري الجمعة اعتقاله أمام منزله على أيدي عناصر شرطة بملابس مدنية بأنه "اختطاف" و"السابقة الخطيرة التي تنبئ بدخول البلاد في نفق الاستبداد".
وعزلت قرارات الرئيس التونسي في 25 يوليو/تموز 2021 تقريبا حركة النهضة الإسلامية التي تهيمن على الحكم منذ العام 2011 بعد سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
وشكلت الحركة الإسلامية التي تتمتع بغالبية برلمانية ضعيفة في البرلمان المجمدة أعماله أحزمة دعم لرؤساء حكومات سابقين بينهم رئيس الوزراء هشام المشيشي الذي أعفي من مهامه بموجب التدابير الاستثنائية التي أعلنها قيس سعيد استنادا للفصل 80 من دستور 2014 والذي جمد الرئيس لا حقا العمل بمعظم فصوله في انتظار استفتاء على تعديلات جوهرية تشمل النظام السياسي وحزمة من التشريعات.
وحمل سعيد المنظومة السياسية السابقة التي كانت تهيمن عليها النهضة المسؤولية عن تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية والصحية واتهمها بالفساد والتسبب في وفاة آلاف التونسيين والتونسيات بفيروس كورونا في ذروة الموجة الوبائية الأولى.
ومنذ قرارات 25 يوليو/تموز من العام الماضي أحالت النيابة العامة تحت إشراف الرئيس التونسي العديد من المسؤولين والسياسيين بينهم نواب إلى القضاء بشبهات فساد مالي وإداري، لكن البحيري هو أرفع سياسي وقيادي في حركة للنهضة يتم إيقافه، فيما تحوم حوله شبهات "فساد" تتعلق بملفات وقضايا حساسة حين كان وزيرا للعدل، لكن لم توجه إليه منذ إيقافه اتهامات رسمية وأحيل إلى الإقامة الجبرية وفق مقتضيات قانون الطوارئ والفصل الخامس من الأمر عدد 50 لسنة 1978.