يوم دموي في السودان مع مقتل 7 محتجين

لجنة أطباء السودان المستقلة المناهضة للانقلاب تصف ارتفاع حصيلة قتلى الاحتجاجات قرب القصر الجمهوري في الخرطوم إلى سبعة قتلى بأنها مجزرة "ارتكبتها السلطات الانقلابية".
معركة كرّ وفرّ بين المحتجين وقوات الأمن في الخرطوم ومدن أخرى
البرهان يقرر تأسيس جهاز لمكافحة الإرهاب
وفد أميركي رفيع إلى الخرطوم لبحث سبل دفع مبادرة التسوية الأممية

الخرطوم - قُتل سبعة متظاهرين خلال احتجاجات في السودان شارك فيها الآلاف الاثنين ضد الانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش عبدالفتاح البرهان منذ قرابة ثلاثة أشهر.

وقالت لجنة أطباء السودان المستقلة المناهضة للانقلاب "تأكد قبل قليل ارتقاء أرواح أربعة شهداء لهذا اليوم (الاثنين) في المجزرة التي ارتكبتها السلطة الانقلابية لفض مواكب شعبنا السلمية ليصبح العدد الكلي سبعة شهداء في مليونية 17 يناير (كانون الثاني)".

وأضافت اللجنة في بيان على صفحتها الرسمية على فيسبوك "بهذا يرتفع عدد الشهداء الذين حصدتهم آلة الانقلاب إلى 71 شهيدا خالدين في ذاكرة أمتنا".

وكانت قوات الشرطة السودانية أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين الذين حملوا الأعلام السودانية وكانوا في طريقهم إلى القصر الرئاسي في وسط العاصمة.

وتسببت قنابل الغاز في وقوع إصابات بالاختناق بين المتظاهرين وبعضهم أصُيب بجروح ناجمة عن عبوات الغاز. كما استخدمت قوات الأمن القنابل الصوتية وخراطيم المياه لإجبار المتظاهرين على التراجع وهو ما نجحت به لاحقا.

وتجري حاليا مطاردات من الأمن للمحتجين وتوقيف المارة في الشارع، بينما امتد إطلاق قنابل الغاز من قبل قوات الشرطة إلى حي بحري شمال الخرطوم حيث تجمع الآلاف للمشاركة في الاحتجاجات.

وأفاد شهود عيان بأن بعض المتظاهرين رفعوا صورا للمغني والملحن السوداني الراحل مصطفى سيد أحمد الذي عُرف بالأغاني الثورية بالتزامن مع الذكرى الـ26 لوفاته.

وفي أم درمان شمال غرب الخرطوم، قالت إحدى شهود العيان وتدعى سوسن صلاح "تجمع حوالي ثلاثة آلاف متظاهر في شارع الـ40 وهم يحملون الأعلام وصور الشهداء واحرقوا الإطارات القديمة وأقاموا المتاريس لقطع الشارع".

وقال عماد محمد من مدني عاصمة ولاية الجزيرة والتي تبعد 186 كلم جنوب الخرطوم "تجمع ألفا متظاهر يهتفون لحكم مدني كامل".

وفي مدينة الأُبيض عاصمة ولاية شمال كردفان التي تبعد 350 كلم غرب العاصمة، قال محمد حسين "يتظاهر حوالي ألفي شخص في وسط المدينة ضد حكم العسكر".

وتأتي الاحتجاجات في وقت ينتظر أن يصل فيه إلى العاصمة السودانية وفد أميركي على رأسه مبعوث واشنطن للقرن الإفريقي ديفيد ساترفيلد ومساعدة وزير الخارجية للشؤون الإفريقية مولي في.

وتهدف الزيارة الأميركية إلى دعم مساعي الأمم المتحدة الأخيرة لحل الأزمة السياسية في السودان و"تسهيل انتقال مدني جديد إلى الديمقراطية".

وقبل زيارة السودان، يلتقي الوفد الأميركي الاثنين في العاصمة السعودية "أصدقاء السودان"، وهي مجموعة تطالب بإعادة الحكومة الانتقالية في البلاد بعد الانقلاب العسكري.

والاثنين أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين تولي لوسي تاملين مهام القائم بأعمال السفارة في الخرطوم في ظل "هذا المنعطف الحاسم في الانتقال الديمقراطي بالسودان".

والأسبوع الماضي أعلن ممثل الأمم المتحدة في الخرطوم فولكر بيرثيز رسميا إطلاق مبادرة يجري بمقتضاها لقاءات ثنائية مع الأطراف المختلفة قبل الانتقال في مرحلة تالية إلى محادثات مباشرة أو غير مباشرة بينها.

ورحب مجلس السيادة السوداني برئاسة البرهان بمبادرة الأمم المتحدة واقترح إشراك الاتحاد الإفريقي، بينما أكد ائتلاف قوى الحرية والتغيير المناهض للانقلاب بأنه سيقبل بالمبادرة إذا كان الهدف هو حكم مدني.

وترأس البرهان الاثنين جلسة طارئة لمجلس الأمن والدفاع وتقرر بنهايتها، حسب بيان من مجلس السيادة "استكمال إجراءات التحري والتحقيق ومحاسبة المتورطين في الأحداث وحسم التفلتات التي تصاحب المواكب وفقا لقانون الطوارئ والقانون الجنائي".

كما تقرر "تأسيس قوة خاصة لمكافحة الإرهاب لمجابهة التهديدات المحتملة والإفراج عن المشتبه فيهم والذين لم تثبت إدانتهم بالتورط في أعمال إرهابية".

وعطّل البرهان في 25 أكتوبر/تشرين الاول الماضي استكمال انتقال السلطة إلى المدنيين عبر اعتقال رئيس الوزراء عبدالله حمدوك وغالبية القادة المدنيين وتعليق عمل مجلس السيادة.

ومنذ ذلك الحين يكثف الناشطون السودانيون المطالبون بحكم مدني ديمقراطي احتجاجاتهم في موازاة تصاعد العنف من قبل قوات الأمن بحق المتظاهرين ما أسفر حتى الآن عن مقتل 71 متظاهرا على الأقل وسقوط مئات الجرحى، كما تعرضت 13 امرأة على الأقل لحوادث اغتصاب.

إلا أن السلطات الأمنية تنفي بانتظام استخدام الذخيرة الحية في مواجهة الاحتجاجات، واتهمت بعض المتظاهرين بعدم التزام السلمية في المسيرات والتسبب في مقتل ضابط وإصابة عشرات أفراد الأمن.

ورغم تعهد البرهان بإجراء انتخابات عامة في منتصف 2023، استمرت الاحتجاجات ضد الانقلاب واتفاق التسوية الذي وافق بموجبه حمدوك على العودة إلى منصبه في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وهو ما اعتبره المتظاهرون "خيانة".

وأعلن حمدوك استقالته بعد ذلك، مؤكدا أنه حاول إيجاد توافقات لكنه فشل وحذر من أن البلاد تواجه "منعطفا خطيرا قد يهدد بقاءها" وأنه كان يسعى إلى تجنب "انزلاق السودان نحو الهاوية". وقبل مجلس السيادة استقالته.