مجلس السيادة السوداني يوافق على تشكيل حكومة يقودها مدني
الخرطوم - أعلن مجلس السيادة الانتقالي في السودان اليوم الخميس أن الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس المجلس عيّن 15 وزيرا في الحكومة. وتضمن القرار تعيين علي الصادق علي وزيرا للخارجية ومحمد عبدالله محمود وزيرا للطاقة والنفط.
وتأتي هذه التعيينات بعد اتفاق البرهان مع وفد أميركي يزور الخرطوم على تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة والدخول في حوار وطني شامل لحل الأزمة السياسية الراهنة وإجراء تعديلات على الوثيقة الدستورية لتواكب التطورات الحالية في البلاد.
وقال المجلس إن الاجتماع مع الوفد الأميركي أسفر أيضا عن الاتفاق على تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة يقودها رئيس وزراء مدني لاستكمال مهام الفترة الانتقالية وإجراء انتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية بالإضافة إلى دخول الأطراف السودانية في حوار وطني شامل لإنهاء الأزمة.
والتقى رئيس مجلس السيادة قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان الخميس بوفد أميركي برئاسة مساعدة وزير الخارجية للشؤون الإفريقية مولي في وعضوية المبعوث الجديد للقرن الإفريقي ديفيد ساترفيلد والقائم بأعمال السفارة الأميركية بالخرطوم براين شوكان.
ويأتي بيان مجلس السيادة بينما يتعرض لضغوط غربية شديدة تقودها الولايات المتحدة، لدفعه للتراجع عن استبعاد المدنيين من قيادة المرحلة الانتقالية.
ويُفسر تجاوب قائد الجيش مع الدعوات الأميركية والأممية بمخاوف من تفاقم الأزمة المالية، بينما تتواصل الاحتجاجات في الشارع السوداني تنديدا بالانقلاب العسكري ورفضا لحكومة يقودها العسكر.
ولوحت الولايات المتحدة الخميس بعدم استئناف تقديم المساعدات للسودان قبل عودة الحكومة المدنية. وهي المساعدات التي تبلغ قيمتها 700 مليون دولار وتم تجميدها عقب الانقلاب.
وقالت السفارة الأميركية في الخرطوم في بيان نشرته الخميس إن واشنطن لن تستأنف مساعداتها الاقتصادية للسودان التي توقفت بعد انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول، ما لم يتم وقف العنف وعودة حكومة يقودها المدنيون.
وأضافت أن الولايات المتحدة ستدرس اتخاذ إجراءات لمحاسبة المسؤولين عن تعطيل العملية السياسية في البلاد وعن الإخفاق في "استدامة بيئة سلمية للسماح للعملية السياسية بالمضي قدما"، لكن البيان لم يحدد طبيعة هذه الإجراءات.، بينما نُشر بالتزامن مع زيارة مبعوثين أميركيين بارزين للخرطوم.
ودعت مساعدة وزير الخارجية مولي في ومبعوث واشنطن الخاص لمنطقة القرن الأفريقي ديفيد ساترفيلد خلال زيارتهما إلى السودان، إلى إجراء تحقيقات مستقلة في مقتل وإصابة محتجين على الانقلاب العسكري منذ وقوعه في 25 أكتوبر/تشرين الأول.
وقال البيان إنهما "أدانا بشدة استخدام القوة غير المتناسبة بحق المتظاهرين ولا سيما استخدام الذخيرة الحية والعنف الجنسي وممارسة الاحتجاز التعسفي".
وتقول السلطات السودانية إن حق التظاهر السلمي مكفول وإن أي انتهاكات بحق المتظاهرين ستخضع للتحقيق.
وجمد استيلاء الجيش على السلطة بالكامل في أكتوبر/تشرين الأول عملية انتقالية بدأت بعد انتفاضة في 2019 أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير كانت من المفترض أن تفضي لإجراء انتخابات ديمقراطية.
وتأتي هذه التطورات بينما تسود الشارع السوداني حالة من التوتر مع استمرار المواجهات بين المحتجين وقوات الشرطة.
وأطلقت القوى الأمنية السودانية الخميس الغاز المسيل للدموع على آلاف السودانيين الذين خرجوا إلى شوارع الخرطوم وأم درمان شمال غرب العاصمة تكريما لمقتل العشرات في عملية قمع المحتجين على حكم العسكر، منذ الانقلاب الذي نفذه البرهان.
ويشهد السودان احتجاجات متواصلة تتخللها اضطرابات وعنف منذ الانقلاب الذي أطاح بالمدنيين الذين تقاسموا مع الجيش السلطة بعد سقوط الرئيس السابق عمر البشير.
وتقول لجنة الأطباء المركزية التي تشكل مجموعة أساسية في معارضة العسكر، إن 72 متظاهرا قتلوا في احتجاجات، العديد منهم بالرصاص، منذ الانقلاب، فيما تقول الشرطة إن ضابطا قتل طعنا على أيدي متظاهرين خلال الاحتجاجات الأخيرة.
وتمتد الاحتجاجات إلى أبعد من الخرطوم. وخرج حوالي 2000 متظاهر إلى الشوارع في مدينة مدني على بعد 200 كلم شمال العاصمة، بحسب شهود عيان.
واختار عشرات المتظاهرين الاحتجاج أمام ممثلية الأمم المتحدة في الخرطوم رافعين لافتات كتب عليها "لا للحلول القادمة من الخارج"، في رد على مبادرة الحوار التي دعت إليها الأمم المتحدة، ويرفضها الشارع، مطالبا بتسليم السلطة للمدنيين.
في أبريل/نيسان 2019، أطاح الجيش بالرئيس عمر البشير الذي حكم السودان لعقود طويلة بقبضة من حديد، تحت ضغط انتفاضة شعبية نفذت اعتصاما أم مقر قيادة الجيش لأشهر. وتسلم مجلس عسكري السلطة، لكن الاحتجاجات الشعبية تواصلت حتى أغسطس/اب عندما اتفق العسكر والمدنيون الذين كانوا يقودون الاحتجاجات على تقاسم السلطة لفترة انتقالية. وسبق ذلك فض اعتصام شعبي بالقوة، ما تسبب بمقتل وإصابة المئات.
وأطاح البرهان الذي كان يرأس مجلس السيادة المشرف على العملية الانتقالية بالمدنيين من السلطة ثم عاد رئيس الحكومة عبدالله حمدوك إلى رأس الحكومة تحت ضغط دولي وبناء على اتفاق مع العسكر، لكن الشارع رفض ما اعتبره تنازلا، مطالبا بتسليم السلطة كاملة إلى المدنيين، فاستقال حمدوك.
وشكّل البرهان الأربعاء حكومة "لتصريف الأعمال" مؤلفة من موظفين كبار غير معروفين.
والتقى الموفدان الأميركيان الخميس أيضا بالمتحدث السابق باسم الحكومة الذي تم توقيفه يوم الانقلاب خالد عمر يوسف.
ونقل عمر يوسف المطالب بحكم مدني على حسابه على تويتر قوله للمبعوثين "أن لا مخرج من الأزمة السياسية الراهنة إلا بالاستجابة لمطالب الشارع المتمثلة في إنهاء الوضع الانقلابي وتأسيس إطار دستوري جديد ذي مشروعية شعبية يقوم على سلطة مدنية كاملة".
وأكد المبعوثان الأميركيان خلال اللقاء أن واشنطن "لن تستأنف المساعدات للسودان قبل وقف العنف والعودة إلى حكم بإدارة مدنية كما يريد السودانيون"، بحسب ما أفادت السفارة الأميركية في الخرطوم.
ومن بين أبرز مطالب المحتجين تحقيق العدالة لأسر 72 متظاهرا قتل معظمهم بالرصاص الحي منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتؤكد اليونيسف أن من بين القتلى تسعة أطفال، مشيرة إلى أنه تم احتجاز "فتيان وفتيات أعمارهم بالكاد 12 عاما"، فيما تتولى قوات الأمن ايقاف المارة بالعشرات في أيام التظاهرات.
وأثار مقُتل سبعة متظاهرين الاثنين غضبا في البلاد ودعت قوى المجتمع المدني إلى يومين من الإضراب العام.
وفي الكاميرون، تلا لاعبو المنتخب السوداني لكرة القدم صلاة من أجل الضحايا وهم راكعون على قدم واحدة قبل انطلاقهم لإحياء المباراة الأخيرة في كأس أمم إفريقيا لكرة القدم.