قرار قضائي يلزم أربيل بتسليم كامل إنتاج النفط لبغداد
بغداد - أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، أعلى سلطة قضائية في البلاد، الثلاثاء أمرا يلزم حكومة إقليم كردستان بتسليم كامل النفط المنتج على أراضيه للحكومة المركزية.
ومن المتوقع أن يؤجج القرار القضائي الخلاف القائم أصلا بين بغداد وأربيل في وقت ما يزال فيه العراق عالقا في عقدتي تشكيل حكومة وانتخاب رئيس للبلاد وهو منصب جرى العرف السياسي منذ الغزو الأميركي لبغداد في 2003، أن تتولاه شخصية كردية.
ويبقى قرار المحكمة مهددا بعدم التنفيذ في ظل خلاف يعود لسنوات حول موارد النفط بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان الذي يضم ثلاث محافظات ويتمتع بحكم ذاتي منذ عام 1991.
وجاء في قرار المحكمة "إلزام حكومة الإقليم بتسليم كامل إنتاج النفط من الحقول النفطية في إقليم كردستان إلى الحكومة الاتحادية المتمثلة بوزارة النفط الاتحادية".
كما تضمن الحكم الذي نشر على موقع المحكمة "إلزام حكومة إقليم كردستان بتمكين وزارة النفط العراقية وديوان الرقابة المالية الاتحادية بمراجعة كافة العقود النفطية المبرمة مع حكومة إقليم كردستان بخصوص تصدير النفط والغاز وبيعه".
وتبلغ صادرات العراق الذي يعد ثاني أكبر بلد مصدر للنفط في منظمة أوبك، حوالي 3.5 ملايين برميل يوميا تمثل وارداتها المالية 90 بالمئة من موازنة البلاد.
وكان إقليم كردستان تعهد بتسليم 250 ألف برميل من إنتاجه اليومي الذي يتجاوز 400 ألف برميل للحكومة المركزية عبر وزارة النفط، مقابل حصوله على رواتب المسؤولين الأكراد ومقاتلي البشمركة، القوات المسلحة التابعة للإقليم.
وكانت صادرات الإقليم النفطية موضوع خلاف متكرر على مدى السنوات الماضية، مع مطالبة بغداد بخضوع جميع صادرات البلاد النفطية لإشراف وزارة النفط التابعة للحكومة المركزية.
ووجهت السلطات العراقية انتقادات متكررة لتركيا لسماحها بتسلم نفط الإقليم وتكريره عام 2012 ولسماحها بتصدير نفط كردستان العراق للأسواق العالمية في 2014.
ويعود الخلاف حول إدارة الثروة النفطية بين بغداد وأربيل إلى عام 2007 عندما بدأ إقليم كردستان أولى خطوات تطوير حقول النفط في محافظاته الثلاث (أربيل ودهوك والسليمانية) وهي الخطوة التي عارضتها الحكومة الاتحادية.
وقامت حكومة الإقليم بتوقيع عشرات الاتفاقات مع شركات نفط أجنبية عملاقة مثل إكسون موبيل وشيفرون وتوتال وغاز بروم لتطوير حقول النفط والقيام بعمليات تنقيب. ثم قامت لأول مرة في العام 2009 بضخ نحو 100 ألف برميل من النفط في الأسواق العالمية عبر خط أنابيب تابع للحكومة الاتحادية والممتد عبر تركيا وصولا إلى ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط.
واستمر إقليم كردستان العراق في خطوات تصعيدية من ضمنها مدّ خط أنابيب خاص به إلى الأراضي التركية في العام 2014 وضخ حينها ما بين 400 و450 ألف برميل يوميا إلى الأسواق العالمية، فردّت بغداد حينها بقطع كل حصة الإقليم ولم تبق إلا على صرف جزء من رواتب موظفي القطاع العام.
ولم تهدأ الخلافات بين الجانبين التي ظلت تراوح مكانها بين أخذ وردّ من الجانبين وتفاهمات لم تصمد رغم اتفاق خلال عهد رئيس الوزراء وزير النفط الأسبق عادل عبدالمهدي التزمت بموجبهأربيل بتسليم 250 ألف برميل من النفط يوميا لبغداد ونصف عائدات الإقليم من رسوم المعابر الحدودية، في مقابل دفع بغداد رواتب جميع العاملين في إقليم كردستان، لكن الأخير لم يلتزم بشكل كامل بالاتفاق.
وفي العام 2020 في ذروة الأزمة المالية في العراق بادر رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي بقطع رواتب موظفي الإقليم بشكل كامل، ما تسبب في أزمة في إقليم كردستان وعجز عن صرف رواتب موظفي القطاع العام لثلاثة أشهر.
كما تفاقمت ديون الإقليم لتبلغ نحو 28 مليار دولار ومعظمها رواتب متأخرة ومستحقات شركات النفط التي تتولى تطوير الحقول في الإقليم.