التوتر حول أوكرانيا يهيمن على قمة الغاز في قطر

التوترات الجيوسياسية بين روسيا والغرب وبين واشنطن وطهران تفتح منافذ واسعة للدوحة لتعزيز نفوذها وتقديم نفسها كوسيط قادر على لعب دور في حلحلة الأزمات القائمة.
الدول المنتجة للغاز غير قادرة على تعويض كل الإمدادات الروسية لأوروبا
التوتر في شرق أوكرانيا يضاعف أسعار الغاز

الدوحة - بدأت الدول الرئيسية المصدرة للغاز اجتماعاتها في العاصمة القطرية الأحد لبحث كيفية تلبية الطلب العالمي المتزايد مع تصاعد المخاوف في أوروبا بشأن إمدادات الغاز من روسيا في ظل الأزمة المحيطة بأوكرانيا.

وبدأ خبراء من منتدى الدول المصدرة للغاز المؤلف من 11 عضوا اجتماعاتهم في الدوحة قبل محادثات على المستوى الوزاري الاثنين وأخرى على مستوى رؤساء الدول والحكومات الثلاثاء.

ومن أبرز الدول الأعضاء روسيا وقطر وإيران وليبيا والجزائر ونيجيريا التي تمثل مجتمعة أكثر من 70 بالمئة من احتياطيات الغاز المؤكدة في العالم.

وافتتحت الاجتماعات مع تنديد أوكرانيا بـ"قصف استفزازي جديد" على خط المواجهة بين قواتها والانفصاليين المدعومين من موسكو.

ومع تزايد مخاوف أوروبا من غزو روسي لأوكرانيا، اقتربت أسعار الغاز الطبيعي من ضعف مستواها في أواخر عام 2020.

وتسعى الدول الأوروبية بشكل كثيف للحصول على إمدادات بديلة للغاز الروسي الذي يوفر 40 بالمئة من احتياجات السوق الأوروبية.

وتتجه الأنظار إلى أستراليا والولايات المتحدة وهما ليستا عضوين في المنتدى وكذلك إلى قطر، لكن معظم الدول المنتجة تقول إن فائضها لا يكفي لتعويض الإمدادات الروسية.

من المقرر أن يلتقي أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قادة الدول الأعضاء في منتدى الدول المصدرة للغاز الثلاثاء. وتمت أيضا دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لكن من غير المتوقع أن يتوجه إلى الدوحة.

لكن من المقرر أن يشارك في القمة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الذي نادرا ما غادر بلاده منذ توليه منصبه والرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ورئيس وزراء ترينيداد وتوباغو كيث رولي.

وتركز الدول الأعضاء في منتدى الدول المصدرة للغاز على سبل زيادة الإنتاج على المدى المتوسط. وقد شرعت قطر، المنتج الكبير للغاز الطبيعي المسال، في مشروع ضخم لزيادة الإنتاج بنسبة 50 بالمئة بحلول عام 2027.

وقال الأستاذ في معهد الدراسات السياسية في باريس والمتخصص في صناعة الغاز تييري بروس، إن المنتدى سيعيد على الأرجح تأكيد رسالته إلى أوروبا بأنها بحاجة إلى توقيع عقود طويلة الأجل لتأمين إمدادات مضمونة.

وسيتعين على كل الدول المنتجة القيام باستثمارات ضخمة لزيادة إنتاجها، لكن لطالما رفض الاتحاد الأوروبي إبرام عقود طويلة تمتد 10 أو 15 أو 20 عاما.

وأضاف بروس أنه نظرا لضخامة الاستثمار المطلوب، تريد الدول المنتجة "زيادة الإيرادات إلى الحد الأقصى وضمان سوق طويل الأجل لغازها".

وتسعى قطر إلى تعزيز نفوذها الدبلوماسي كوسيط وميسّر، لذلك يمكن أيضا أن تناقش الأزمة الأوكرانية في المنتدى، وفق رأي الخبير الأمني في جامعة كينغز كوليج في لندن أندرياس كريغ.

وقال كريغ "ستكون فرصة كبيرة لو استغلت قطر المنتدى لتقديم مساعيها الحميدة للولايات المتحدة للتوسط بينها وبين روسيا".

ومن المتوقع أن يناقش أمير قطر والرئيس الإيراني في لقاء ثنائي الجهود المبذولة لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران والقوى الكبرى.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد وعد خلال زيارة أمير قطر الأخيرة لواشنطن، بأن يجعل الدوحة حليف استراتيجي للولايات المتحدة من خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وعززت التوترات الجيوسياسية من موقع الإمارة الخليجية الغنية بالغاز، فقد لعبت دورا مهما في إبرام اتفاق بين واشنطن وحركة طالبان المتشددة التي كان لها مكتب في العاصمة القطرية في ذروة النزاع المسلح في أفغانستان.

وفي خضم الانسحاب الأميركي الفوضي من أفغانستان وسيطرة طالبان على كابول، قامت قطر أيضا بدور حيوي بالنسبة لواشنطن من خلال عمليات الإجلاء الجوي وتشغيل مطار كابول والمساعدات الإنسانية.

ولاحقا أعلنت الولايات المتحدة أن الدوحة التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع طالبان، ستمثل المصالح الأميركية في أفغانستان بعد أن سيطرت الحركة المتشددة على السلطة.

وقد تقدم قطر نفسها وسيطا في الأزمة بين موسكو وواشنطن مع تصاعد التوتر بسبب غزو روسي محتمل لأوكرانيا وقد تتوسط أيضا بين إيران والولايات المتحدة في أزمة الملف النووي.