عبدالرزاق الربيعي يعاين مقاطع من ذاكرة الجائحة في'أرواح ثكلى'
عمّان – يعاين الشاعر عبدالرزاق الربيعي في كتابه "أرواح ثكلى.. مقاطع عرضيّة من ذاكرة الوباء" التحولات التي فرضتها جائحة فيروس كورونا المستجد، وحالة التشاؤم والقلق وعدم اليقين التي انتابت البشرية جرّاءها، وإن كان يتخللها بعض الأمل.
وجاء الكتاب الصادر عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن ضمن منشورات الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء، في 360 صفحة من القطع المتوسط، وضم 82 مقالة وثَّقت كثيراً من الأحداث المواكبة للجائحة، وبسط المؤلف خلالها مشاهداته الخاصة ووجهات نظره في كثير منها.
وقدم الربيعي في الكتاب قراءة مفتوحة على الأجناس الأدبية جميعها، قائمة على التداعيات الحرة للمشاعر والعواطف، فجاءت نصوصه خليطا من اليوميات، والمقاطع الشعرية، والمقولات، والتداعيات، والرسائل، والحكايات، والمشاهد البصرية، ضمن إطار سردي يتداخل في نسيجه الحاضر والماضي، وقالبٍ تعبيريّ يروي تجربة فردٍ في كوكبٍ يعيش به 7.8 مليار نسمة وجدَ نفسَهُ بمواجهة وباءٍ شرِس، فدوّنَ تأمّلاته، وهواجسَه، وقلقَه، وحسراتِه، وتجلّياتِه.
يقول الربيعي في مقدمة الكتاب عن مشروعه هذا: "منذ الأيّام الأولى لتفشّي فيروس كورونا، وقبل إعلان منظّمة الصحّة العالميّة في يوم 11 مارس 2020 تصنيفه جائحة عالمية، ووصوله إلى مسقط، أواخر فبراير 2020، بدأتُ تدوين كلّ معلومة جديدة، وتفصيل يتعلّق به، دون تخطيط مسبق، لجمعها في كتاب، فالأفكار مثل البيوض بعضها تحمل أجنّة ومشاريع حيوات جديدة، وهناك بيوض فاسدة، لكنني كنت أدرك أن العالم يمرّ بحدث كوني، مفصلي، في التاريخ، ستكون له تداعياته وانعكاساته على أنشطة الحياة بشكل عام".
ويضيف الربيعي "عندما تضاربت المعلومات، وكثرت الأخبار، وتنوّعت مصادرها، وبين هذا، وذاك، وعلى مدى حوالي عامين، كنت أراقب، وأتابع، راصداً التطوّرات، وأقوم بفحصها، وتأمّلها، وفتح مغالق الذاكرة، ومراجعة صفحات التاريخ، الذي أؤمن بأنّه يكرّر نفسه، بأشكال مختلفة، كما قيل، ضمن حلقات متداخلة، وما كورونا سوى حلقة في سلسلة طويلة، بدأت منذ وُجِد الإنسان على الأرض، فحيّرته تلك الظواهر، وحاول تفسيرها من خلال الأساطير، منها أسطورة صندوق باندورا، التي وردتْ في الأساطير اليونانيّة، عندما حمل صندوقها الرزايا، والأوبئة، وكان عقاباً من زيوس للجنس البشري بعد سرقة بروميثيوس النار، فجمّع تلك الشرور، ووضعها في صندوق، ما إن فتحتْه بدافع الفضول، خرجت منه: الأحقاد، والأمراض، والمكر والخداع، وانتشرت في عموم الأرض".
ويتابع الربيعي بقوله: "ها هي محتويات (صندوق باندورا) تملأ عالمنا الذي تحوّل إلى مسرح لها، وفريسة سائغة، وغابة.. يقول علماء هندسة الجينات إن الجينات الوراثية التي كانت تتحكم بتصرّفات انسان العصر الحجري لم تمت، ويمكن أن تنشط من جديد. وعلى سبيل المثال يرون أن سبب خوفنا الفطري من الأفاعي، رغم عدم وجود تجربة سابقة معها يعود لسبب جيني، لأنّها كانت تهاجم أجدادنا في الكهوف. ويتوصّلون لنتيجة مخيفة هي أن الحضارة غلّفت مخالب الوحوش بقفّازات حريرية".
ومن الجدير ذكره أن الربيعي نائب رئيس مجلس إدارة النادي الثقافي في عُمان، وصدر له منذ ثمانينات القرن العشرين، ما يزيد على أربعين مؤلفاً تنوعت موضوعاتها ما بين الشعر والمسرح والدراسات النقدية والحوارات، وسواها من مجالات الإبداع.