حزب سياسي جديد من رحم حركة النهضة

قيادي سابق في الحركة الإسلامية في تونس يقول إن قرار تأسيس حزب جديد يأتي تتويجا لأشهر من النقاش والعمل في لجان تأسيسية لبلورة المشروع الجديد ونظرا للتقدم الملموس لأعمال هذه اللجان.
عشرات المنشقين من النهضة يسعون للقطع مع إرث الاتجاه الإسلامي
المعركة بين الحرس القديم والحرس الجديد داخل النهضة تنتهي بحزب جديد
تدابير 25 يوليو عمقت الانقسامات داخل حركة النهضة

تونس - يعتزم منشقون عن حركة النهضة الإسلامية تأسيس حزب سياسي جديد فيما تأتي هذه الخطوة بعد خلافات وانقسامات عميقة هزت الحركة الإسلامية التي كانت تهيمن على الحكم بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق الراحل زين العابدين بن علي.

وتفجرت الخلافات بين شقين في النهضة واحد موال لرئيسها راشد الغنوشي الذي شغل في السنوات الأخيرة رئاسة البرلمان الذي جمد الرئيس التونسي قيس سعيد أعماله ضمن إجراءات واسعة اتخذها في 25 يوليو/تموز ثم حله نهائيا بعد أن عقد نواب مجمدون اجتماعا افتراضيا، وشق ثان طالب بعدم ترشح الغنوشي مجددا لرئاسة الحركة.

وعمقت تدابير 25 يوليو/تموز الاستثنائية الخلافات في حركة النهضة التي تكابد لترميم الشروخ داخلها وسط دفع المنشقين لتقديم رؤية سياسية جديدة والقطع مع ارث الغنوشي الذي يرأس حركة النهضة منذ تأسست عام 1972 وأعلنت رسميا عن نفسها في 6 يونيو/حزيران 1981 تحت اسم الاتجاه الإسلامي.

وأعلن القيادي السابق في حركة النهضة التونسية عبداللطيف المكي اليوم الأحد أن مجموعة من المستقيلين من الحركة تعتزم تأسيس حزب سياسي جديد خلال الأيام المقبلة، مضيفا في بيان نشره عبر صفحته الرسمية على فيسبوك "سنعقد خلال الأيام القليلة القادمة جلسة تأسيسية لهذا الحزب (لم يتم تسميته بعد)، يتم إثرها إيداع الملف القانوني لدى الجهات المعنية بهدف الحصول على التأشيرة".

وأوضح أن الجلسة التأسيسية المرتقبة تأتي "تتويجا لأشهر من النقاش والعمل في لجان تأسيسية لبلورة مشروع حزب سياسي جديد ونظرا للتقدم الملموس لأعمال هذه اللجان".

وأشار القيادي السابق في النهضة وأحد الوجوه البارزة التي استقالت من الحركة، أن هذه المساعي جاءت "بناء على استيعاب دروس الماضي واعتمادا على معطيات الواقع واستشراف آفاق المستقبل".

وشغل المكي في السابق منصب وزير للصحة وهو واحد من مجموعة الـ100 التي قدمت استقالة جماعية من الحركة في سبتمبر/أيلول 2021 احتجاجا على ما وصفوها حينها بـ "الإخفاق في معركة الإصلاح الداخلي للحزب". وكان من أبرز المستقيلين إلى جانب المكي سمير ديلو ومحمد بن سالم وتوفيق السعيدي.

وقال المكي في تدوينته الأحد إن من دوافع تأسيس حزب جديد "إيماننا بدورنا الوطني في بناء تونس الحديثة على أساس الانتماء الوطني الأصيل والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ابتداء من المساهمة بإخراج البلاد من الأزمة السياسية والإنقاذ الاقتصادي"، لكن البيان لم يكشف تفاصيل حول المشاركين في عملية تأسيس الحزب الجديد الذي لم يعرف إسمه بعد.

وكان 113 عضوا بحركة النهضة بينهم قيادات مركزية وجهوية وأعضاء بمجلس الشورى وأعضاء بالبرلمان السابق أعلنوا استقالتهم في بيان مشترك عدد أسباب انسحابهم من الحركة الإسلامية.

وقال نورالدين مباركي حينها إن المستقيلين أرجعوا قرارهم إلى "الخيارات السياسية الخاطئة لقيادة حركة النهضة"، ما أدى إلى "عزلتها وعدم نجاحها في الانخراط الفاعل في أي جبهة مشتركة لمقاومة الخطر الاستبدادي الداهم"، في إشارة إلى التدابير الاستثنائية الجديدة التي أعلنها الرئيس قيس سعيّد.

وجاءت الاستقالة الجماعية حينها بسبب خلافات حول تركيبة المكتب التنفيذي الجديد الذي عرض على اجتماع مجلس شورى لتزكيته في تلك الفترة، حيث اعتبر المستقيلون أن التركيبة الجديدة للمكتب التنفيذي لا تتماشى والمرحلة السياسية الجديدة بعد التدابير الاستثنائية التي أعلنها الرئيس التونسي والتي تفترض وجوها جديدة في المواقع القيادية وتراجع القيادات "التي تعتبر جزء من الأزمة".

ورفضت قيادة حركة النهضة تلك الاتهامات، مؤكدة أن القرارات التي تتخذ داخلها "ديمقراطية" معربة عن أسفها لاستقالة الأعضاء، بينما يتناقض دفاعها عن "ديمقراطية داخلية" مع حقيقة هيمنة قيادات الصف الأول من الحرس القديم على مواقع وسلطة القرار فيها، حيث منذ تأسيس الحركة (حين كان اسمها الاتجاه الإسلامي) لم تتغير القيادة.