الطاقة على رأس جدول زيارة أمير قطر لمدريد ودول أوروبية
مدريد - بدأ أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الثلاثاء زيارة دولة لإسبانيا تستغرق يومين وتهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية مع مدريد خصوصا في مجال الطاقة، على خلفية الحرب في أوكرانيا.
وتأتي زيارة الشيخ تميم لمدريد فيما يدرس الاتحاد الأوروبي حظرا تدريجيا على واردات الطاقة من روسيا، لكن هذا الأمر يبدو صعبا من الناحية العملية مع ارتباط احتياجات معظم الدول الأوروبية من الغاز من موسكو.
وسبق للدوحة أن أعلنت أنه لن يكون بمقدورها تعويض النقص الذي سينجم عن حظر الغاز الروسي خاصة مع ارتباطها بعقود طويلة الآجال مع الصين أحد أكبر مستهلكي الطاقة في العالم.
لكن يبقى الرهان الأوروبي على إمدادات الغاز القطري قائما بينما قال مسؤولون في وزارة الخزانة الأميركية اليوم الثلاثاء إنهم يعتزمون طرح فكرة قيام الدول الأوروبية بفرض رسوم جمركية على الطاقة من روسيا خلال اجتماع لوزراء مالية الدول الأعضاء في مجموعة السبع هذا الأسبوع باعتباره بديلا سريعا للحظر الكامل.
ويبحث المسؤولون في الاتحاد الأوروبي الآن حظر النفط الروسي على مراحل ردا على حرب روسيا في أوكرانيا، لكن مخاوف دول أوروبا الشرقية بشأن الإمدادات تمثل عقبة كبيرة أمام تلك الخطط.
وقال مسؤولو وزارة الخزانة الأميركية للصحفيين في بروكسل قبيل اجتماع لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في مجموعة السبع في وقت لاحق من الأسبوع الجاري إن آلية الجمارك ستستهدف بقاء النفط الروسي في السوق، لكنها تحد من العائد الذي سيتدفق إلى موسكو من صادراتها النفطية.
إسبانيا تريد زيادة وارداتها من الغاز الطبيعي المسال من قطر من أجل أن تضمن استمرارية إمدادات الغاز فيما تبحث دول الاتحاد الأوروبي التخلص من التبعية للغاز الروسي
وتتحرك قطر على أكثر من جبهة مقدمة نفسها وسيطا في أزمات دولية وإقليمية، فزيارة الشيخ تميم لاسبانيا تأتي بعيد أخرى مماثلة قام بها لطهران بالتزامن مع وجود المنسق الأوروبي في العاصمة الإيرانية لدفع مفاوضات فيينا التي توقفت في مارس/اذار الماضي.
واستقبل الملك فيليبي السادس الاثنين الزعيم القطري في أول زيارة دولة له إلى إسبانيا منذ توليه قيادة قطر خلفا لوالده الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عام 2013، باستعراض حرس الشرف الملكي. ويفترض أن يعقد الزعيمان بعد ذلك لقاء لمناقشة عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
ومن المقرر أن يستقبل رئيس الوزراء بيدرو سانشيز أمير قطر الأربعاء في قصر مونكلوا، مقر الحكومة الإسبانية.
وبحسب مصدر حكومي إسباني من المقرر توقيع عشرات العقود الاقتصادية والتجارية خلال هذه الزيارة التي يحضرها وفد قطري كبير يضم وزيرَي الخارجية وشؤون الطاقة.
وبحسب المصدر نفسه، ستتمحور هذه الاتفاقات خصوصا حول الطاقة لا سيما الغاز في وقت تسعى فيه مدريد، مثل بقية دول الاتحاد الأوروبي منذ الحرب في أوكرانيا، إلى تنويع إمداداتها من الغاز الطبيعي المسال بهدف خفض الاعتماد على روسيا.
وقطر التي تملك ثالث أكبر احتياطات غاز في العالم، هي حاليا خامس أكبر مورد لإسبانيا للغاز الطبيعي بعد الولايات المتحدة والجزائر ونيجيريا ومصر. وشّكل الغاز المستورد من الإمارة 4.4 بالمئة من إجمالي الواردات الإسبانية في أبريل/نيسان، وفقا لمشغل شبكة الغاز الإسبانية. وبحسب مدريد، يمكن أن تزيد هذه النسبة نظرا إلى القدرات الإنتاجية لقطر.
وقال سفير قطر لدى إسبانيا عبدالله بن إبراهيم الحمر في مقابلة مع الصحيفة الإسبانية اليومية '20 دقيقة' "نحن نعمل عن كثب مع نظرائنا الأوروبيين بشأن إمدادات الغاز الطبيعي المسال طويلة الأجل" للاتحاد الأوروبي و"تطوير البنى التحتية للاستيراد المرتبطة بها".
وقالت مصادر بالحكومة الإسبانية اليوم الثلاثاء إن جهاز قطر للاستثمار (صندوق الثروة السيادي القطري) الذي تبلغ أصوله 300 مليار دولار يعتزم الاستثمار في المشروعات الإسبانية التي تمولها صناديق الاتحاد الأوروبي للتعافي من جائحة كوفيد-19 بموجب اتفاق من المقرر أن يُوقع خلال زيارة أمير قطر لمدريد.
ويمثل الاتفاق الثنائي أول اتفاق رئيسي بين دولة أوروبية ودولة غير عضو في الاتحاد الأوروبي يستهدف زيادة فاعلية برنامج "الجيل المقبل" التابع للاتحاد الأوروبي والذي ستحصل إسبانيا منه على 70 مليار يورو (73.33 مليار دولار).
وقال أحد المصادر إنه من المتوقع توقيع الاتفاق غدا الأربعاء بين جهاز قطر للاستثمار وجهاز الاستثمار الإسباني (كوفيدس) بمناسبة زيارة أمير قطر للعاصمة الإسبانية، مضيفا أنه من المقرر تطبيق الاستثمارات في مشروعات الاستدامة والرقمنة في غضون ما بين عامين وثلاثة أعوام.
قطر تصدر حاليا 77 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنويا لكنها تهدف إلى الوصول إلى 126 مليون طن بحلول العام 2027
وقال المصدر دون أن يعلن أرقاما "لدى جهاز قطر للاستثمار ميزانية تبلغ عمليا 40 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لإسبانيا... استثماراتهم مركزة للغاية في آسيا ويريدون الاستثمار أكثر في أوروبا".
وأضاف أن إسبانيا تريد زيادة وارداتها من الغاز الطبيعي المسال من قطر من أجل أن تضمن استمرارية إمدادات الغاز. وتملك الدولة المطلة على البحر المتوسط سعة تخزين فائضة في محطات الغاز الطبيعي المسال ولديها أكبر مصانع في أوروبا لإعادة تحويل الغاز المسال إلى الحالة الغازية مرة أخرى وتهدف إلى تحويل نفسها إلى مركز لإمدادات الغاز للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لتقلل اعتماد تلك الدول على روسيا في مجال الطاقة.
وفي عام 2019، قبل أن تقلب جائحة كوفيد-19 معادلة العرض والطلب على مستوى العالم كانت نسبة الغاز الطبيعي المسال من قطر، وهي أكبر دولة مصدرة في الوقت الحاضر، 11 بالمئة من واردات الغاز الإسبانية. وتقول هيئة الغاز الإسبانية (كوريس) إن الصادرات من الجزائر ونيجيريا وروسيا والولايات المتحدة لعبت دورا أكبر منذ ذلك الوقت.
ولأكبر شركة للغاز في إسبانيا وهي نيترجي عقدان الآن مع قطر غاز التابعة لشركة قطر للطاقة. وتبلغ كمية كل عقد 0.75 مليون طن سنويا وأحدهما يسري حتى عام 2024 والآخر حتى عام 2025. وقال مصدر في الشركة إنه ليس لديها أي خطط فورية لتمديد أو توسيع نطاق الاتفاقين.
ورفضت شركة ريبسول وهي الشركة الأخرى الإسبانية الكبيرة التعليق على إمكانية أن تبرم عقدا لشراء الغاز القطري.
وتصدر قطر حاليا 77 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنويا لكنها تهدف إلى الوصول إلى 126 مليون طن بحلول عام 2027.
ورفض مصدر بالحكومة الإسبانية تحديد ما يمكن أن يتجه إلى إسبانيا من الطاقة المضافة، واعترف بأن طموحات إسبانيا لأن تكون مركزا للغاز مقيدة بسبب افتقارها إلى قدرة إعادة التصدير نحو الشمال. وقال "في الوقت الحاضر طاقة التصدير لدينا منخفضة لكن من مصلحتنا أن نضمن إمدادات الغاز".
وأفاد مصدر دبلوماسي بأن الجولة الأوروبية لأمير قطر التي بدأت في إسبانيا، ستتواصل برحلات إلى ألمانيا وبريطانيا وسلوفينيا والمنتدى الاقتصادي العالمي الذي سيعقد في دافوس بسويسرا في الفترة الممتدة من 22 إلى 26 مايو/ايار.