خطوة عراقية لاستعادة السيادة على عائدات النفط من كردستان

وزارة النفط العراقية تطلب من شركات الطاقة العاملة في إقليم كردستان توقيع عقود جديدة مع شركة التسويق المملوكة للدولة بدلا من حكومة الإقليم، في إجراء ينذر بفصل جديدة من نزاع نفطي مزمن وبتوتر في العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة أربيل.
بغداد تبدأ تطبيق قرار قضائي ألغى 'سيادة' أربيل على نفط الإقليم
فرضية اللجوء للتحكيم الدولي قائمة في خضم نزاع نفطي مزمن

لندن - دخل النزاع بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان العراق شبه المستقل مرحلة جديدة من معركة كسر العظام على خلفية استيلاء قوة كردية في الفترة الماضية على حقول نفطية في كركوك، بينما يبقى ملف الصراع على الثروة النفطية بين الطرفين متقدا للكثير من الأسباب بينها خلاف على المخصصات المالية للإقليم من الموازنة الاتحادية وقرار المحكمة الاتحادية العليا (أعلى هيئة قضائية في العراق) في فبراير/شباط الماضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز لحكومة الإقليم الصادر عام 2007 وإلغائه لمخالفته أحكام مواد دستورية، فضلا عن إلزام أربيل بتسليم الإنتاج النفطي إلى الحكومة الاتحادية.

وفي أحدث فصل من فصول النزاع طلبت وزارة النفط العراقية من شركات النفط والغاز العاملة في إقليم كردستان توقيع عقود جديدة مع شركة التسويق المملوكة للدولة (سومو) بدلا من حكومة الإقليم.

وقال وزير النفط إحسان عبدالجبار في السابع من مايو/أيار إن وزارة النفط ستبدأ تنفيذ حكم المحكمة الاتحادية الصادر في فبراير/شباط والذي اعتبر الأسس القانونية لقطاع النفط والغاز في إقليم كردستان غير دستورية بعد فشل محادثات مع حكومة الإقليم.

وعينت وزارة النفط العراقية شركة المحاماة الدولية كليري جوتليب ستين اند هاملتون للتواصل مع شركات النفط والغاز العاملة في إقليم كردستان لبدء مناقشات بحيث تتوافق عملياتها مع القانون العراقي المعمول به وذلك وفقا لنسخة من خطاب أرسل في الثامن من مايو/أيار الحالي.

وأضاف الخطاب أن تنفيذ حكم المحكمة سيتطلب إدخال تغييرات على أنظمة العقود للشركات. وقال مصدر إن شركات أخرى تلقت خطابا موجها إليها مباشرة من وزير النفط.

ورفضت حكومة إقليم كردستان مرارا حكم المحكمة الاتحادية، بينما يشكل الخطاب أول تواصل مباشر بين الوزارة وشركات النفط العاملة في إقليم كردستان.

وتأتي الخطوة بعد محاولات مستمرة منذ سنوات من الحكومة الاتحادية لاستعادة إدارة  عائدات النفط في إقليم كردستان بما يشمل صدور أحكام من محاكم محلية وتهديدات باللجوء للتحكيم الدولي.

ولم تتضح بالكامل بعد نتائج الخطوة الأحدث، إذ أن الحكومة العراقية الجديدة لا زالت قيد التشكيل على الرغم من مرور سبعة أشهر على إجراء الانتخابات.

وقال مستشار قانوني لوزارة النفط العراقية إن لجنة حكومية مشتركة، تضم ممثلين عن وزارة النفط بينهم الوزير وشركة النفط الوطنية العراقية وديوان الرقابة المالية الاتحادي، ستجري مراجعة للعقود.

وأضاف المستشار أن الهدف من ذلك هو توقيع عقود في النهاية مع الحكومة المركزية وليس مع حكومة إقليم كردستان.

والتزمت شركات نفط أجنبية عاملة في إقليم كردستان العراق من بينها جينيل إنرجي وشيفرون وجلف كيستون وكذلك كليري جوتليب التعليق. ولم تعلق بعد وزارة النفط العراقية وشركة 'دي.إن.أو' للنفط والغاز على هذه المعلومات.

وقال مسؤول في وزارة النفط إن الوزارة لم تتلق بعد ردودا من الشركات المعنية وإن لم يصلها رد فستتخذ المزيد من الإجراءات القانونية، ولم يذكر مزيدا من التفاصيل.

وذكر أحد ممثلي شركات النفط أن شركات النفط الأجنبية لن تتواصل على الأرجح مع بغداد بشكل مباشر دون التنسيق مع حكومة كردستان العراق.

وتنذر هذه التطورات بالمزيد من التوترات بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم الذي واجه في السنوات الأخيرة أزمة مالية حادة تجلت في تعثر صرف رواتب موظفي القطاع العام وكذلك المنتسبين لقوات البيشمرغة وغيرهم.

وشهدت عدة مدن في الإقليم احتجاجات اجتماعية ومواجهات مع قوات مكافحة الشغب في أكثر من مناسبة.

وتجدد الخلاف النفطي بين الطرفين في ذروة الأسعار وفي الوقت الذي يسعى فيه العراق لزيادة إنتاجه وتطوير البنى التحتية النفطية.

ومن شأن النزاع أن يؤثر على تلك الجهود فيما يواجه العراق أزمة اقتصادية ناجمة في جزء كبير منها عن استنزاف موازنة الدولة في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في السنوات الأخيرة إضافة إلى انهيار أسعار النفط في الفترة ذاتها قبل أن تتعافى وتسجل قفزة كبيرة على خلفية حرب روسيا في أوكرانيا.