دعم أوروبي لعضوية أوكرانيا في الاتحاد يؤجج التوتر مع روسيا

الأوروبيون يسعون لتوسيع الاتحاد الأوروبي ليشمل دولا محيطة بروسيا ما يدفع الأوضاع للمزيد من التصعيد بينما بدأت موسكو في الانتقام بتقليص كبير في إمداداتها لأوروبا من الغاز.

بروكسل - أوصت المفوضية الأوروبية الجمعة بمنح أوكرانيا وضع مرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، في قرار وصفته موسكو بأنه "تلاعب"، فيما عمدت روسيا إلى قطع قسم كبير من الغاز عن أوروبا هذا الأسبوع.

وهذا التسريع مع اقتراب القمة الأوروبية المرتقبة في 23 و24 يونيو/حزيران والتي يفترض أن تقرر بالإجماع وأن تتجاوز تردد بعض الدول الأعضاء، يأتي في وقت يواجه فيه الجيش الأوكراني صعوبة أمام قوة النار الروسية في منطقة دونباس.

وحذرت الأمم المتحدة من وضع إنساني "مقلق جدا" بالنسبة للسكان المحاصرين والذين يتعرضون للقصف في هذه المنطقة خصوصا في مدينة سيفيرودونيتسك.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين خلال مؤتمر صحافي إن "المفوضية توصي المجلس أولا بإعطاء أوكرانيا أفقا أوروبيا وثانيا بمنحها وضع المرشح. وهذا بالطبع شرط أن تنفذ الدولة عددا من الإصلاحات المهمة".

وأضافت "نعلم جميعا أن الأوكرانيين مستعدون للموت من أجل الدفاع عن تطلعاتهم الأوروبية. نريدهم أن يعيشوا معنا من أجل الحلم الأوروبي" وذلك غداة زيارة قادة ألمانيا وايطاليا وفرنسا، أكبر ثلاث قوى أوروبية، عمدوا إلى إيصال الرسالة نفسها. وحظيت مولدافيا الجمهورية الصغيرة المجاورة لأوكرانيا بالدعم نفسه، أما جورجيا، الدولة القوقازية التي اجتاحها الروس أيضا في 2008، فسيكون عليها الانتظار.

وأشاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بـ"القرار التاريخي". وكتب على تويتر "ممتن لأورسولا فون دير لايين ولكل عضو في المفوضية الأوروبية للقرار التاريخي".

وستتم مناقشة رأي المفوضية في القمة الأوروبية في 23 و24 يونيو/حزيران وينبغي على قادة دول الاتحاد الأوروبي الـ27 المصادقة عليه بالإجماع لتحصل أوكرانيا رسميا على وضع المرشح قبل فتح مفاوضات طويلة بهدف الانضمام.

وحذرت فون دير لايين أيضا أوكرانيا من أن عليها قبل الانضمام أن تحرز تقدما أكبر في مكافحة الفساد بشكل خاص. وفي تقريرها لعام 2021، صنفت منظمة الشفافية الدولية هذه الدولة في المرتبة 122 من أصل 180.

والوضع أفضل مما كان عليه في 2014 (المرتبة 142) وأفضل مما هو عليه في روسيا (المرتبة 136)، لكنها لا تزال متأخرة عن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والأكثر تأخرا بينهما بلغاريا وهي في المرتبة 78.

ورأت رئيسة مولدافيا مايدا ساندو التي تواجه بلادها أيضا تهديدا بسبب الطموحات الروسية، في إعلان بروكسل "أملا يحتاج إليه مواطنونا".

من جهتها، اتهمت روسيا التي بررت هجومها على كييف بمخاوفها من تقدم حلف الأطلسي قرب أراضيها ولم تعد تخفي أيضا أنها تقاتل من أجل وقف تقدم الاتحاد الأوروبي في مناطق نفوذها السابقة، الأوروبيين بـ"التلاعب" بكييف.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا حسب ما نقلت عنها وكالات أنباء روسية "نرى كيف يتلاعب المجتمع الغربي منذ سنوات عديدة بفكرة أن تشارك أوكرانيا في هياكل الاندماج الخاصة به ومذاك الحين، أوكرانيا أصبحت أسوأ"، مضيفة أن كييف "لن يكون لها مستقبل مشرق".

ويأتي ذلك غداة الدعم الذي قدمته ألمانيا وفرنسا وإيطاليا. وقال المستشار الألماني أولاف شولتس خلال زيارة لأوكرانيا الخميس برفقة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي أن "أوكرانيا جزء من العائلة الأوروبية".

وأيد القادة الثلاثة إضافة إلى الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس الخميس منح أوكرانيا "فورا" وضع المرشح رسميا لعضوية الاتحاد الأوروبي. وصرح ماكرون "نحن الأربعة ندعم منحها فورا وضع المرشح للعضوية"، مضيفا أن "هذا الوضع سيكون مصحوبا بخريطة طريق".

والجمعة وصل رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أيضا إلى كييف بعد زيارة أولى قام بها قبل نحو شهرين.

والنظر السريع في ترشيح كييف التي قدمت طلبها في فبراير/شباط تم بسرعة غير مسبوقة بسبب الحرب. وإلى جانب الفوائد السياسية والاقتصادية، فإن قبول الترشيح سيكون له بعد رمزي لكييف هو الانتماء إلى "العائلة الأوروبية" التي تحمي أعضاءها.

وقبول ترشيح أوكرانيا سيمهد أيضا لمسألة انتمائها إلى أوروبا الدفاعية فيما تعهد قادة فرنسا وألمانيا بمواصلة دعمهما العسكري لكييف.

من جهتها دعت النمسا شركاءها في الاتحاد الأوروبي إلى توجيه "مؤشرات واضحة لدول البلقان الغربي خلال القمة، وخصوصا لمقدونيا الشمالية وألبانيا والبوسنة والهرسك" تؤكد على "القدرة الكبرى لزعزعة الاستقرار التي تملكها روسيا ليس فقط في أوروبا الشرقية وإنما أيضا في جنوب شرق" البلاد، وذلك بحسب تصريح وزير خارجيتها ألكسندر شالنبرغ.

وخلال هذا الأسبوع الحاسم في مكافحتها النفوذ الغربي، أرفقت موسكو أقوالها بأفعال وقطعت تدريجيا لكن بشكل كبير الغاز عن أوروبا الغربية التي تعتمد عليه كثيرا، بدافع مشاكل تقنية لم تقنع المسؤولين الأوروبيين.

وأعلنت الشركة المشرفة على شبكة نقل الغاز الفرنسية "جي ار تي غاز" الجمعة، عدم تلقي الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب منذ 15 يونيو/حزيران مع "انقطاع التدفق المادي بين فرنسا وألمانيا".

وقد خفض عملاق الغاز الروسي غازبروم بشكل كبير في الأيام الماضية إمداداته إلى الدول الأوروبية لا سيما نحو ألمانيا عبر أنبوب الغاز نوردستريم 1 الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى انقطاع الإمداد إلى فرنسا.

في إيطاليا، ستسلم غازبروم فقط 50 بالمئة من الغاز الذي طلبته شركة ايني الجمعة كما أعلنت المجموعة الايطالية غداة اتهامات بـ"الكذب" أطلقها رئيس الوزراء ماريو دراغي ضد المجموعة الروسية.

وقال روبرت هابيك وزير الاقتصاد والمناخ الألماني "بدون أية أوهام، نحن في صراع قوة مع بوتين"، مضيفا "هكذا يتصرف القادة السلطويون".

من جانبه اتهم الرئيس الأميركي جو بايدن الذي تعد بلاده مزودا محتملا للغاز المسال، روسيا الجمعة بأنها تؤجج عبر حربها ضد أوكرانيا "أزمة طاقة عالمية".

وقال خلال مؤتمر حول المناخ "غذّى الهجوم الوحشي وغير المبرر لروسيا على جارتها أوكرانيا أزمة طاقة عالمية وأوضح الحاجة إلى تحقيق أمن طاقة موثوق وطويل الأمد".

ورد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة مؤكدا أن الهجوم الذي تشنّه بلاده في أوكرانيا ليس له أي علاقة بالصعوبات الاقتصادية العالمية، ولا سيما تضخم أسعار الطاقة، محملا مسؤوليتها للغرب و"سياسته الاقتصادية الخاطئة".