مقتل 7 سودانيين في أعلى حصيلة يومية منذ بدء الاحتجاجات

لجنة الأطباء السودانية المؤيدة للاحتجاجات ضد الحكم العسكري تتهم قوات الأمن السودانية بإطلاق النار مباشرة على المتظاهرين في أم درمان على مستوى الصدر أو الرأس أو الظهر.  
استمرار موجة العنف يهدد بحرمان السودان من مساعدات دولية

الخرطوم - قُتل سبعة متظاهرين الخميس في مدينة أم درمان بضاحية الخرطوم، وفق ما أعلنت لجنة أطباء السودان المركزية، أثناء احتجاجات شارك فيها عشرات آلاف السودانيين مطالبين بإسقاط نظام عبدالفتاح البرهان العسكري، قائد انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021 الذي أغرق البلاد في العنف وفي أزمة اقتصادية خطيرة.

وتعتبر حصيلة القتلى الأسوأ خلال الاحتجاجات الأخيرة في عدة مدن سودانية بينها أم درمان والخرطوم وتشير في الوقت ذاته إلى دوامة عنف مستمرة بين طرفي الأزمة.

ويتظاهر السودانيون كلّ أسبوع تقريبا ضد العسكريين لكن يوم الخميس شهد سقوط أكبر عدد من الضحايا في صفوف المتظاهرين منذ أشهر.

وأعلنت لجنة الأطباء المؤيدة للديمقراطية مقتل سبعة متظاهرين على أيدي قوات الأمن، أُصيب خمسة بينهم على الأقل "برصاص مباشر في الصدر" أو "في الرأس" أو "في الظهر"، وأحدهم قاصر.

وأضافت اللجنة "يرتفع عدد الشهداء الكلي إلى 110"، منذ بدء الاحتجاجات التي تخرج بانتظام ضد الانقلاب الذي نفّذه البرهان في 25 أكتوبر/تشرين الأول.

وندّدت اللجنة بإطلاق قوات الأمن قنابل "الغاز المسيل للدموع في أحد المستشفيات في العاصمة الخرطوم ومنع عربة الإسعاف من دخول المستشفى".

وعشية الاحتجاجات، قتلت قوات الأمن السودانية متظاهرا خلال مسيرات نظمت مساء الأربعاء في شمال الخرطوم، إثر إصابته "برصاصة في الصدر"، وفق ما أفادت اللجنة.

وكان ناشطون مؤيدون للديمقراطية قد وجهوا دعوة على مواقع التواصل الاجتماعي إلى احتجاجات تحت وسم "مليونية زلزال 30 يونيو".

وهتف المتظاهرون الخميس "الشعب يريد إسقاط البرهان" و"لو مُتنا كلنّا، ما يحكمنا العسكر"، وفق ما أفاد صحافيون.

واعتبرت قوى الحرية والتغيير، التحالف المدني الذي انقلب عليه البرهان، في بيان نشره على حسابه على موقع فيسبوك مساء الخميس أنه "كما هو متوقع، قابلت السلطة الانقلابية مواكب شعبنا السلمية في كل أرجاء السودان بالرصاص وأقصى أشكال العنف".

وأضاف أن "مليونيات 30 يونيو أثبتت أن الثورة حية لا تموت"، فبعد ثمانية أشهر من الانقلاب الذي أغرق إحدى الدول الأشدّ فقرا في العالم، في أزمة اقتصادية وسياسية، لا يزال المتظاهرون يطالبون بإعادة السلطة إلى المدنيين.

ويوم 30 يونيو/حزيران له رمزيته في هذا البلد الواقع في شرق إفريقيا، إذ تُصادف ذكرى انقلاب الرئيس السوداني السابق عمر البشير على الحكومة المنتخبة ديمقراطيا بمساندة الإسلاميين عام 1989، وكذلك ذكرى التجمّعات الحاشدة عام 2019 التي دفعت الجنرالات إلى إشراك المدنيين في الحكم بعدما كانوا قد أطاحوا البشير.

وكما في كل مرّة يُدعى فيها للتظاهر، كانت خدمة الانترنت والاتصالات مقطوعة خلال النهار قبل عودتها مساء فيما كانت الحشود تتفرّق وقوات الأمن تطوّق الشوارع الكبيرة.

ودعا فولكر بريتيس الممثل الخاص للامين العام للأمم المتحدة بالسودان السلطات الثلاثاء إلى تجنب العنف في مواجهة الاحتجاجات. وقال في تغريدة على حسابه الرسمي على تويتر "لن يتم التسامح مع العنف ضد المتظاهرين".

لكن الدول الأجنبية تواجه صعوبات للضغط على الجنرالات الحاكمين في السودان بشكل شبه مستمرّ منذ استقلال البلاد عام 1956، ففي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أنهى انقلاب البرهان الفترة الانتقالية الهشة التي تلت إطاحة نظام البشير في 2019، ما دفع الأسرة الدولية إلى وقف مساعداتها التي تمثل 40 بالمئة من ميزانية السودان.

ولم تشكل هذه العقوبات المالية عقبة بالنسبة للبرهان إنما أثرّت سلبا على اقتصاد البلاد، فقد انهارت قيمة الجنيه السوداني ويتجاوز التضخم كل شهر نسبة 200 بالمئة.

وحذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة هذا الشهر من أن ثلث سكان السودان "يعانون من انعدام حاد في الأمن الغذائي".

وتقدر الأمم المتحدة أن 18 مليونا من إجمالي 45 مليون سوداني، سيعانون بنهاية السنة من انعدام الأمن الغذائي، أكثرهم معاناة 3.3 ملايين نازح يقيم معظمهم في دارفور. ومطلع الشهر الحالي، أعلنت منظمة "سايف ذا تشيلدرن" وفاة طفلين نتيجة الجوع في ولاية شمال دارفور غرب البلاد.

وتتواصل دوامة العنف في البلاد، ففي دارفور يُقتل مئات الأشخاص في مواجهات على خلفية نزاعات بشأن الأراضي والمياه كما تنتهي التظاهرات المناهضة للحكم العسكري كل أسبوع تقريبا بإعلان سقوط قتلى وجرحى. إضافة إلى ذلك، اعتُقل مئات الناشطين ولا يزال العشرات منهم خلف القضبان.

وتأتي احتجاجات الخميس وسط جهود مكثفة لكسر جمود الوضع السياسي منذ الانقلاب.

وخلال الأسابيع الأخيرة، مارست كل من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومجموعة دول شرق ووسط إفريقيا للتنمية (إيغاد)، ضغوطا لإجراء حوار مباشر بين العسكريين وتحالف قوى الحرية والتغيير الذي رفض ذلك. ووصفت قوى الحرية والتغيير الحوار بأنه "حل سياسي مزيف يضفي شرعية على الانقلاب".

كما لم يلب دعوة الحوار حزب الأمة أكبر الأحزاب السودانية إضافة إلى لجان المقاومة في الأحياء السكنية وهي مجموعات غير رسمية ظهرت خلال الاحتجاجات التي أطاحت البشير بين 2018 و2019 ثم قادت التظاهرات ضد انقلاب البرهان.

وقال محمد بلعيش سفير الاتحاد الإفريقي لدى الخرطوم الأسبوع الماضي إن "الحوار عملية غير شفافة وغامضة".