بعد رحيل ويليامز فصل جديد للصراع الروسي الغربي حول ليبيا
مع رحيل المبعوثة الأممية إلى ليبيا ستيفاني ويليامز دون تعيين بديل عنها واستياء الولايات المتحدة وبريطانيا من مسألة تمديد فترة ولاية البعثة الأممية في ليبيا ثلاثة أشهر فقط، كما أرادت روسيا، تتوضح معالم احتدام الصراع الغربي الروسي حول ليبيا، والذي عمّقته الحرب في أوكرانيا.
وأعلنت الأمم المتحدة في المؤتمر الصحفي اليومي من المقر الدائم بنيويورك الجمعة، أن "المستشارة الخاصة للأمين العام المعنية بالشأن الليبي، ستيفاني وليامز، تغادر منصبها في نهاية يوليو/ تموز.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن ويليامز "قامت بعمل مذهل، وفي الحقيقة، نحن في الأمم المتحدة كنا نأمل في إمكانية تمديد مدة عملها أكثر من نهاية شهر تموز/يوليو. ولكن كما تبيّن فإن لديها التزامات أخرى".
وقال نائب المتحدث الرسمي فرحان حق "نحاول في أسرع وقت ممكن تسمية شخص مؤقت للقيام بنوع المهمات التي تقوم بها ستيفاني وليامز، ولكن ليس لدينا أحد لتسميته الآن".
وأكد أن بعثة الأمم المتحدة في ليبيا موجودة، والشخص الذي يتولى المسؤولية هو ريزدون زنينغا وسيظل هو المسؤول إلى حين تسمية شخص آخر.
ويعتبر محللون أن فصلا آخر من فصول الصراع حول الملف الليبي سينكشف عند طرح أسماء من سيخلف الأميركية ويليامز.
وفضلا عن الصراع التقليدي بين روسيا وخصومها الغربيين يدخل الاتحاد الإفريقي حلبة الصراع هذه المرة، متمسكا برغبته في أن ينتمي المبعوث الأممي إلى ليبيا إلى القارة السمراء.
وتتداول أوساط دبلوماسية أممية أسماء ثلاثة مرشحين لمنصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وهم السفير الألماني الأسبق في ليبيا كرستيان بوك، ووزيرة الخارجية الغانية السابقة حنا تيتيه، ووزيرة الدفاع الهولندية السابقة والرئيسة الحالية لبعثة الأمم المتحدة لدى العراق جينين هينيس بلاسخارت.
في يونيو الماضي عرقلت الإمارات تعيين وزير الخارجية الجزائري السابق صبري بوقادوم مبعوثا أمميا إلى ليبيا
وليست هذه المرة الأولى التي يُطرح فيها اسم وزيرة خارجية غانا السابقة التي كانت ستخلف المبعوث الخاص إلى ليبيا، اللبناني غسان سلامة في حزيران/ يزنيز 2020.
غير أن مسألة تعيينها اصطدمت بعرقلة الولايات المتحدة التي استاءت من اشتراط الوزيرة الغانية إدراج إصلاحات ببعثة الأمم المتحدة.
وأبدت روسيا وألمانيا وفرنسا انزعاجها هي الأخرى من "شروط" تيتيه.
وعرقلت الإمارات العربية المتحدة في نهاية يونيو المنقضي تعيين وزير الخارجية الجزائري السابق صبري بوقادوم مبعوثا أمميا إلى ليبيا بناء على مقترح تقدم به الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن الدولي.
وأكدت مصادر دبلوماسية آنذاك وجود "قلق إقليمي" من تعيين بوقادوم لاسيما وأن للجزائر حدودا مشتركة مع ليبيا.
وتزامن إعلان الأمم المتحدة عن مغادرة وليامز منصبها مع تمديد ولاية البعثة الدولية إلى ليبيا ثلاثة أشهر إضافية.
وتم التمديد لثلاثة أشهر فقط كما اقترحت روسيا، بدلا عن عام كامل كما كانت تريد بعض الدول الغربية، مما أثار استياء مندوبي تلك الدول في الأمم المتحدة، خاصة الولايات المتحدة وبريطانيا.
وتعبيرا عن خيبة أمل الولايات المتحدة، قالت المندوبة الأميركية ليندا توماس غرينفيلد في كلمتها في جلسة مجلس الأمن، عقب التصويت على القرار، إن "ادعاء روسيا الخادع بأن التفويض الذي مدته ثلاثة أشهر سيساعد الأمانة في تأمين دعم المجلس الكامل لمرشح الممثل الخاص للأمين العام، قد ثبت خطؤه بالفعل".
وأشارت إلى أن "إعادة النظر في الولاية كل بضعة أشهر يؤدي إلى صعوبة تنفيذ البعثة الخطط طويلة الأجل، ويجعل من الصعب تطوير حلول مستدامة لتحديات ليبيا، ويجعل من الصعب تعيين أفضل مرشح لهذا الدور".
المجموعة الأفريقية في مجلس الأمن تنضم للغرب ضد روسيا بشأن عمل البعثة الأممية لليبيا
واعتبرت مندوبة بريطانيا الدائمة لدى الأمم المتحدة باربرا وودورد أن "الإصرار على تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لمدة ثلاثة أشهر في ظل غياب ممثل خاص للأمين العام يعد تقويضا لقدرة البعثة الأممية على دعم القادة الليبيين لتحقيق الأهداف السياسية والأمنية اللازمة للاستقرار في البلاد".
وشاطرت المندوبتان الأميركية والبريطانية المجموعة الأفريقية في مجلس الأمن (الغابون وكينيا وغانا) "مشاعر الإحباط إزاء فترة الثلاثة أشهر".
وامتنعت الغابون وكينيا وغانا عن التصويت على قرار التمديد "احتجاجا على الولاية القصيرة" التي تعتبرها "غير كافية لوضع استراتيجية مناسبة تدعم الأطراف الليبية لتحديد موعد جديد للانتخابات".
ونجحت روسيا في عرقلة مشروع دعمته بريطانيا وأميركا لتمديد فترة البعثة الدولية إلى ليبيا عاما كاملا.
وقال نائب مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي منتقدا عمل البعثة في السنوات الماضية، إن "جهود الوساطة الحالية للأمم المتحدة عجزت عن حل المشكلات الملحة بليبيا".
واعتبر بوليانسكي أن "المسؤولين في واشنطن مصرون على تعيين مبعوث أممي خاص، لأنهم قلقون على الجهود الأممية في تعزيز التسوية بليبيا.
ويعتقد دبلوماسيون أن إدارة الأمم المتحدة للملف الليبي لم يُمكّن المنظمة من النأي به عن الصراع الروسي الغربي، مبدين مخاوفهم من أن يعرقل هذا الصراع الجهود الرامية إلى تنظيم انتخابات شاملة بليبيا كحل لأزمتها المزمنة، خاصة في ظل احتدام المنافسة بين الشقين جراء الحرب الروسية الأوكرانية.