في قاموس القضاء الايراني أول الطب البتر وآخره الإعدام
تفيد تقارير حقوقية أن إيران تنفذ حملة أمنية تتخللها إعدامات واعتقالات واسعة لمعارضين للنظام ومحاكمات لمواطنين أجانب اعتبرتها عائلاتهم صورية.
ويواجه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، أزمة اقتصادية رافقتها تظاهرات احتجاجية شعبية.
وتعود المشاكل الاقتصادية في معظمها إلى العقوبات التي فرضت على إيران لدفعها للحد من برنامجها النووي بعد تعثر اتفاق 2015 مع الغرب جراء انسحاب الولايات المتحدة منه في 2018.
ويفيد ناشطون أن أيا من شرائح المجتمع لم يسلم من قبضة السلطات، إذ طالت الحملة الأمنية مخرجين سينمائيين وناشطين في نقابات العمال وآخرين يعارضون إرغام النساء على وضع الحجاب فضلا عن أتباع الأقليات الدينية.
ويربط خبير الشؤون الإيرانية في معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية والجامعة الأميركية في بيروت علي فتح الله نجاد بين الحملة الأمنية الحالية وتصاعد الاحتجاجات في إيران.
ولفت إلى أن الاحتجاجات التي خرجت في مختلف أنحاء البلاد في كانون الأول/ ديسمبر 2017 وتشرين الثاني/ نوفمبر 2019 كانت في أساسها مدفوعة بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، إلا أنها "سرعان ما تحولّت إلى سياسية واستهدفت المؤسسة الحاكمة) برمتها".
إيران قامت بتنفيذ 318 عملية إعدام شنقا هذا العام.
وأكد لوكالة فرانس برس أن "التظاهرات الشعبية ما زالت تشكل تهديدا لاستقرار النظام".
وأفادت منظمة حقوق الإنسان غير الحكومية في إيران التي تتخذ من النرويج مقرا لها، أن طهران أعدمت في النصف الأول من العام 2022 ضعف عدد الأشخاص الذين أعدمتهم في العام السابق، مسجلة تنفيذ 318 عملية إعدام شنقا هذا العام.
وذكرت المنظمة أن عمليات الإعدام شملت 10 نساء، شنقت ثلاث منهن في يوم واحد في 27 يوليو/ تموز بعد إدانتهن بتهمة قتل أزواجهن.
وقالت منظمة العفو الدولية إن إيران تشهد "فورة إعدامات" إذ باتت عمليات الشنق حاليا تمضي بـ"وتيرة مروعة".
وذكرت العفو الدولية أن إيران استأنفت أيضا قطع أصابع السجناء المدانين بالسرقة، موضحة أن شخصين على الأقل تعرضا منذ أيار/مايو الماضي لهذه العقوبة المنفّذة بواسطة مقصلة وضعت خصيصا لهذا الغرض في سجن إيوين في طهران.
ودعا مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في يونيو/ حزيران الماضي إيران إلى مراجعة عقوباتها الجنائية بشكل عاجل "لإلغاء أي شكل من أشكال العقوبة البدنية، بما في ذلك بتر الأطراف والجلد والرجم، بما يتماشى مع التزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان وبما يتماشى مع توصيات آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة."
وأفادت منظمات المجتمع المدني الإيرانية بأن ما لا يقل عن 237 شخصا، معظمهم من شرائح المجتمع الفقيرة، حُكم عليهم ببتر الأطراف في إيران بين 1 كانون الثاني/يناير 2000 و24 أيلول/سبتمبر 2020، وأن الأحكام نُفذت في 129 حالة على الأقل.
ويشير مدير منظمة "حقوق الإنسان في إيران" محمود أميري مقدّم إلى أن "السلطات تستخدم الإعدامات واسعة النطاق لبث الخوف في المجتمع لمنع أي تظاهرات جديدة مناهضة للحكومة".
السلطات الإيرانية استهدفت خلال الشهرين الماضيين البهائيين في إطار حملة اعتقالات واسعة ضد أكبر أقلية غير مسلمة بالبلاد
وفي 23 يوليو، نفذت إيران أول إعدام علني على أراضيها منذ عامين.
وتنشط داخل إيران وخارجها حركة تستخدم وسم #اعدام نكنيد أي "أوقفوا الإعدام" تطالب بوقف استخدام عقوبة الإعدام في الجمهورية الإسلامية التي تتصدر بعد الصين قائمة البلدان الأكثر عددا من حيث تنفيذ الإعدامات.
وينشط المخرج محمد رسول آف صلب الحركة المناهضة للإعدام في إيران.
وفاز فيلمه المؤثر المناهض لعقوبة الإعدام "لا وجود للشيطان" بجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي عام 2020.
واعتُقل المخرج الحاصل على جوائز دولية عدة جعفر بناهي الممنوع من مغادرة إيران، عندما ذهب بعد يومين للسؤال عن مكان تواجد رسول آف وقيل له إن عليه قضاء عقوبة بالسجن مدتها 6 سنوات سبق وصدرت في حقه.
وتخشى مجموعات حقوقية على حياة الناشطة نرجس محمدي التي تعاني مشاكل صحية أخفقت سلطات السجن في علاجها بشكل مناسب.
وشهدت الحملة الأمنية توقيف عدد من أقارب ضحايا قمع السلطات العنيف لتظاهرات تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 الذين طالبوا بالعدالة لأفراد عائلاتهم.
وقالت الباحثة المتخصصة بالشأن الإيراني لدى هيومن رايتس ووتش تارا سبهري فر إن "ما من سبب يدعو للاعتقاد بأن عمليات التوقيف تتعدى كونها خطوات خبيثة لردع الغضب الشعبي حيال إخفاقات الحكومة واسعة النطاق".
واستهدفت السلطات الإيرانية خلال الشهرين الماضيين البهائيين في إطار حملة اعتقالات واسعة، في إطار ما وصفها "مجتمع البهائيين الدوليين" بـ"أزمة متصاعدة في حملة الحكومة الإيرانية الممنهجة" ضد أكبر أقلية غير مسلمة في البلاد.
وأبلغ مركز حقوق الإنسان في إيران ومقره نيويورك عن وجود أكثر من 20 مواطنا أجنبيا أو من مزدوجي الجنسية قيد الإقامة الجبرية أو عالقين في إيران، في إطار سياسة تصفها عائلاتهم بأنها قائمة على احتجاز الرهائن بهدف انتزاع تنازلات من الغرب.
وسمحت إيران في يوليو الماضي للمواطنة الألمانية-الإيرانية ناهد تقوي بمغادرة السجن للخضوع للعلاج، وأطلقت سراح المواطن الأميركي-البريطاني-الإيراني مراد طاهباز مع وضع سوار الكتروني في كاحله للمراقبة.
لكن تقوي وطاهباز ما زالا ممنوعين من مغادرة إيران، بينما يقبع في السجن أيضا مواطن بولندي وآخر بلجيكي إضافة إلى سويدي وفرنسيَين اثنين.
ويواجه المواطن الألماني جمشيد شارمهد الذي خطف بحسب عائلته في الخليج في يوليو 2020 عقوبة الإعدام في محاكمة يتوقع بأن تُجرى في الأسابيع المقبلة.
واتهمت وزارة الخارجية الأميركية في نيسان/ أبريل الفائت، في تقريرها السنوي عن أوضاع حقوق الإنسان في العالم، النظام الإيراني بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان، بما في ذلك الإعدام والقتل التعسفي والإخفاء القسري وخطف المعارضين والاعتقالات الواسعة، والتعذيب.
وأشار التقرير إلى أن النظام الإيراني فرض قيودا صارمة على حرية التعبير والإعلام، بما في ذلك اعتقال ومحاكمة الصحفيين، والرقابة، والقيود الشديدة على الإنترنت، والقيود المفروضة على الحرية الدينية، وحظر التجمعات وقمعها.