معادلة بايدن للدفء في أوروبا والأمن في شرق المتوسط

الرئيس الأميركي يُمهل إسرائيل أسابيع قليلة لترسيم الحدود البحرية مع لبنان وغلق الملف.
توتال الفرنسية ترفض المقترح الأميركي بشأن غاز لبنان
تهدئة توتر مضيق تايوان بحاجة لغاز شرق المتوسط
عراقيل إجرائية تمنع حكومة لبيد من التوقيع على اتفاق ترسيم الحدود مع لبنان
واشنطن

أكد الرئيس الأميركي جو بايدن لرئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد في مكالمة هاتفية الأربعاء، على "أهمية إتمام مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع لبنان خلال الأسابيع المقبلة"، في خطوة لافتة فتحت باب التخمينات حول حرص واشنطن على تسوية الملف بين رغبة بايدن في إقصاء فرضية تطور النزاع البحري بين إسرائيل ولبنان إلى مواجهة عسكرية خصوصا بعد دخول حزب الله على الخط، وبين رغبة بايدن في تزويد حلفائه الأوروبيين في الناتو بالغاز قبل حلول الشتاء لتعويض الغاز الروسي.
ونقل موقع أكسيوس الأميركي عن مسؤول في البيت الأبيض قوله إن "حل النزاع البحري بين إسرائيل ولبنان يمثل أولوية رئيسية لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن".
وهو رأي يؤكده تعيين الإدارة الأميركية مبعوثا خاصا لإدارة الملف رغم أن قضايا عالقة كثيرة بالشرق الأوسط لم يعين لها الأميركيون مبعوثا خاصا.
وأفادت وسائل إعلام أميركية وإسرائيلية أنه من المقرر أن يزور الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل آموس هوكشتاين، بيروت، الأسبوع المقبل، لاستكمال مساعيه الهادفة إلى إيجاد حل بين الطرفين اللبناني والإسرائيلي.
ونقل موقع "والاه" الإسرائيلي مطلع أغسطس/ آب الماضي، عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين قولهم إن "الولايات المتحدة تولي وزنا وأهمية كبيرين للمفاوضات غير المباشرة بشأن الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان، وذلك لتجنب تصعيد أمني، ولإظهار وجود تأثير للولايات المتحدة في المنطقة أمام الدول العربية".

نبيه بري يقول سنكون حاضرين للدفاع عن مائنا كما دافعنا عن أرضنا

وبحسب مسؤولين إسرائيليين، "إذا لم ينجح الأميركيون بالتوصل إلى تسوية قبل بدء المنصة بضخ الغاز، في سبتمبر، فسيتم إجراء تقييم للوضع الأمني، وستتم في إطاره دراسة رفع حالة التأهب في المنطقة الشمالية".
وقال رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الأربعاء، إن "كل متر مكعب من الغاز والنفط والحدود البحرية مع فلسطين المحتلة مغتصبة من قبل إسرائيل".
وأضاف أن "الكرة الآن في ملعب المفاوض الأميركي، وسنكون حاضرين للدفاع عن مائنا كما دافعنا عن أرضنا"، مشيرا إلى أن هوكشتاين لم يعد إلى بيروت منذ شهر، وقال "لا أحد يراهن على انتظارنا، فنحن لن ننتظر إلى ما لا نهاية".
وكان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أكد، في وقت سابق أن "ما تريده الدولة اللبنانية يمكنها أن تحصل عليه الآن، وليس غدا"، مضيفاً أنه "لا يوجد هدف إسرائيلي في البحر أو في البر لا تطاله صواريخ المقاومة الدقيقة".
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية الخميس، أن خطوة القوة التي قام بها حزب الله تجاه إسرائيل تحقق للبنان إنجازات في المفاوضات حول الحدود البحرية".
وأعطت إسرائيل توجيهاتها لشركة التنقيب عن الغاز القبرصية اليونانية إنريجيان بأن تبدأ عملية الضخ  "دون تأجيل" من حقل كاريش الواقع في سبتمبر/ أيلول، غير آبهة بتهديدات حزب الله.
وهدد نصر الله في يوليو/ تموز المنقضي بأن حزب الله "لن يسمح باستخراج الغاز من حقل كاريش ما دامت لم تؤخذ حقوق لبنان بعين الاعتبار".
وأسقطت إسرائيل قبلها بيوم 3 طائرات مسيّرة أرسلها حزب الله في مهمة استطلاعية فوق كاريش.
وأفادت مصادر إعلامية أن هوكشتاين عقد اجتماعا عبر تطبيق زوم مع المسؤولين إسرائيليين، أكد لهم فيها أنه أخفق في الحصول على موافقة كاملة من شركة توتال الفرنسية على بدء العمل في التنقيب في بلوكات لبنانية قبل الاتفاق على الترسيم. 
وأبلغت الشركة الفرنسية الجانب اللبناني أنها لن تبدأ أعمال التنقيب قبل الإعلان عن "اتفاق واضح ومتكامل ووجود ضمانات أمنية من كل الأطراف".
وتملك توتال الفرنسية حقوق التنقيب عن الغاز في المياه الاقتصادية اللبنانية.

هوكشتاين يقترح تأخير إسرائيل استخراج الغاز من حقل كاريش مقابل استكمال شركة توتال التنقيب في الحقول اللبنانية

ويرى محللون أن هذا الرفض "مخيّب" لآمال بايدن الحريص في غلق الملف للبدء في ضخ غاز شرق المتوسط نحو أوروبا المهددة بشتاء قارس بعد أن قطعت روسيا غازها أو تكاد عن معظم دول الاتحاد الأوروبي.
وأوردت صحيفة "ميدل إيست آي" أن إدارة بايدن ترى في غاز شرق المتوسط بديلا ضروريا وسريعا أكثر من غيره للغاز الروسي، وسيزيد من حجم الاصطفاف العالمي ضد القطب الروسي الصيني.
 وتبدو واشنطن عاجزة في الوقت الراهن على ردع المقاتلات الصينية التي تحلق منذ أسابيع فوق مضيق تايوان، ما لم توفر بديلا عن الغاز الروسي.
وبحثا عن حلول عاجلة اقترح هوكشتاين حلا وسطا يمنع الانفجار بين لبنان وإسرائيل من ناحية، ويعجّل بضخ  غاز شرق المتوسط للأوروبيين قبل أن يداهمهم برد الشتاء.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن هوكشتاين اقترح أن تعلن تل أبيب بشكل رسمي تأخير عملية الاستخراج من حقل كاريش ، مقابل تعلن توتال والشركات العالمية الأخرى نيتها استكمال التنقيب في الحقول اللبنانية.
وفي أواخر عام 2020 ، تم تأسيس منتدى "غاز شرق المتوسط" بمشاركة 7 دول على رأسها مصر وإسرائيل، مع استبعاد لتركيا التي احتجت آنذاك على عدم توجيه الدعوة.
وبحث المنتدى استكمال مشروع خط " إيست ميد " لنقل غاز شرق المتوسط الذي يمر عبر الأراضي التركية.
ويرى محللون أن تفعيل استغلال خط إيست ميد سيُمكّن إسرائيل من تصدير غازها المقدر بـ340 مليار متر مكعب للقارة الأوروبية، إلى جانب إمكانية استغلاله لتصدير الغاز اللبناني والمصري.
ووصفت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية المفاوضات بـ"الإيجابية" وأنها "في أسابيعها الأخيرة"، خاصة بعد نقل إسرائيل حقيبة التفاوض من وزارة الطاقة إلى مكتب رئيس الوزراء. 
ويحذر محللون إسرائيليون من الإفراط في التفاؤل إزاء حل دائم حول ترسيم الحدود البحرية مع لبنان على اعتبار أن حكومة لبيد الانتقالية غير مخولة لتوقيع "اتفاق تاريخي يقتطع جزءا من الأراضي السيادية لدولة إسرائي، كما جاء في الرسالة التي وجهت مؤخرا لرئيس الوزراء الإسرائيلي، طالبه فيها المعترضون بتقديم الاتفاقية للموافقة عليها بأغلبية ثلثي الكنيست أو إلى الذهاب لاستفتاء شعبي".