الصدر يرفع سقف المطالب.. حل الميليشيات وعزل قائد الحشد
بغداد - طالب ما بات يعرف بـ'وزير القائد' محمد صالح العراقي المقرب من زعيم التيار الصدري مساء الخميس بإنهاء تواجد ميليشيات خصوم التيار وقوات الحشد الشعبي في المواقع الحساسة واقالة رئيس هيئة الحشد فالح الفياض المقرب من إيران.
وجاءت مطالب الصدريين فيما تشهد البصرة بجنوب العراق والتي تعتبر مركز صناعة النفط في البلاد، توترات شديدة على خلفية اشتباكات مسلحة بين سريا السلام التابعة للصدر وميليشيات حركة عصائب أهل الحق المنضوية في الإطار التنسيقي والحشد الشعبي أسفرت عن مقتل أربع من الطرفين.
ومن المتوقع أن ترفع مطالب الصدر من منسوب التوتر القائم أصلا خاصة مع الحشد الشعبي الذي سبق أن لوح باستعداده للمواجهة وحماية مؤسسات الدولة حين اقتحم أنصار التيار الصدري المباني الحكومية في المنطقة الخضراء والتي فجرت مواجهة قتل فيها 30 من أنصار الصدر قبل أن يدعوهم لمغادرة المنطقة.
وقال العراقي في تغريدة على حسابه بتويتر وهي المنصة التي يخاطب من خلالها أتباع التيار الصدري أو يوجه من خلالها رسائل لخصومه وتعبر تغريداته عن مواقف زعيم التيار مقتدى الصدر "نقترح على قائد القوات المسلحة المحترم (رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي)، ما يلي: وذلك حفاظا على هيبة الدولة وإنهاء تواجد الميليشيات في الأماكن الحساسة في الدولة وتغيير مسؤول الحشد (فالح الفياض) وذلك للأسباب التالية": أولا "إنه متحزّب (فالح الفياض) ورئيس كتلة وهذا ما يسيس الحشد المجاهد ولا يمتلك شخصية قوية بل ولا يمتلك ذهنية عسكرية، وعموما فإنه غير مؤهل لهذا المنصب".
وتابع "استصدار أمر حازم وشديد بحلّ الفصائل التي تدّعي المقاومة وهي تقتل أبناء الشعب وإخراج جميع الفصائل بل والحشد الشعبي من المنطقة الخضراء ومسكها من قبل القوات الأمنية الوطنية البطلة".
وتابع أن إبقاء تلك الفصائل والحشد يعتبر "فيه خطورة أمنية على نفس قائد القوات المسلحة فضلا عن باقي المؤسسات لا سيما القضاء والضغط عليه".
وشدد كذلك على "إبعاد الحشد الشعبي عن السيطرات والمنافذ الحدودية حفاظا على سمعة المجاهدين الأخيار، فهناك من يتعمّد تشويه سمعتهم من خلال استعمال العنف والتجارة والتهريب وغير ذلك".
وأكد على "دعم المجاهدين في المناطق المحررة، فإن بعضهم يعاني من التهميش وعدم الاعتناء من الناحية العسكرية والأمنية واللوجستية، ويفتقدون الى أبسط المقومات".
وبين دعوات التهدئة وضبط النفس ومنشورات تحريضية على منصات التواصل الاجتماعي منسوبة لإحدى الفصائل الشيعية العراقية وبين شدّ وجذب وتهديدات، ينفتح المشهد العراقي على كل احتمالات التصعيد على وقع أزمة سياسية عنوانها الصراع على السلطة والنفوذ بين أبناء البيت الشيعي.
وقد امتد الصدام بين 'سرايا السلام' الجناح العسكري للتيار الصدري وحركة عصائب أهل الحق إحدى الميليشيات المنضوية في الحشد الشعبي الموالي لإيران في بروفة مواجهة، إلى جنوب البلاد مركز صناعة النفط العراقي، منذرا بانفلات يصعب تطويقه على الرغم من توجيه زعيم العصائب قيس الخزعلي اليوم الخميس بإغلاق جميع المكاتب وعدم الرد على ما يتعرض له من سباب وشتائم من خصومه الصدريين، وهي دعوة محمودة ما لم تكن مناورة، لاحتواء التوتر في البصرة.
وبعد اشتباكات بين سرايا السلام وعصائب أهل الحق في البصرة اسفرت عن مقتل 4 من منتسبي الفصيلين، وجه الأمين العام لـ"العصائب" في تغريدة على حسابه بتويتر، أتباعه بإغلاق جميع مكاتب الحركة في كل العراق "حتى إشعار آخر"
وقال في مستهل تغريدته "عليكم بحق الحسين عليه السلام ألّا يرد منكم أي رد سلبي على الإساءات التي توجه إلي شخصيا. هناك من يتربص بنا ويريد تأزيم الأمور فوتوا الفرصة عليهم وافشلوا مخططهم بالسكوت"، مشيرا أيضا إلى أهمية افشال احياء أربعينية الحسين.
كما دعاهم إلى عدم الردّ على ما تتععرض له مكاتب الحركة وقال "أي مكتب يُراد حرقه، فليحرقوه ولا تهتموا لذلك فسيعوضكم الله عن ذلك عوضا كبيرا لا تتوقعونه".
وجاءت تغريدة الخزعلي بعيد بيان لما بات يعرف بـ"وزير القائد" المقرب من زعيم التيار الصدري محمد صالح العراقي، وجّه فيه تهديدا وتحذيرا مباشرا للخزعلي بالقول "احذرك يا قيس إذا لم تكبح جماح ميليشياتك الوقحة وإذا لم تتبرأ من القتلة والمجرمين التابعين لك، أو تثبت أنهم لا ينتمون إليك فأنت أيضا وقح".
وتابع "كفاك استهتارا بدماء الشعب أيا كانوا فإن أعطيت لنفسك الولاية بقتل أتباعك مثل: ابا ذر فلا يعني أنك تنصب نفسك جلادا لكي تغتال كلابك المسعورة الأسود والحشد براء منك أيها الوقح".
وليست هذه المرة الأولى التي يوجه فيها وزير الصدر تحذيرا شديد اللهجة للخزعلي في خضم صراع بين الفصيلين، لكنه يعتبر الأكثر جرأة ويسلط الضوء إلى اي مدى يمكن أن يذهب الصراع بين الطرفين.
وتبادلت عصائب أهل الحق والتيار الصدري في الأشهر الماضية الاتهامات بالوقوف وراء سلسلة اغتيالات في جنوب العراق، وانتهت ببيانين من الصدر والخزعلي بالتهدئة وتشكيل لجنة مشتركة لوأد الفتنة.
لكن المناوشات بينهما تتجدد من حين إلى آخر في ظل الأزمة الراهنة بين التيار الصدري والإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته عصائب أهل الحق ويضم الأحزاب الشيعية الموالية لإيران.
وتسود مخاوف من انفلات سلاح الفصيلين وسط عداء تاريخي بين الصدر والخزعلي فالحركة التي يقودها الأخير ولدت من رحم جيش المهدي الذي أسسه زعيم التيار الصدري وقاد مواجهة شرسة مع الاحتلال الأميركي في 2004.
وقال مسؤولان أمنيان عراقيان اليوم الخميس إن أربعة على الأقل قتلوا في اشتباكات بين فصائل شيعية متناحرة في مدينة البصرة بجنوب العراق وسط امتداد أعمال العنف إلى جنوب البلاد بسبب أزمة سياسية آخذة في الاحتدام.
وذكرت مصادر محلية أن مسلحين قرب مكتب عصائب أهل الحق الكائن بمنطقة بريهة في البصرة فتحوا الرصاص صوب عربة يستقلها حسين فؤاد القيادي في "سرايا السلام" الجناح العسكري للتيار الصدري، ومرافقه مما أسفر عن مقتل الأول وإصابة الثاني بجروح فارق على إثرها الحياة في وقت لاحق من اليوم الخميس.
ولاحقا أعلنت حركة "عصائب أهل الحق" مقتل عنصرين ينتميان للحركة إثر اشتباكات دارت مع مقاتلين من سرايا السلام في محافظة البصرة.
ونعت الحركة في بيان كلا من علي صبّار الحريشاوي و سرمد حسين المحمداوي "أثناء تأديتهما الواجب في مقرات الحشد الشعبي".
وبدأت الاضطرابات باشتباكات عنيفة في الشوارع ليومين في بغداد هذا الأسبوع في أسوأ أحداث من نوعها تشهدها العاصمة العراقية منذ سنوات.
والأزمة تصل إلى حد الصراع على السلطة بين رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر والأحزاب والجماعات شبه العسكرية وأغلبها متحالفة مع إيران.

وحاول الجانبان بسط نفوذهما على مجريات تشكيل حكومة جديدة منذ انتخابات جرت في أكتوبر/تشرين الأول. وبدأ التناحر بتحركات سياسية في البرلمان والقضاء ثم انتقل الأمر للشوارع مع انسحاب الصدر من العملية السياسية وتنظيم احتجاجات خلال الصيف وتطور الأمر للعنف بنهاية أغسطس آب.
وترك ذلك العراق الذي لا يزال يرزح تحت وطأة سنوات الحرب والعقوبات والحرب الأهلية والفساد دون حكومة لأطول مدة منذ عام 2003 عندما أطاح الغزو الأميركي بصدام حسين.
وتركزت أعمال العنف في بغداد والجنوب في مناطق تهيمن عليها الأغلبية الشيعية التي تولت الحكم في البلاد منذ الإطاحة بصدام.
وقال مسؤول أمني طلب عدم نشر اسمه لأنه ليس مصرحا له الإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام إن الموقف الأمني في البصرة سيء وقد يتصاعد.
وقال المسؤولان الأمنيان في البصرة، المركز الرئيسي لإنتاج النفط في البلاد، إن أعنف اشتباكات وقعت خلال الليل في وسط المدينة. وأضافا أن اثنين من القتلى عضوان في سرايا السلام التابعة للصدر.
وصباح اليوم الخميس، هاجم مسلحون بنايات حكومية في البصرة حيث توجد قوات أمنية وجماعات شبه عسكرية لها صلات بإيران.
ولم يتمكن المسؤولون من التعرف بعد على المسلحين الذين أطلقوا النار على البنايات الحكومية لكنهم قالوا إنهم يعتقدون أنهم من أنصار الصدر.
ويقول مسؤولون أمنيون إن مسلحين من أنصار الصدر هاجموا مكاتب تابعة لجماعات متحالفة مع إيران في الأيام القليلة الماضية.
وفي مدينة الناصرية جنوب العراق، داهم أتباع الصدر مقرات في المدينة لجماعات شبه عسكرية لها صلات بإيران واستولوا على سيارات وأسلحة وذلك وفقا لما ذكره أتباع للصدر ومسؤولون أمنيون متحالفون مع طهران في المدينة.
وفي بغداد يومي الاثنين والثلاثاء، تقاتل أنصار مسلحون للصدر مع قوات الأمن ومسلحين متحالفين مع إيران في اشتباكات اندلعت بعد أن أعلن الصدر اعتزاله نهائيا للحياة السياسية.
وبعد إعلان الصدر، بدأ أتباعه الذين كانوا حتى ذلك الحين في اعتصام سلمي في البرلمان في اقتحام مقرات حكومية أخرى وتعرضوا لإطلاق النار عليهم وردوا على ذلك مما أطلق شرارة الاشتباكات.
ودعا الصدر إلى الهدوء في بغداد يوم الثلاثاء مما أسفر عن تراجع أعمال العنف على الفور، لكن العقبات أمام تحقيق السلام لا تزال قائمة، إذ يدعو الصدر لحل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة بينما يصر خصومه على تشكيل الحكومة الجديدة.