احتجاجات إيران تفاقم التوتر بين طهران والغرب

طهران تستدعي سفيري بريطانيا والنرويج بسبب ما قالت إنه تدخل وتغطية إعلامية معادية للاضطرابات التي اندلعت في أنحاء البلاد على خلفية وفاة فتاة إيرانية كردية خلال احتجازها لدى شرطة الأخلاق.
الاحتجاجات في إيران تطالب برحيل خامنئي والنظام الديني
بريطانيا ترى في احتجاجات إيران طريقا للتغيير
السلطات الإيرانية تتعهّد "عدم التساهل" مع المتظاهرين

طهران - فاقم قمع الاحتجاجات في إيران التوتر القائم أصلا بين طهران والدول الغربية بينما يسعى الطرفان لإحياء الاتفاق النووي للعام 2015 الذي انسحبت منه الولايات المتحدة غي عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في مايو/ايار 2018.

واعتبرت الحكومة الإيرانية الانتقادات الغربية لتعاملها مع موجة احتجاجات غير مسبوقة انطلقت الأسبوع الماضي تنديدا بوفاة مهسا أميني الفتاة إيرانية كردية تعرضت للاحتجاز والضرب على أيدي شرطة الأخلاق وسرعان ما تحولت إلى محاكمة للنظام الديني وممارساته القمعية، تدخلا في شؤونها الداخلية.

وذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية (إسنا) اليوم الأحد أن إيران استدعت سفيري بريطانيا والنرويج بسبب ما قالت إنه تدخل وتغطية إعلامية معادية للاضطرابات التي اندلعت في أنحاء البلاد على خلفية وفاة أميني خلال احتجازها لدى شرطة الأخلاق.

وامتدت المظاهرات التي انطلقت شرارتها قبل أكثر من أسبوع خلال جنازة الشابة الكردية مهسا أميني (22 عاما) على نطاق واسع، وتحولت لأكبر موجة احتجاجات تشهدها البلاد منذ سنوات.

ووفقا للتلفزيون الإيراني الرسمي فإن 41 شخصا قتلوا. ويقول نشطاء إن السلطات فرضت قيودا على خدمات الإنترنت والهاتف المحمول لمنع تداول لقطات تصور الاحتجاجات وتعامل قوات الأمن معها.

ويقول الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إن إيران تضمن حرية التعبير وإنه أمر بإجراء تحقيق في وفاة أميني، بعد احتجازها من جانب الشرطة المعنية بفرض القيود على ملابس النساء في الجمهورية الإسلامية.

كما أكد أن "أعمال الفوضى" غير مقبولة وأنه يتعين على إيران التعامل بحزم مع الاضطرابات. وفي خطاب في الأمم المتحدة، قال إن التغطية المكثفة لقضية أميني تعكس "المعايير المزدوجة"، لافتا لحدوث حالات وفاة في حجز الشرطة الأميركية.

وذكرت إسنا أن وزارة الخارجية الإيرانية استدعت السفير البريطاني أمس السبت بسبب "الطبيعة العدوانية" لوسائل الإعلام الناطقة بالفارسية التي تتخذ من لندن مقرا لها.

كما تم استدعاء السفير النرويجي لشرح "موقف ينطوي على تدخل" لرئيس برلمان بلاده، الذي عبر عن دعمه للمتظاهرين عبر تويتر.

وأثارت وفاة أميني الغضب في إيران بسبب قضايا من بينها القيود المفروضة على الحريات الشخصية وقواعد اللباس الصارمة للنساء، فضلا عن الاقتصاد المترنح تحت وطأة العقوبات.

ولعبت النساء دورا بارزا في الاحتجاجات وقمن بالتلويح بأغطية رؤوسهن أو حرقها. وقامت بعضهن بقص شعرهن على الملأ وسط الاحتجاجات التي تطالب برحيل الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي.

وهذه الاحتجاجات هي الأكبر التي تشهدها إيران منذ تظاهرات خرجت في 2019 احتجاجا على أسعار الوقود في 2019. وذكرت رويترز أن قمع تلك الاحتجاجات أسفر عن مقتل 1500 شخص، ما جعلها الاضطرابات الأكثر دموية في تاريخ الجمهورية الإسلامية.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن مؤخرا دعمه للاحتجاجات السلمية بينما رأت بريطانيا أنها طريق للتغيير في إيران، فيما فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على شرطة الأخلاق الإيرانية ومسؤولين أمنيين.

ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إسنا) شبه الرسمية عن وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان قوله اليوم الأحد إن الدعم الأميركي "لمثيري الشغب" يتعارض مع موقف واشنطن الدبلوماسي تجاه إيران.

وأضاف الوزير "الاحتجاج السلمي حق لكل أمة، غير أن تدخل الولايات المتحدة في شؤون إيران ودعمها لمثيري الشغب في تنفيذ مشروعهم لزعزعة الاستقرار يتعارض بشكل واضح مع رسائل واشنطن الدبلوماسية لإيران بشأن ضرورة التوصل إلى اتفاق نووي وإرساء الاستقرار في المنطقة".

وتأتي هذه التطورات بينما تعثرت جهود إحياء خطة العمل المشتركة وهي التسمية الرسمية للاتفاق النووي للعام 2015 وتلاشي الآمال الأوروبية بإعادة إنعاشه بينما تتمسك طهران بمطالب إضافية بينها ضمانات بعدم انسحاب أي إدارة أميركية في المستقبل منه وإغلاق الوكالة الدولية للطاقة الذرية ملف التحقيق في العثور على اثار يورانيوم مخصب في منشآت غير معلنة.

وترخي التوترات الأخيرة بظلال ثقيلة على جهود إحياء الاتفاق النووي، بينما تشير التوقعات إلى أن العودة المحتملة لمناقشة صيغة اتفاق بين واشنطن وطهران ستكون بعد انتخابات التجديد النصفي لأعضاء الكونغرس الاميركي في نوفمبر/تشرين الثاني القادم.

وستكون نتائج الانتخابات بدورها حاسمة في تحديد مصير الاتفاق وسط معركة محتدمة بين الجمهوريين الذي يعارض اغلبهم العودة لخطة العمل المشتركة والديمقراطيين الذي يؤيد غالبيتهم إعادة إحياء الاتفاق.

ودعا رئيس السلطة القضائية في إيران غلام حسين محسني إجئي الأحد إلى "عدم التساهل" مع المتظاهرين بعد تسعة أيام من الاحتجاجات في أنحاء البلاد على وفاة شابة أثناء توقيفها لدى الشرطة قُتل فيها 41 شخصا.

وشدد على "ضرورة التعامل بدون أي تساهل" مع المحرضين على "أعمال الشغب"، حسب ما ذكرت وكالة أنباء القضاء "ميزان أون لاين".

وحملت وزارة الخارجية الإيرانية عدوها اللدود الولايات المتحدة مسؤولية الاضطرابات وحذرت من أن "المحاولات الرامية إلى المساس بالسيادة الإيرانية لن تمر من دون رد"، وفق ما نقلت "إرنا".

أما وزير الداخلية أحمد وحيدي فقال وفق نفس المصدر إنه يتوقع "من السلطة القضائية أن تلاحق بسرعة المدبرين والمنفذين الرئيسيين لأعمال الشغب" بعد إعلان الشرطة توقيف أكثر من 700 شخص.

ووفق لجنة حماية الصحافيين ومقرها الولايات المتحدة، اعتُقل 17 صحافيا في إيران منذ 19 سبتمبر/ايلول.

وعلى غرار يوم الجمعة الماضي، ستنظم مسيرة مؤيدة للحكومة بعد ظهر الأحد في طهران بدعوة من السلطات.

من جهته حضّ حزب "اتحاد شعب إيران الإسلامي" الإصلاحي الدولة السبت على إلغاء إلزامية ارتداء الحجاب وإطلاق سراح الموقوفين.

وحضّ المخرج الإيراني الحائز على جائزة أوسكار أصغر فرهادي في منشور جديد على موقع إنستغرام شعوب العالم على "التضامن" مع المتظاهرين في إيران وأشاد بـ"النساء التقدميات والشجاعات اللواتي قدن الاحتجاجات من أجل حقوقهن".