لهذه الأسباب قد يحضر العاهل المغربي القمة العربية بالجزائر

في أول اتصال رسمي بين البلدين، يصل وزير العدل الجزائري الثلاثاء إلى الرباط، لتسليم العاهل المغربي دعوة المشاركة في القمة العربية.
مجلة فرنسية تؤكد مشاركة العاهل المغربي في القمة العربية
العاهل المغربي ينسق مع قادة خليجيين ويحثهم على المشاركة في القمة العربية
المغرب يتلقى دعوة جزائرية لحضور القمة العربية
الرباط

مع بداية العد التنازلي لموعد القمة العربية، تتضارب الأخبار حول حضور العاهل المغربي الملك محمد السادس القمة المقرر عقدها في الجزائر، بينما يتساءل بعض المتابعين عن الانعكاسات المحتملة على العلاقات الثنائية المتوترة بين المغرب والجزائر في حال التقى العاهل المغربي بالرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على هامش القمة المنتظرة مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
ويصل وزير العدل الجزائري عبد الرشيد طبي الثلاثاء، إلى العاصمة المغربية الرباط، لتسليم العاهل المغربي دعوة المشاركة في القمة العربية.
وسيسلم الموفد الخاص للرئيس الجزائري، الدعوة الرسمية إلى وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة الذي سيستقبله بمقر وزارة الخارجية، في خطوة تُعتبر أول اتصال سياسي بين مسؤوليْن جزائري ومغربي منذ قطع الجزائر العلاقات الدبلوماسية مع الرباط.
وفي أغسطس/ آب 2021 قطعت الجزائر علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، متهمة الرباط بـ"القيام بأعمال عدائية".
وكشفت مجلة "جون أفريك" الفرنسية الأسبوع الماضي أن الملك محمد السادس "سيشارك شخصيا في القمة العربية"، متوقعة عودة وشيكة للعلاقات بين الجزائر والمغرب.
ونقلت المجلة عن مصادر "مطلعة للغاية" أنه "بناء على تعليمات من السلطات العليا المغربية، فقد تم إجراء اتصالات مع العديد من دول الخليج (السعودية، قطر، الإمارات، الكويت، البحرين) لإبلاغها بأن الملك محمد السادس سيشارك شخصيا في القمة العربية". 
وأفادت الصحيفة أن المغرب "اتخذ خطوات لتشجيع قادة هذه الدول على المشاركة على مستوى عال جدا في هذه القمة من أجل ضمان نجاحها".

المغرب يرأس لجنة القدس ولديه التزام تجاه القضية الفلسطينية مما يعطيه  أولوية حضور القمة والتمثيل على أعلى مستوى

ويعتبر محللون أن ما نشرته "جون أفريك" هو الأقرب إلى الواقع نظرا للعلاقات العريقة التي تربط الصحيفة بمصادر مغربية "وثيقة"، خاصة في ظل ما يتردد عن أن الجهات الرسمية المغربية تفضل أحيانا تسريب بعض الأخبار عبر قنوات الصحافة الفرنسية لاسيما مجلة "جون أفريك".
ويرى بعض المحللين أن هناك مؤشريْن يرجحان حضور العاهل المغربي أشغال القمة العربية بالجزائر، إذ ينحصر الأول في طبيعة السياسة الخارجية المغربية التي لا ترغب في تطبيق استراتيجية "الكرسي الشاغر" خاصة بعد استخلاص الدرس من الانسحاب من الاتحاد الإفريقي.
أما المؤشر الثاني فيكمن في التزامات المغرب تجاه القضية الفلسطينية التي يعتبرها أم القضايا العربية خاصة وأن المملكة المغربية رئيسة لجنة القدس المنبثقة عن منظمة المؤتمر الإسلامي، وهو ما يعطي للمغرب أولوية حضور القمة والتمثيل على أعلى مستوى.
ويعتقد دبلوماسيون أن عدم حضور العاهل المغربي سيحرج الجزائر البلد المضيف، وهو ما لا يرغب المغرب في تحقيقه خاصة بعد إعلان حسن النوايا الذي عبر عنه الملك محمد السادس تجاه جارته الجزائر في خطابه بمناسبة عيد العرش في 30 يوليو/ تموز الماضي. 
وقال محمد السادس في خطابه السنوي بمناسبة الذكرى الـ23 لجلوسه على العرش "نتطلع للعمل مع الرئاسة الجزائرية، لأن يضع المغرب والجزائر يدا في يد لإقامة علاقات طبيعية، بين شعبين شقيقين تجمعهما روابط تاريخية وإنسانية ومصير مشترك". 
وأضاف: "أشدد مرة أخرى بأن الحدود التي تفرق بين الشعبين الشقيقين المغربي والجزائري لن تكون أبدا حدودا تغلق أجواء التواصل والتفاهم بينهما، بل نريدها أن تكون جسورا تحمل بين يديها مستقبل المغرب والجزائر". 
وتشهد العلاقات بين البلدين توترا على خلفية دعم الجزائر لجبهة البوليساريو الانفصالية الناشطة بالصحراء المغربية التي يعتبرها المغرب جزءا من سيادته ووحدة أراضيه.
ولتجاوز الخلافات القائمة وإعادة فتح الحدود البرية المغلقة بين البلدين منذ عام 1994، اقترح العاهل المغربي في أواخر عام 2018 تشكيل "آلية سياسية مشتركة للحوار"، لكن الاقتراح لم يلق تجاوبا من الجانب الجزائري.

العاهل المغربي لم يشارك في أي من دورات القمة العربية منذ قمة الجزائر سنة 2005 

ومن المرجح أن يحظى العاهل المغربي بترحيب جزائري خاص في حال حضوره على اعتبار أن الجزائر ترغب وبشدة في إنجاح القمة العربية لتؤكد جدارتها بالاستضافة والتنظيم، خاصة وأن الملك محمد السادس لم يشارك في أي من دورات القمة العربية منذ قمة الجزائر التي عقدت سنة 2005 على خلاف والده الملك الراحل الحسن الثاني الذي كان حريصا على حضور مختلف الدورات.
وبمناسبة تسليم أولى الدعوات إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس ثم إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكد وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة خلال وجوده في القاهرة على جاهزية بلاده لاحتضان القمة العربية، معربا عن "ارتياحه الكبير لمستوى التجاوب الذي عبر عنه الأشقاء العرب من أجل الإسهام في إنجاح هذا الاستحقاق العربي، وجعله محطة متجددة لتعميق النقاش حول مجمل القضايا المصيرية وبلورة رؤية موحدة تلبي تطلعات المرحلة الحالية وتستشرف الآفاق الواعدة لأجيال الغد".
وسلّم عدد من الموفدين الخاصين للرئيس الجزائري دعوات لقادة 16 دولة عربية، حتى الآن، للمشاركة في القمة، وهي فلسطين ومصر وقطر والكويت والبحرين والإمارات والسعودية وعمان وتونس وموريتانيا وجيبوتي والأردن والعراق ولبنان وليبيا والسودان، في انتظار توجيه الدعوة خلال الأيام القليلة القادمة إلى اليمن والصومال.