هجمات صاروخية على المنطقة الخضراء تحمل رسائل سياسية

إصابة سبعة عناصر من قوات الأمن العراقية في هجمات بثلاث صواريخ على المنطقة الخضراء تزامنت مع عقد مجلس النواب العراقي أول جلسة له منذ أحداث 29 أغسطس، رفض خلالها استقالة رئيس المجلس.
وزير الصدر للسياسيين: إن عدتم كما كنتم فإنها نهاية العراق ونهايتكم
مجلس النواب العراقي يرفض استقالة الحلبوسي
التيار الصدري يدين استهداف المنطقة الخضراء  

بغداد - أصيب سبعة عناصر من القوات الأمنية بجروح الأربعاء في بغداد إثر قصف صاروخي استهدف المنطقة الخضراء في بغداد تزامنا مع انعقاد جلسة برلمانية هي الأولى منذ شهرين، وفق بيان رسمي، فيما يعيش العراق أزمة سياسية خانقة.

ولم تعرف الجهة التي أطلقت تلك الصواريخ باتجاه المنطقة الخضراء لكن في السابق كانت قوى سياسية تنسب لميليشيات شيعية موالية لإيران تنفيذ هجمات بزخات من القذائف ضمن ضغوط تمارسها قوى سياسية.

وأفاد بيان صادر عن خلية الإعلام الأمني الرسمية أنه "عند الساعة 15:30 تعرضت المنطقة الخضراء ببغداد إلى قصف بثلاث قذائف"، سقطت إحداها "أمام مبنى مجلس النواب العراقي" والأخريان في موقعين آخرين داخل المنطقة الخضراء المحصنة، وحيث مقر مؤسسات حكومية وسفارات غربية.

وذكرت خلية الإعلام الأمني، أن عدد الجرحى من القوات الأمنية بلغ "7 جراحهم متفاوتة"، فيما أشارت في وقت سابق إلى "إصابة ضابط و3 من المراتب بجروح مختلفة". كما تسبب القصف بأضرار بعدد من السيارات وأحد المباني.

وتزامن القصف مع عقد البرلمان العراقي لجلسته الأولى منذ أحداث العنف التي هزت البلاد في 29 أغسطس/اب واعتصام أنصار التيار الصدري قبل شهرين، صوّت خلالها النواب ضدّ استقالة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي من منصبه.

وصوتّ 222 نائبا من أصل 235 كانوا حاضرين (العدد الإجمالي للنواب 329)، ضدّ استقالة محمد الحلبوسي، السياسي السني البارز، من رئاسة مجلس النواب، كما أفادت وكالة الأنباء العراقية الرسمية.

وبحسب مراقبين سياسيين، فإن هذا التصويت لا يتعدى كونه إجراء شكليا، وبمثابة إعادة منح للثقة للحلبوسي على خلفية المساومات السياسية وراء الكواليس.

في الأثناء، تظاهر المئات من مناصري التيار الصدري في ساحة التحرير الأربعاء في بغداد تعبيرا عن رفضهم للجلسة.

وكان الصدر أكبر الفائزين في انتخابات أكتوبر تشرين الأول العام الماضي، لكنه أمر أنصاره من أعضاء البرلمان بالانسحاب إثر فشل جهود تشكيل حكومة ائتلافية بعد شهور من الجمود السياسي. ودعا الصدريون إلى انتخابات جديدة.

ورغم دعم جهود الصدر في البداية، فقد وقع خلاف بين الجانبين إذ يرى الحلبوسي أنه من الضروري أن تستمر المحاولات باتجاه تشكيل حكومة مع الفصائل الأخرى.

وفي وقت سابق من العام الجاري، دعم حزب (تقدم) بزعامة الحلبوسي وفصائل أخرى من العرب والأكراد السنة جهود الصدر لتشكيل حكومة تستبعد الفصائل الشيعية المنافسة المدعومة من إيران.

إلا أنهم لم يتبعوا الصدر عند الانسحاب من البرلمان، وبدلا من ذلك فكروا في الدخول في تحالف حاكم جديد مع الأحزاب المدعومة من إيران، وفقا لمسؤولين من الأطراف السياسية المنقسمة.

وصوتت أغلبية كبيرة في مجلس النواب اليوم ضد استقالة الحلبوسي، ما يعني استمراره في المنصب.

واتهم التيار الصدري على لسان ما يعرف بوزير القائد محمد صالح العراقي الأربعاء جهات من بينها البعثيين بقصف المنطقة الخضراء، معبرا عن رفضه "استعمال العنف والسلاح لإيقاع الفتنة في البلاد".

وقال العراقي في تغريدة على حسابه بتويتر "نرفض رفضا قاطعا استعمال العــنف والسـلاح الذي قامت به جهات مجهولة وذلك بقـصف المنطقة الخضراء تريد من خلاله إيقاع الفتنة في عراقنا الحبيب، مضيفا "حسب الظاهر إن من قام بهذا العمل هو المحتل وأذنابه من الإرهاب وفلول البعث الصدامي أو جهات تريد النيل من سمعة الإصلاح والمصلحين أو اتهام الثوار بذلك".

وتابع "فنحن قلنا ولا زلنا نقول: الوطن أغلى من كل شيء.. وإن بسطت يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي لأقتـلك".

وتأتي تغريدة العراقي بعيد إدانة المسؤول العام لسرايا السلام الجناح العسكري للصدريين،  القصف الذي تعرضت له المنطقة الخضراء، مؤكدا على حق التظاهر السلمي الذي كفله الدستور.

وفي تغريدة سابقة حذر 'وزير القائد' الكتل السياسية وزعمائها من أن استمرار الفساد المالي والإداري وإعادة استنساخ نفس تجارب الحكم في الحكومات السابقة سيؤدي إلى "نهاية العراق".

وقال العراقي "اني لكم من الناصحين.. إلى القادة والساسة والحكام بل وعوام الناس من أتباعهم في عراقنا الحبيب، الوطن أهم من مناصبكم وكراسیكم وسلطتكم وسلاحكم ومشاريعكم وتجارتكم وأموالكم وأهليكم وقصوركم".

وتابع "فإن كانت تجارتكم وأموال اقترفتموها أهم وأحب عندكم من وطنكم وشعبكم فتربصوا حتى يأتي الله بأمره وإن كنتم بعتم وطنكم من أجل ذلك فإننا لم ولن نستغن عن الوطن ولن نشارككم ولن نهادنكم ولن نحاوركم على إتمام صفقة الفساد وإرجاع العراق إلى المربع الأول والمعادلة الفاشلة التي نهى الله عنها لأنها أضرت بالوطن ونهت عنها المرجعية حين قالت: المجرب لا يجرب لا بنفس الأشخاص ولا بنفس النظام ولا بنفس الدستور ولا بنفس الآليات ولا بنفس المليشيات ولا بنفس التبعية ولا بنفس الأسلوب، بل ونهى عنها الشعب الذي ما انفك يتظاهر ويعتصم ويحتج ويضرب عن الطعام وأنتم لا تبالون وقد ضاعت كرامته ولقمته وأمنه وحريته وانتهكت سيادته من هنا وهناك".

وجاء في تغريدة العراقي أيضا "انتم الآن أصحاب رؤوس أموال ضخمة وقد كنتم من قبل أصحاب أعمال بسيطة فكيف بكم الآن وأنتم أصحاب المليارات والقصور والمزارع والتجارة.. كل ذلك على حساب الشعب المظلوم والذي ما إن طالب بلقمته وحقوقه قمعتموه وقتلتموه وما شهداء تشرين وعاشوراء عنكم ببعيد".

وختم بالقول "فوالله إن عدتم كما كنتم فإنها نهاية العراق بل ونهايتكم أيضا.. فاتقوا الله إن كنتم قادرين على ذلك بعد أن أغرتكم الدنيا ولفت حولكم حبائل الشيطان وطابت لكم زخارفه وألاعيبه.. ولات حين مندم".

ويشهد العراق مأزقا سياسيا شاملا منذ الانتخابات التشريعية في أكتوبر/تشرين الأول 2021، مع عجز التيارات السياسية الكبرى عن الاتفاق على اسم رئيس الوزراء المقبل وطريقة تعيينه.

وعقد البرلمان آخر جلسة له في 23 يوليو/تموز، وبعدها بأيام قليلة، اقتحم أنصار الصدر مبنى مجلس النواب قبل أن يعتصموا لمدة شهر في حدائقه.

وبلغ التوتر ذروته أواخر أغسطس/اب عندما وقعت اشتباكات بين مناصري الصدر وعناصر من الجيش والحشد الشعبي (تحالف فصائل موالية لإيران باتت منضوية في أجهزة الدولة وتعارض التيار الصدري سياسيًا). وقتل في هذه المواجهات أكثر من ثلاثين من مناصري التيار الصدري.

ويتصاعد الخلاف اليوم في العراق بين معسكرين الأول بزعامة مقتدى الصدر الذي يطالب بحل فوري لمجلس النواب وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة بعدما سحب 73 نائبا والثاني، يتمثل بالإطار التنسيقي وهو تحالف يضم فصائل شيعية موالية لإيران يسعى إلى تشكيل حكومة قبل إجراء أي انتخابات.