15 قتيلا في هجوم مسلح في ذروة احتجاجات إيران

الرئيسي الإيراني يتوعد بأن هجوما استهدف زوار ضريح في مدينة شيراز لن يمر دون حساب، واصفا منفذ الهجوم بأنه "تكفيري" فيما تصاعدت الاحتجاجات بمناسبة أربعينية مهسا أميني.    

طهران - ذكرت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية الرسمية أن 15 على الأقل قُتلوا الأربعاء في هجوم استهدف زوار ضريح شيعي في مدينة شيراز، بينما اشتبكت قوات الأمن في أماكن أخرى مع محتجين يحيون ذكرى مرور 40 يوما على مقتل مهسا أميني.

وأوردت التقارير المبكرة عن الهجوم روايات مختلفة، فقد قال قائد الشرطة المحلية إنه تم اعتقال مهاجم واحد، بينما أفادت وكالات أنباء أن ثلاثة أشخاص متورطون.

وتوعد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بأن الهجوم الدموي الذي استهدف ضريحا شيعيا لن يمر دون حساب، وذلك بعد أن أطلق مسلح وصفته إيران "بالتكفيري" النار على زوار يؤدون الصلاة في ضريح شاه جراغ.

وقال رئيسي "تظهر الواقعة أن أعداء إيران، بعد فشلهم في إحداث انقسام في صفوف الأمة الموحدة، ينتقمون من خلال العنف والإرهاب. هذا الشر بالتأكيد لن يمر دون حساب، وهيئات الأمن وإنفاذ القانون ستلقن مخططي هذا الهجوم درسا قاسيا".

وتستخدم إيران ذات الأغلبية الشيعية وصف "التكفيريين" للإشارة إلى جماعات سنّية متشددة ومسلحة، بينما يأتي الهجوم الدموي في غمرة احتجاجات شعبية تفجرت منذ 16 سبتمبر/أيلول الماضي تنديدا بوفاة الفتاة الكردية الإيرانية مهسا أميني بعد احتجازها من قبل شرطة الأخلاق التي تطبق قواعد صارمة في ارتداء الحجاب.

ووصفت الوكالة الرسمية المهاجمين بأنهم "إرهابيون تكفيريون"، وهو وصف يستخدمه المسؤولون في إيران ذات الأغلبية الشيعية للإشارة إلى الجماعات الإسلامية السُنية المتشددة المسلحة، فيما قال موقع نور نيوز الإخباري التابع لجهاز أمن إيراني كبير إن المسلحين الذين نفذوا الهجوم ليسوا مواطنين إيرانيين.

ونقلت الوكالة عن شهود قولهم إن المهاجمين كانوا في سيارة وأطلقوا الرصاص على الزوار والعمال عند مدخل ضريح شاه جراغ. واعتقلت الشرطة اثنين من "الإرهابيين" الثلاثة وتبحث عن الثالث، بينما ذكرت وكالة تسنيم شبه الرسمية للأنباء أن القتلى بينهم عدد من النساء والأطفال.

وقال شاهد إن الهجوم وقع في اليوم نفسه الذي فتحت فيه قوات الأمن الإيرانية النار على مشاركين في إحياء أربعينية مهسا أميني في سقز، مسقط رأسها بإقليم كردستان.

وأضاف الشاهد "أطلقت شرطة مكافحة الشغب النار على المشاركين في إحياء ذكرى مهسا الذين تجمعوا عند مقبرتها.. ألقي القبض على العشرات".

وقالت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية إن نحو عشرة آلاف تجمعوا عند المقبرة، مضيفة أن خدمة الإنترنت قُطعت بعد اشتباكات بين قوات الأمن والموجودين هناك.

وأظهرت مقاطع فيديو نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مسيرة لآلاف الإيرانيين يتوجهون نحو المقبرة التي دفنت فيها مهسا على الرغم من الوجود الكثيف لشرطة مكافحة الشغب. وكان النشطاء قد دعوا إلى احتجاجات في جميع أنحاء البلاد بمناسبة مرور 40 يوما على وفاة مهسا بعد احتجازها بسبب ارتدائها "ملابس غير لائقة".

وتحولت الاحتجاجات التي أشعلتها وفاة مهسا (22 عاما) في 16 سبتمبر إلى واحدة من أجرأ التحديات التي تواجه القيادة الدينية للجمهورية الإسلامية منذ ثورة 1979.

وخرج عدد كبير من الإيرانيين إلى الشوارع ودعا بعضهم إلى سقوط الجمهورية الإسلامية وهتفوا "الموت لخامنئي (الزعيم الأعلى آية الله علي) ".

وقال شاهد "تجمع رجال ونساء حول قبر مهسا أميني في مقبرة أيشي في سقز وهم يهتفون المرأة الحياة الحرية". وقال شاهد آخر في سقز، إن المقبرة امتلأت بأفراد من ميليشيا الباسيج المتطوعين وشرطة مكافحة الشغب، "لكن الناس من جميع أنحاء إقليم كردستان كانوا هنا. قمنا جميعا بتأبين مهسا".

وقالت جماعات حقوقية إن الشرطة حذرت عائلة مهسا من إحياء مراسم تأبين وإلا "سيتم اعتقال ابنهم"، خشية أن يؤدي إحياء ذكرى الأربعين إلى مزيد من الاحتجاجات العنيفة.

وذكرت وسائل إعلام رسمية أن محافظ إقليم كردستان زاري كوشا نفى فرض أي قيود حكومية على إقامة مراسم التأبين، وقال إن "عدم عقد أي تجمع كان قرار عائلتها".

وأظهرت مقاطع مصورة نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي إغلاق قوات الأمن للطرق المؤدية إلى سقز لمنع القادمين من مدن أخرى من التجمع في المقبرة.

وأفادت وسائل إعلام رسمية إيرانية بأن السلطات أغلقت جميع المدارس والجامعات في كردستان اليوم الأربعاء "بسبب موجة إنفلونزا".

وقالت منظمة هنجاو الحقوقية الكردية إن 50 على الأقل أُصيبوا اليوم الأربعاء في مدن سنندج وماريفان وسقز وديفانداره وبوكان ومهاباد في شمال غرب إيران حيث يعيش العديد من الأكراد الإيرانيين. وأضافت أن قوات الأمن أطلقت الناري في مدينتين.

وأظهرت مقاطع مصورة نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي حشودا تملأ الشوارع في العديد من المدن وأغلقت أسواق طهران وبعض المدن الأخرى وردد المحتجون هتاف "الموت لخامنئي".

وتحدث حساب 'تصوير1500'، على تويتر الذي يركز على الاحتجاجات الإيرانية وله أتباع يتجاوز عددهم 280 ألفا، عن "حملة قمع وحشية" ضد المتظاهرين في مواقع متعددة بطهران، بما في ذلك تجمع في جمعية طهران الطبية.

وأظهر مقطع فيديو على الحساب طلابا في جامعة طهران يفرون من مكان بينما سُمع دوي انفجار قوي.

وقال مسؤول إيراني سابق مؤيد للإصلاح إن انتشار الاحتجاجات فاجأ السلطات فيما يبدو ويتناقض مع تأكيدات المؤسسة بأن النظام الإسلامي يحظى بدعم ساحق.

وبينما يقول بعض المحللين إن آفاق بزوغ فجر وشيك لنظام سياسي جديد ضئيلة، يقول نشطاء إن جدار الخوف سقط وإن الطريق إلى ثورة جديدة لا يمكن قطعه.

ويلعب الطلاب دورا محوريا في الاحتجاجات، حيث تشارك عشرات الجامعات في الإضراب. كما تنضم مئات من تلميذات المدارس ويهتفن "الحرية، الحرية، الحرية" على الرغم من حملات القمع الشرسة من جانب قوات الأمن.