ميقاتي يغازل السعودية أملا في دعم أكبر وسط أزمة مالية طاحنة

نجيب ميقاتي يؤكد ان الرياض لم تترك بلاده في ازمتها وهي الى جانبه مشددا على أهمية اتفاق الطائف كركيزة أساسية بين القوى السياسية وذلك في خضم فراغ دستوري يمر به لبنان.
ميقاتي يريد دعما من الرياض مع فشل جهود بري للوساطة بين القوى السياسية
السفير السعودي يؤكد اهتمام بلاده بالحفاظ على أمن واستقرار لبنان وصون هويته

بيروت - أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، السبت، أن السعودية لم تترك لبنان وهي إلى جانبه، مشددا على أن "اتفاق الطائف له أهمية قصوى" ما يشير إلى ان ميقاتي يحث الرياض على لعب دور اكبر في خضم الأزمة الدستورية التي يمر بها لبنان.
ودخلت العلاقات اللبنانية السعودية مرحلة فتور بعد قطيعة دبلوماسية بسبب سياسات حزب الله والقوى المتحالفة معه قبل عودة السفير السعودي.
واضاف ميقاتي في تصريح صحفي خلال "المؤتمر الوطني في الذكرى الـ 33 لاتفاق الطائف" في بيروت، بدعوة من السفير السعودي لدى لبنان وليد البخاري أن "اتفاق الطائف له أهمية قصوى باعتباره ركيزة أساسية لإنهاء الحرب الأهلية في لبنان قبل نحو 30 عاما" وذلك وفق ما نقله المكتب الإعلامي لرئاسة الحكومة اللبنانية.
وتابع ميقاتي "لهذا اليوم رمزية مهمة جداً والحضور الكبير هنا يشير إلى تثبيت مضامين اتفاق الطائف الذي لا يزال الاتفاق الأصلح للبنان".
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 1989، وقع مسؤولون لبنانيون اتفاق الطائف في السعودية، الذي أنهى 15 عاما من الحرب الأهلية، ونُقلت بموجبه بعض صلاحيات رئاسة الجمهورية إلى مجلس الوزراء، وأضحت مراكز السلطة توزع مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، ووفق توزيع طائفي.
ويرى مراقبون ان الوضع السياسي المتازم في لبنان حاليا ليس اقل خطورة من الوضع الذي شهده البلد خلال سنوات الحرب اوالانقسام في 2008 فلبنان يمر بمرحلة من الفراغ الدستوري بعد قرار الرئيس ميشال عون في اللحظة الأخيرة بداية الأسبوع الجاري توقيع مرسوم قبول استقالة حكومة ميقاتي ورفض الأخير لهذه الخطوة كونها تدخل لبنان متاهة دستورية في خضم ازمة مالية.
ويبدو ان ميقاتي يسعى للحصول على دعم من الرياض خاصة مع فشل جهود رئيس البرلمان نبيه بري للوساطة بين مختلف القوى السياسية لاختيار رئيس توافقي ينهي الشغور في منصب الرئاسة.
من جهته، لفت السفير السعودي إلى أن "مؤتمر اتفاق الطائف يعكس اهتمام السعودية وقيادتها بالحفاظ على أمن لبنان ووحدته واستقراره وصون هويته"، وفق ما نقلت عنه وكالة الإعلام الرسمية اللبنانية.

ميقاتي يرفض انتقادات وجهت لاتفاق الطائف
ميقاتي يرفض انتقادات وجهت لاتفاق الطائف

وقال في كلمة له خلال المؤتمر: "نحن بأمسّ الحاجة إلى تجسيد صيغة العيش المشترك والحفاظ على هوية لبنان وعروبته" ما يشير الى ان الرياض تفكر في لعب دور اكبر على الساحة اللبنانية واستعادة دورها الذي كسبته فترة حكم رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري.
وأضاف البخاري: "فرنسا أكدت لنا أنه لن يكون هناك أي نية أو طرح لتغيير اتفاق الطائف".
وتدهورت العلاقات بين السعودية ولبنان في 29 أكتوبر/تشرين الأول من العام 2021 حيث استدعت المملكة سفيرها من بيروت وطلبت من السفير اللبناني مغادرة الرياض، على وقع تصريحات لوزير الإعلام اللبناني السابق جورج قرداحي حول حرب اليمن، لكن وزير الخارجية السعودي اعتبر يومها أن المشكلة تكمن "في استمرار هيمنة حزب الله على النظام السياسي" في لبنان.
ورغم عودة السفير السعودي في ابريل/نيسان الماضي لكن الرياض بقيت بمنأى عن الصراعات لكنها انتقدت بين الحين والاخر جر حزب الله وحلفاء إيران لبنان الى مأزق فيما يظهر ان ميقاتي يرغب بان تلعب السعودية دورا اكبر في خضم المتغيرات السياسية الأخيرة والتأكيد على اتفاق الطائف كإطار وحيد يحكم العلاقة بين القوى السياسية.
ومؤخرا، اتهم مسؤولون لبنانيون عون حليف جماعة "حزب الله"، بأنه حاول "الانقلاب" على اتفاق الطائف من خلال توقيع مرسوم قُبيل انتهاء ولايته فيما يؤكد محللون مقرّبون من عون، أنه "مارس صلاحياته الدستورية، وأن المشكلة تكمن بأن اتفاق الطائف لم يطبّق بشكل كامل".
ووفق خبراء فإن أبرز البنود التي لم تطبق بالاتفاق هي "إلغاء الطائفية السياسية"، و"إنشاء مجلس شيوخ"، و"اعتماد اللامركزية الإدارية".
والخميس، أوصى البرلمان اللبناني حكومة ميقاتي، بمواصلة مهام تصريف الأعمال وفق الأصول الدستورية حيث ينص الدستور على أن تتولى الحكومة صلاحيات رئيس البلاد، في حال تعثّر انتخاب رئيس جديد قبل نهاية ولاية الرئيس الحالي.
ويخيّم على الأوساط القانونية والسياسية في لبنان، خلاف بشأن تولّي الحكومة الحالية صلاحيات الرئيس، لأنها بحكم المستقيلة بموجب الدستور، منذ إجراء الانتخابات التشريعية في مايو/ أيار الماضي، لتتولى منذ ذلك الوقت مهامّ تصريف الأعمال لحين تشكيل حكومة جديدة.
ورأى مراقبون أن الهدف من خطوة عون كان "منع اجتماع حكومة تصريف الأعمال خلال فترة الفراغ الدستوري"، لا سيما أنها لم تتقدم باستقالتها لرئيس البلاد كي يقبلها أو يرفضها وبالتالي فان ايقاع لبنان في متاهة الفراغ الدستوري كان مخططا له.
وكلّف عون في يوليو/ تموز ميقاتي بتشكيل حكومة جديدة، بعد حصوله على أصوات 54 نائبا (من أصل 128)، لكن الأخير لم ينجح بذلك حتى اليوم جرّاء خلافات بين القوى السياسية.