لبنان يتقلب في عيد استقلاله الـ79 بين فراغ دستوري وأزمة طاحنة

لا مظاهر تشير إلى احتفال اللبنانيين بعيد الاستقلال الـ79 الذي يحل وسط شغور في الرئاسة وحكومة تصريف أعمال بلا صلاحيات وبرلمان مشتت وأزمة مالية طاحنة.

بيروت - يتزامن احتفال اللبنانيين بعيد استقلالهم الـ79 مع تواصل أسوأ أزمة اقتصادية وسياسية في تاريخ البلاد ومع شغور رئاسي بعد أن أخفق البرلمان في ست مناسبات في انتخاب رئيس للجمهورية خلفا لميشال عون الذي انتهت ولايته في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ولبنان ليس حديث عهد بمرور أعياده دون وجود رئيس فعقب انتهاء ولاية الرئيس الأسبق ميشال سليمان يوم 25 مايو/أيار 2014 عاشت البلاد أطول فترة شغور رئاسي تخطت عامين وخمسة أشهر لحين انتخاب الرئيس السابق ميشال عون في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2016.

وغياب أي ملامح  وساطة خارجية في البلد الذي اعتمد عليها عمقت الأزمة فطالما لعبت الدور الأكبر في إبرام صفقات لانتخاب الرئيس في البلد أو في تشكيل الحكومات وغيرها من القرارات المصيرية.

ويأتي الفراغ الرئاسي هذه المرة وسط انهيار اقتصادي صنفه البنك الدولي ضمن أسوأ ثلاث أزمات سجلت في التاريخ منذ أواسط القرن التاسع عشر واصفا إياه بأنه "الأكثر حدة وقساوة في العالم".
ويعاني لبنان منذ نحو 3 سنوات من أزمة اقتصادية غير مسبوقة أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية (الليرة) مقابل الدولار وشح في الوقود والأدوية وتدهور في القدرة الشرائية للمواطنين.

وغابت اليوم الأربعاء عن عيد استقلال لبنان طقوسه ومظاهر الاحتفال به وفقدت الأعلام اللبنانية التي جرت العادة أن تزين شوارع بيروت وغالبية المدن بالبلاد في حين يكاد يُجمع اللبنانيون على أن عيد الاستقلال باهت في ظل غياب القرار الوطني الجامع لبناء الوطن.

ويسود الإحباط المجتمع اللبناني الذي يقف على شفا انفجار اجتماعي بسبب فشل الطبقة السياسية الحاكمة في قيادة البلد لبر الأمان.

وتقول لبنانية في الـ50 من عمرها "كل عام نحتفل بالاستقلال لكننا لا نشعر به وكأنه كلام من دون فعل نحن لا نشعر فعلا بأننا مستقلون".
ويرى المواطن الستيني محمد زيدان أن الاستقلال "ناقص طالما انتخاب رئيس للبلاد يحصل نتيجة قرارات خارجية"، مضيفا أن "اللبنانيين يريدون أن يكون قرارهم بيدهم وأن يكون الانتماء للبنان".

ويعتبر اللبناني علي زين الدين أنه بالتزامن مع عيد الاستقلال هذا العام لا أمل لديه في تحسن الأوضاع في ظل وجود الطبقة السياسية الحاكمة حاليا.

ولا يختلف رأي المحللين عن رأي الشعب في ذكرى الاستقلال هذا العام كثيرا فيرى المحلل السياسي سركيس أبوزيد أن لبنان "مستقل شكليا ولا  وجود لشعور بوحدة وطنية حقيقية تشكل ضمانة للبلد"، مشيرا إلى أن "الحكومات التي تعاقبت بعد الاستقلال لم تستطع بناء دولة قوية تملك هوية واضحة وولاء وطني بل بقي لبنان بحالة مربكة يتأثر بأحداث المنطقة".
ويواجه لبنان حاليا أزمة حكم غير مسبوقة في ظل عدم وجود رئيس للبلاد وحكومة تصريف أعمال بلا صلاحيات بقيادة نجيب ميقاتي وبرلمان منقسم على خيارات عدة وانعدام.

ووفق الدستور اللبناني فإن مجلس النواب المؤلف من 128 مقعدا يتم تقسيمها بالتساوي بين الطوائف الإسلامية والمسيحية وغيرها من الطوائف، ينتخب الرئيس بالاقتراع السري. ومنذ انتهاء ولاية عون فشل البرلمان 6 مرات في انتخاب رئيس للبلاد على أن تكون الجلسة السابعة في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري وسط غياب أي آمال بالخروج من عقدة الرئاسة.

وكانت الانتخابات النيابية التي حصلت في مايو/أيار الماضي أفرزت مجلسا منقسما بحيث لا يستطيع أي فريق تشكيل أغلبية قادرة على بسط قراراتها، وذلك بعدما كانت الأكثرية المطلقة بيد حزب الله وحلفائه في برلمان عام 2018.
ويشير أبوزيد إلى أن إلى نتائج الانتخابات النيابية "أفرزت مجموعة كتل لا تستطيع أن تشكل أكثرية لوحدها"، موضحا أن الدلائل كلها تجمع على استحالة "الاتفاق على رئيس للبلاد قريبا" ومؤكدا أن التدخلات الخارجية لوضع لبنان على مسار سياسي مستقر هو ما يعول عليه الأغلبية، لكن هذا قد يزيد من الانقسامات الداخلية".

وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري قد حذر من أن لبنان "قد يستطيع أن يتحمل أسابيع لكنه لا يستطيع أن يتحمل أكثر من ذلك ولا يمكن أن يتحمل المواطنون مزيدا من التدهور" .