هل تنتج الصين سلالة استثنائية جديدة من كورونا؟

وسط تصاعد كبير لاصابات بعد انهاء سياسة 'صفر حالة'، انظار العلماء على البلد الاكبر في العالم من حيث عدد السكان خشية بروز سلالات جديدة أو "شيء مختلف"، عما عهدناه خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة.

واشنطن – يتصاعد قلق العلماء من ان تؤدي موجة غير المسبوقة من العدوى بفيروس كورونا المستجد التي تضرب الصين، الى انتاج سلالات جديدة أو "شيء مختلف"،  عما عهدناه خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة. 

ويتفشى الوباء بسرعة كبيرة بين سكان البلد الكثر عددا في العالم بـ1.4 مليار نسمة، منذ رفع التدابير الصحية الصارمة المتعلقة بسياسة "صفر كوفيد" قبل نحو أسبوعين والذي جاء نزولا عند رغبة المتظاهرين ضد عمليات الإغلاق الصارمة.

والأحد أعلنت اللجنة الوطنية للصحة في الصين أنها لن تنشر بعد الآن بيانات يومية عن عدد الإصابات والوفيات الناجمة عن "كوفيد-19"، وهي بذلك وضعت حدا للممارسة التي نشأت مطلع عام 2020 في بداية انتشار جائحة "كوفيد-19".

وجاء هذا القرار وسط مخاوف من أن لا تعكس الإحصاءات الرسمية بدقة ارتفاع حالات الإصابة بالفيروس التاجي المستجد في جميع أنحاء البلاد.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد عبرت عن قلقها بسبب تقارير عن انتشار إصابات خطيرة بعدوى الفيروس التاجي المستجدة في الصين، وخاصة في مدينتي باودينغ ولانغفانغ، حيث لم تعد أقسام العناية المركزة في المستشفيات تستوعب حالات الإصابات الخطرة.

واعترفت السلطات الصينية بأنه اصبح من الصعب تتبع تفشي المرض، بسبب إلغاء الاختبارات الجماعية الإلزامية. وقد أثار هذا التطور في انتشار المرض في الصين قلق بعض العلماء.

 وقال خبير الأمراض المعدية في جامعة جونز هوبكنز، ستيوارت كامبل راي، أن "الصين قد تكون هي المكان الذي نشهد فيه متغيرا جديدا، مع العدد الكبير من السكان والحصانة المحدودة". 

سارعت عمليات التطعيم في الأسابيع الأخيرة، بحسب لجنة الصحة الوطنية، حيث تم إعطاء ما مجموعه 23,5 مليون جرعة بين 8 و23 ديسمبر، مقارنة بـ 3.3 مليون خلال الأسبوعين الماضيين، أي ما يعادل سبعة أضعاف.

لكن اللقاحات المحلية، أثبتت أنها أقل فعالية ضد العدوى الخطيرة من اللقاحات الغربية التي تعتمد على تقنية الحمض النووي الريبي المرسال، كما أنه تم إعطاء الكثير منها منذ أكثر من عام، مما يعني أن المناعة قد تضاءلت.

وقال راي: "عندما نشهد موجات كبيرة من العدوى، غالبا ما يتبعها ظهور متغيرات جديدة". 

عندما نشهد موجات كبيرة من العدوى، غالبا ما يتبعها ظهور متغيرات جديدة

ومنذ حوالي ثلاث سنوات، انتشرت النسخة الأصلية من فيروس كورونا من الصين إلى بقية العالم، والتي تحولت إلى سلالة دلتا، ثم أوميكرون، التي نتج عنها متحورات فرعية أخرى لا تزال منتشرة حتى اليوم.

ويقول الخبير في الفيروسات في جامعة ولاية أوهايو الأميركية، شان لو ليو، إنه تم اكتشاف العديد من متغيرات أوميكرون الموجودة في الصين، بما في ذلك BF.7، والذي يصفه بأنه "بارع للغاية في التهرب من المناعة"، مشيرا إلى أنه يعتقد أن هذا المتحول هو الذي يقود موجة الإصابات المرتفعة الحالية. 

ويذكر أن معظم المتغيرات الفرعية من "أوميكرون" اكتشفت في الصين، من ضمنها BF.7 التي تتهرب من منظومة المناعة الطبيعية والمكتسبة بعد التطعيم. والشخص المصاب بهذا المتغير يمكنه نقل العدوى إلى 10 -18 شخصا. وللمقارنة يمكن للمصاب بمتحور "أوميكرون" نقل العدوى إلى خمسة أشخاص فقط. لذلك يعتقد أن هذه السلالة هي سبب ارتفاع الإصابات بـ "كوفيد-19" حاليا.

والمثير للقلق أن الخبراء يرون أنه لا يوجد سبب بيولوجي متأصل يجعل الفيروس أكثر اعتدالا بمرور الوقت، خاصة مع مناعة ضعيفة، مما يثير التساؤلات إن كان البديل الجديد المحتمل قد يسبب مرضا أكثر حدة. 

وقال راي: "الكثير من الاعتدال الذي شهدناه خلال الستة إلى الإثني عشر شهرا الماضية في أجزاء كثيرة من العالم كان بسبب المناعة المتراكمة إما من خلال التطعيم أو العدوى، وليس بسبب تغير في شدة الفيروس".

وفي الصين ، لم يتعرض معظم الناس أبدا لفيروس كورونا، كما تعتمد اللقاحات المحلية على تقنية قديمة تنتج أجساما مضادة أقل من لقاحات الحمض النووي الريبي المرسال.

وقد اعلن شو وينبو ، أحد المسؤولين في المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، أنه سيتم جمع عينات من الفيروس من المرضى الراقدين في أقسام العناية المركزة في ثلاث مستشفيات بكل مقاطعة، وكذلك من جميع المتوفين.

ووفقا له، بدأت الصين بإنشاء قاعدة وطنية للبيانات الجينية "لمراقبة ورصد تطور السلالات المختلفة في الوقت الفعلي" وآثارها المحتملة في الصحة العامة.