مصر تشدد من إجراءات ترشيد الإنفاق على وقع أزمة مالية

حزمة الضوابط لترشيد الإنفاق العام وصرف النقد الأجنبي تأتي في خضم تراجع كبير لقيمة الجنيه مقابل الدولار وانخفاض مقلق لرصيد مصر من العملة الصعبة.
الحكومة المصرية استثنت من هذه الضوابط 11 جهة وغرضا للصرف
الازمة الاقتصادية ستؤثر سلبا على العديد من المشاريع المتعلقة بالبنية التحتية في مصر
الحكومة المصرية ابطات وتيرة الاستثمار في المشروعات العامة

القاهرة - فرضت الحكومة المصرية، الإثنين، حزمة ضوابط جديدة لترشيد الإنفاق في جهات الموازنة العامة، مع استثناء 11 جهة وغرضا للصرف في خضم أزمة مالية واقتصادية تمر بها الدولة مع ارتفاع أسعار العديد من المواد الأساسية وغياب بعضها في السوق وارتفاع العجز التجاري وتراجع مقلق لقيمة الجنيه مقابل الدولار مع انخفاض الاحتياطي من العملة الصعبة فيما اقر صندوق النقد الدولي بان القاهرة التزمت بتعهداتها مقابل الحصول على دعم مالي.
ونشرت الجريدة الرسمية، الإثنين، قرارا لرئيس الحكومة مصطفى مدبولي يتضمن حزمة ضوابط لترشيد الإنفاق العام وصرف النقد الأجنبي حتى نهاية السنة المالية الحالية 2022-2023.
لكن الحكومة استثنت من هذه الضوابط 11 جهة وغرضا للصرف هي: وزارة الصحة والسكان والجهات التابعة، والجهات القائمة على تدبير السلع التموينية، والجهات القائمة على تدبير المواد البترولية والغاز ومشتقاتها.
كما استثنت وزارة الداخلية والجهات التابعة لها، ووزارة الدفاع والجهات التابعة لها، وديوان عام وزارة الخارجية، والفوائد وأقساط سداد القروض المدرجة بموازنات الجهات، والاعتمادات المدرجة بموازنات الجهات لعلاج العاملين وغير العاملين (مثل الطلبة) والإعانات التي تصرف للعاملين وغيرهم والمعاشات الضمانية.
كما تتضمن هذه الأغراض كافة المخصصات المالية المدرجة لدعم السلع التموينية، وأغذية العاملين وغيرهم المدرج لها اعتمادات بالجهات ذات الاختصاص، والمقابل النقدي للعاملين بالمناطق النائية.
وشملت ضوابط الترشيد تأجيل تنفيذ أي مشروعات جديدة لم يتم البدء في تنفيذها ولها مكون دولاري واضح، وتأجيل الصرف على أي احتياجات لا تحمل طابع الضرورة القصوى، مع ضرورة الحصول على موافقة وزارة المالية بالترخيص بالصرف فيما يخص أي تعاملات تتعلق بالنقد الأجنبي.
كما قررت الحكومة ترشيد كافة أعمال السفر خارج البلاد إلا للضرورة القصوى، وبعد موافقة رئيس الحكومة، أو في حالة تحمل الجهة الداعية لكافة تكاليف السفر، وبعد موافقة السلطة المختصة.
وسبق أن أعلنت مصر أكثر من مرة ضوابط لترشيد الإنفاق العام، وتحاول الحكومة ترشيد النفقات لتخفيف عجز الموازنة العامة وتقليل آثار الفجوة التمويلية، لاسيما بعد أن زاد من حدتها هبوط سعر صرف الجنيه بأكثر من 11.3 بالمئة خلال الأيام التسعة الأولى من العام الجاري، ليصل إلى 27.6 جنيها لكل دولار.
وبسبب الأزمة فرضت مصر قيودا على السحب من الحسابات الشخصية خارج مصر وهو ما مثل مشكلة كبيرة للجاليات في الخارج.
ولا يتجاوز الاحتياطي النقدي لدى القاهرة 33.5 مليار دولار، من بينها 28 مليار دولار ودائع من دول الخليج الحليفة. لكن ديون مصر الخارجية تضاعفت بأكثر من ثلاث مرات في السنوات العشر الأخيرة لتصل إلى 157 مليار دولار.
وفي بلد يستورد غالبية احتياجاته من الخارج وشهدت فيه أسعار الفائدة ارتفاعا بمقدار 8% في 2022، كان التأثير فوريا إذ بلغت نسبة التضخم 18.7%، وفق الأرقام الرسمية.
وتحاول الدولة المصرية وهي واحدة من خمس في العالم معرضة لأن تفقد القدرة على سداد ديونها وفق وكالة موديز، توفير أكبر قدر ممكن من الدولارات.
وقرض صندوق النقد الدولي الذي حصلت عليه مصر أخيرا " ثلاثة مليارات دولار تسدد على 46 شهرا"  ليس إلا قطرة في بحر خصوصا أن حزمة الدين التي يتعين على القاهرة سدادها خلال العام المالي 2022/2023 تبلغ 42 مليار دولار.

مصر التزمت أمام صندوق النقد بإبطاء مشروعات وزيادة أسعار الوقود
مصر التزمت أمام صندوق النقد بإبطاء مشروعات وزيادة أسعار الوقود

وأظهر تقرير لخبراء صندوق النقد صدر الثلاثاء أن مصر التزمت بمرونة العملة ودور أكبر للقطاع الخاص ومجموعة من الإصلاحات النقدية والمالية عندما توصلت إلى اتفاق على حزمة الدعم المالي.

وفي خطاب نوايا موجه إلى صندوق النقد الدولي بتاريخ 30 نوفمبر/تشرين الثاني، قالت الحكومة المصرية إنها طلبت الدعم بعد أن أدت الحرب في أوكرانيا إلى زيادة مواطن الضعف الحالية في ظل زيادة صعوبات الأوضاع المالية العالمية وارتفاع أسعار السلع الأولية.

ومن بين تعهدات الحكومة إبطاء وتيرة الاستثمار في المشروعات العامة، بما في ذلك المشروعات القومية، وذلك للحد من التضخم والحفاظ على العملة الأجنبية، دون تحديد المشروعات التي ستخضع لذلك حينها.

وأنفقت الحكومة بسخاء على البنية التحتية على مدى السنوات القليلة الماضية، بما في ذلك على بناء شبكة واسعة من الطرق والجسور، فضلا عن مدن جديدة. كما بدأت العمل في مشروع للسكك الحديدية فائقة السرعة ومحطة للطاقة النووية، تبلغ تكلفة كل منهما عشرات المليارات من الدولارات.

وبموجب خطاب النوايا، قالت مصر إنها ستسمح لأسعار معظم منتجات الوقود بالارتفاع حتى تتماشى مع آلية مؤشر الوقود في البلاد لتعويض التباطؤ في مثل هذه الزيادات خلال السنة المالية الماضية.

كما تعهدت بعدم التدخل في أسواق العملة الأجنبية لتحقيق الاستقرار أو لضمان سعر للصرف، إلا في حالات التقلب الشديد. وسُمح للجنيه المصري بالتقلب أكثر من ذي قبل منذ خفض قيمته للمرة الثالثة في أقل من عام الأسبوع الماضي.

كما وافقت مصر على تعزيز كفاءة سياستها النقدية من خلال التخلي عن معظم برامج الإقراض المدعوم، وضمان أن تظل أسعار الفائدة بين البنوك "مرتبطة ارتباطا وثيقا" بنطاق أسعار الفائدة الذي يقرره البنك المركزي.

وذكر الخطاب أن البنك الدولي سيغطي 1.1 مليار دولار من فجوة التمويل المتبقية لهذا العام البالغة 5.04 مليار دولار، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية 400 مليون دولار، والبنك الأفريقي للتنمية 300 مليون دولار، وصندوق النقد العربي 300 مليون دولار، وبنك التنمية الصيني مليار دولار، بينما ستغطي مبيعات الأصول العامة ملياري دولار.